للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى سَيِّدِهِ كَذَا قَالَهُ النَّاظِمُ وَشَارِحُهُ كَالْحَاوِي وَشُرَّاحِهِ، وَالْوَجْهُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَنَّهُ لِلْمُكَاتَبِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ كَسَائِرِ الْأَكْسَابِ وَكَأَنَّ الْحَاوِيَ سَبَقَ قَلَمُهُ مِنْ قَتَلَ إلَى أَعْتَقَ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ بِلَا تَأَمُّلٍ.

(وَفَاسِدٌ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْكِتَابَةِ كَالصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكِتَابَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: صَحِيحَةٌ وَهِيَ مَا لَا خَلَلَ فِيهَا، وَفَاسِدَةٌ وَهِيَ الصَّادِرَةُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مِمَّنْ تَصِحُّ عِبَارَتُهُ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ لَكِنْ اخْتَلَّتْ صِحَّتُهَا لِفَسَادِ عِوَضِهَا كَخَمْرٍ وَمَجْهُولٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ عَيْنًا، أَوْ حَالًّا، أَوْ مُنَجَّمًا بِنَجْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ (كَشَرْطِهِ) عَلَى عَبْدِهِ (شِرَا) شَيْءٍ مِنْهُ، وَبَاطِلَةٌ وَهِيَ مَا لَمْ يَصْدُرْ فِيهَا عَقْدٌ مِنْ مَالِكٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ كَمَا ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (لَا بَاطِلٌ بِفَقْدِ عَقْدٍ صَدَرَا مِنْ مَالِكٍ كُلِّفَ مُخْتَارٍ بِمَا يَقْصِدُ) بِأَنْ يَعْقِدَهَا غَيْرُ مَالِكٍ مِنْ وَلِيٍّ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، أَوْ مُكْرَهٍ، أَوْ تُعْقَدُ بِمَا (لَا) يُقْصَدُ (كَالْحَشَرَاتِ وَالدِّمَا) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

وَقَوْلُهُ: (مِثْلُ الصَّحِيحِ) خَبَرٌ فَاسِدٌ أَيْ: وَالْفَاسِدُ مِنْهَا كَالصَّحِيحِ لَا الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالصَّحِيحِ بَلْ هُوَ لَاغٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ وَهُوَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ثَبَتَ مُقْتَضَاهُ (لَيْسَ) أَيْ: الْفَاسِدَةُ كَالصَّحِيحَةِ فِي أَشْيَاءَ لَا (فِي الْإِيصَاءِ) بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْفَاسِدَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَجْزٍ وَيَكُونُ فَسْخًا لَهَا، وَإِنْ ظَنَّ صِحَّتَهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَكَالْوَصِيَّةِ سَائِرُ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَالْإِعْتَاقِ لَا عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَيُجْزِئُهُ عَنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الظِّهَارِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ قَدْ يُدَّعَى انْدِرَاجُهَا فِي الْفَسْخِ الْآتِي بَيَانُهُ (وَ) لَا فِي (الْحَطِّ) ، أَوْ الْبَذْلِ لِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْحَطِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَ) لَا فِي (الْأَسْفَارِ) فَإِنَّهُ لَا يُسَافِرُ فِي الْفَاسِدَةِ بِلَا إذْنٍ لِعَدَمِ لُزُومِ عَقْدِهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ قَالَ أَئِمَّتُنَا: تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ إنْ خَلَا عَنْ الْمُعَاوَضَةِ بِأَنْ لَمْ يُذْكَرْ مَالٌ، أَوْ ذُكِرَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ كَقَوْلِهِ: إنْ أَدَّيْت لِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي عَقْدٍ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَاهَا وَهُوَ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَا الْعَبْدِ، أَوْ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَ) لَا فِي (الْإِبْرَاءِ) عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِهِ فِي الْفَاسِدَةِ، وَكَذَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ أَدَاؤُهُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ النُّجُومِ لِلسَّيِّدِ فِي مَحَلِّهَا فَلَوْ أَدَّاهَا لَهُ قَبْلَ مَحَلِّهَا، أَوْ لِوَكِيلِهِ، أَوْ وَارِثِهِ وَلَوْ فِي مَحَلِّهَا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ أَدَّيْت لِي، أَوْ لِوَكِيلِي، أَوْ وَارِثِي فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَدَّاهَا فِي مَحَلِّهَا (وَ) لَا فِي (الِاعْتِيَاضِ) عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِهِ فِي الْفَاسِدَةِ لِمَا قُلْنَاهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ، وَأَصْلِهِ هُنَا، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَسْتَوِي الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ، وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهُ جَائِزٌ (وَ) لَا فِي (انْفِسَاخِ مَا فَسَدْ) مِنْ الْكِتَابَةِ (بِفَسْخِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (أَوْ مَوْتٍ، أَوْ حَجْرٍ) بِسَفَهٍ (وَرَدْ) أَيْ: طَرَأَ (عَلَيْهِ، أَوْ جُنُونِهِ) ، أَوْ إغْمَائِهِ (وَالرَّدِّ) لِلْكِتَابَةِ أَيْ: فَسْخُهَا (مِنْ حَاكِمٍ) بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَيْهِ، ثُمَّ (يَسْأَلُ نَقْضَ الْعَقْدِ) فَيَحْصُلُ الِانْفِسَاخُ بِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْفَاسِدَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ كُلًّا مِنْ الْفَسْخِ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ هُوَ الَّذِي خَالَفَتْ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ، بِخِلَافِهِ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا عَلَى اضْطِرَابٍ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي الْفَسْخِ لَكِنْ جُنُونُهُ فِيهَا إنَّمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ لَا الِانْفِسَاخَ كَمَا مَرَّ وَإِذَا انْفَسَخَتْ

ــ

[حاشية العبادي]

بِذِمَّتِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ ح ج

(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَكْسَابِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْسَابِ.

(قَوْلُهُ: كَالْحَشَرَاتِ وَالدِّمَا) كَذَا مَثَّلَ بِهِ فِي الرَّوْضِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ ذَكَرَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي: إنْ أَدَّيْت لِي أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا وَأَنْ لَا عَتَقَ الْعَبْدُ وَكَسْبُهُ الْمَاضِي أَيْ: الْحَاصِلُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِلسَّيِّدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَفْسَخُهُ) أَيْ: السَّيِّدُ إذْ لَهُ ذَلِكَ فِيهَا فَقَطْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ أَيْ: أَصْلِ الْإِرْشَادِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتٍ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَجْرٍ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بِسَفَهٍ) أَيْ: لَا فَلَسٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَوْ جُنُونِهِ، أَوْ إغْمَائِهِ) فِيهَا الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى السَّيِّدِ فِي قَوْلِهِ: أَيْ السَّيِّدِ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّضَبُّبُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّدُّ مِنْ حَاكِمٍ) وَحَذَفَ أَيْ: الْإِرْشَادُ قَوْلَهُ أَصْلُهُ وَرَدَّهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ اسْتِقْلَالَهُ بِرَدِّ الْعَقْدِ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّ السَّيِّدَ يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ حَجَرٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَاوِيَ أَرَادَ مُجَرَّدَ صِحَّةِ فَسْخِ الْقَاضِي بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَيْهِ، وَطَلَبِ فَسْخِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ مَرْجِعُهُ الِانْفِسَاخُ السَّابِقُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: لَكِنْ جُنُونُهُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ تَنْفَسِخُ بِجُنُونِ الْعَبْدِ، وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ الْعِنَايَةُ بِأَنْ يَجْعَلَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْحُكْمَ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ أَيْ: حُكْمُ الْفَاسِدَةِ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا مِنْ انْفِسَاخٍ، أَوْ عَدَمِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: لَكِنْ جُنُونُهُ إلَخْ لَا مَعْنَى لَهُ بِرّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جُنُونُهُ فِيهَا إلَخْ) اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الصَّحِيحَةِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ، وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَأَقُولُ: مِمَّا يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فِي الْفَاسِدَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَمَا فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ ثَابِتَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا دَفَعَ وَسَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>