الْفَوْرِ كَمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ، أَوْ الْعِتْقَ بِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَضَافَهَا لِلْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يُضِفْهَا لَهُ كَقَوْلِهِ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ تُشْتَرَطْ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ لَا تُشْتَرَطُ الْفَوْرِيَّةُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ قَالَ: إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ مَتَى شِئْت، أَوْ مَهْمَا شِئْت، وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ قَالَ: إذَا مِتّ وَدَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ اُشْتُرِطَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ هُنَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا وَجْهٌ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ.
(وَالْحَمْلُ) إذَا كَانَ (مَعْلُومًا لَدَاهُ) أَيْ: عِنْدَ التَّدْبِيرِ بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ التَّدْبِيرِ، أَوْ لِفَوْقِهَا، وَدُونَ فَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَأُمُّهُ خَلِيَّةٌ (يُلْحَقُ بِأُمِّهِ فِيهِ) أَيْ: فِي التَّدْبِيرِ، وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهِيَ مَرْدُودَةٌ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى خِلَافِهَا فَقَالَ، وَإِنْ كَانَ دَبَّرَهَا وَلَهَا حَمْلٌ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ مُدَبَّرًا، أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا زَادَ فَمُدَبَّرٌ، وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُزَنِيّ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ، وَلَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ يُخَالِفُهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا حَبِلَتْ بِهِ فِي حَالَةٍ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ، وَلَا سَبَبُهَا فَكَانَ كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَلَمْ يَطَّلِعْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى النَّصِّ. اهـ.
(وَمَعَهَا) أَيْ: الْمُدْبِرَةِ أَيْ: مَعَ عِتْقِهَا (يَعْتِقُ) حَمْلُهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْحَامِلَ، وَمِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ إذَا لَمْ يَنْفَصِلْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَهُ فَالْأَظْهَرُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا تَبَعِيَّةَ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ، وَكَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَدُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ الْحَمْلِ دُونَ أُمِّهِ، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْأُمَّ كَالْإِعْتَاقِ.
(وَبِزَوَالِ الْمِلْكِ) عَنْ الْمُدَبَّرِ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (قُلْ بِالْبُطْلِ) لِلتَّدْبِيرِ قَالُوا: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهَا.
(وَأَنْ يَزُلْ) أَيْ: الْمِلْكُ (عَنْ أُمِّهِ) أَيْ: الْمُدَبَّرِ وَهُوَ حَمْلٌ يُبْطِلُ التَّدْبِيرَ (لِلْحَمْلِ) سَوَاءٌ كَانَ مُدَبَّرًا بِتَبَعِيَّتِهَا أَمْ بِتَدْبِيرِهِ دُونَهَا، فَلَوْ بَاعَهَا دَخَلَ مَعَهَا فِي الْبَيْعِ، وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ (وَلَمْ يَعُدْ) أَيْ: التَّدْبِيرُ (إنْ عَادَ) الْمِلْكُ بَعْدَ زَوَالِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ
(وَالْإِيلَادِ) أَيْ: وَبِإِيلَادِهِ لِلْمُدَبَّرَةِ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ الْإِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ الدَّيْنُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَيَرْفَعُهُ الْأَقْوَى كَمَا يَرْفَعُ مِلْكَ الْيَمِينِ النِّكَاحُ، وَلَا يَرْفَعُ التَّدْبِيرَ الْإِيلَادُ بَلْ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْمُسْتَوْلَدَةَ
(لَا إنْ رَدَّ) السَّيِّدُ التَّدْبِيرَ بِالْقَوْلِ كَرَدَدْتهُ وَرَجَعْت فِيهِ وَفَسَخْته فَلَا يَبْطُلُ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (أَوْ أَنْكَرَهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُ شَخْصَيْنِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِإِنْكَارِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهَا فَإِنَّ مَنْفَعَتَهَا الْعُظْمَى تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ، وَلَا يَبْطُلُ بِالرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالرِّدَّةِ، وَلَوْ مِنْ السَّيِّدِ (أَوْ أَبْطَلَا وَارِثُهُ) التَّدْبِيرَ فَلَا يَبْطُلُ، وَإِنْ بَطَلَ بِإِبْطَالِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ، وَمَاتَ لَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ، وَإِنْ جَازَ لِلْمُوصِي بَيْعُهُ (مِثْلُ أَعِيرُوا بَعْدِيًّا ذَا) أَيْ: كَمَا لَا تَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ بِإِبْطَالِ الْوَارِثِ لَهَا فِي قَوْلِ مُوَرِّثِهِ: أَعِيرُوا عَبْدِي لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي (سَنَةً) مَثَلًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِّ وَعَطَفَ عَلَى لَا إنْ رَدَّ قَوْلَهُ: ٩ (وَلَا لِجَانٍ فَدَيَا) أَيْ: وَلَا إنْ فَدَى السَّيِّدُ الْمُدَبَّرَ الْجَانِيَ فَلَا يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ (وَلَا تُكَلِّفْ) أَنْتَ (وَارِثًا أَنْ يَفْتَدِي) أَيْ: أَنْ يَفْدِيَهُ حَيْثُ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ وَيَعْتِقَ مِنْ الثُّلُثِ وَأَنْ يُسَلِّمَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
عَلَى ضَابِطِ الْعِرَاقِيِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فَانْظُرْ قَوْلَ الْجَوْجَرِيِّ فَإِنَّ الدُّخُولَ فِي مِثْلِ هَذَا مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ مَعَ مَا فِي أَعْلَى الْهَامِشِ عَنْ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَقَدْ صَارَ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهَلْ يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ إنْ جُعِلَ تَدْبِيرًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَفَّى بِهِمَا) يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ وَفَّى بِالْأَرْشِ، وَبَعْضَ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِأَنَّهَا مَشِيئَةٌ فِي عَقْدِ التَّدْبِيرِ، وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ ذَكَرَا فِي الطَّلَاقِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ لَكِنْ قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ: يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا، وَمَا فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِمَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ فِعْلِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَالصِّفَةُ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ، وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ إلَخْ) لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْصُوصُ هُوَ الرَّاجِحُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الرَّاجِحُ الْمُخَرَّجُ كَمَا هُنَا فَإِنَّهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْحَامِلَ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ إلَخْ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيمَا لَوْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا زَادَ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَنْفَصِلْ إلَخْ) لِأَنَّ الْحَرَّةَ لَا تَلِدُ إلَّا حُرًّا.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ)