الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» لَكِنَّ الْمُؤَدَّاةَ مُنْعَقِدَةٌ لِوُقُوفِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَكَوْنُهَا قَدْ تَجِبُ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهَا فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ مُرَاغِمٌ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُقْتَضِي عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَمَّا مُدَاوَمَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا سَيَأْتِي فَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا الدَّاخِلُ سِوَى نِيَّةِ التَّحِيَّةِ بِأَنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ غَيْرِهَا كَاعْتِكَافٍ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا أَوْ لَا بِنِيَّةِ شَيْءٍ، فَلَا تُكْرَهُ لَهُ، بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وَخَرَجَ بِمَا لَا سَبَبَ لَهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ فَائِتَةٌ وَلَوْ نَافِلَةً اتَّخَذَهَا وِرْدًا وَكَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ مُقَارِنٌ كَفَرِيضَةٍ مُعَادَةٍ فِي جَمَاعَةٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ، فَلَا تُكْرَهُ أَمَّا الْفَائِتَةُ فَلِخَبَرِ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ» وَفِي مُسْلِمٍ «لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» .
وَأَمَّا غَيْرُ الْفَائِتَةِ مِمَّا ذُكِرَ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَمَسْأَلَةُ التَّحِيَّةِ زَادَهَا النَّاظِمُ، وَسَبَبُهَا وَهُوَ الدُّخُولُ مُتَقَدِّمٌ فَهِيَ عِنْدَ دُخُولِهِ بِنِيَّتِهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ كَالْفَائِتَةِ الَّتِي تَحَرَّى تَأْخِيرَهَا لِذَلِكَ الْوَقْتِ
(وَالْحَرَمُ الْمَكِّيُّ) الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ أَيْ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ بِالْكَرَاهَةِ (اُسْتُثْنِيَا) لِخَبَرِ «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ، فَلَا يُكْرَهُ بِحَالٍ نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأُولَى
ــ
[حاشية العبادي]
الَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ نَفْسِ الْفِعْلِ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْ التَّحَرِّي عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَأَتَى بِهَا لَا بِنَاءً عَلَى التَّحَرِّي، بَلْ لِدَاعِي طَلَبِهَا فَالْوَجْهُ انْتِفَاءُ الْحُرْمَةِ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ مَعَ أَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ فَكَيْفَ صَحَّتْ وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْمَانِعَ الدُّخُولُ بِقَصْدِهَا فَقَطْ فَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَبِيلِ وُجُودِ الْمُقْتَضِي فَقَطْ
(قَوْلُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ وَقِسْمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ ح ج (قَوْلُهُ مُعَادَةٍ فِي جَمَاعَةٍ) هَلْ السَّبَبُ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ وَكُسُوفٍ) سَبَبُهُ الْكُسُوفُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقَارَنَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى هَذَا قَدْ يَتَقَدَّمُ (قَوْلُهُ أَمَّا الْفَائِتَةُ) فَلِخَبَرِ «فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فِي هَذَا الدَّلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ، وَقَدْ عَارَضَهُ خَاصٌّ، وَهُوَ حَدِيثُ النَّهْيِ سَلَّمْنَا أَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ أَيْضًا عَامٌّ فِي ذَلِكَ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَارَضَهُ هَذَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ السَّبَبِ لَكِنْ لِمَاذَا قَدَّمَ تَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيَ دُونَ عَكْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ رُجِّحَ لَمَّا دَخَلَ حَدِيثُ النَّهْيِ مِنْ التَّخْصِيصِ بِحَدِيثِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى فِعْلِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِرّ (قَوْلُهُ مُتَقَدِّمٌ) إطْلَاقُ تَقَدُّمِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقَدُّمَ وَغَيْرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ تَمْثِيلَهُ لِلْمُقَارَنَةِ بِنَحْوِ الْكُسُوفِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ فَفِي كَلَامِهِ اضْطِرَابٌ
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ إلَخْ) إذَا حَقَّقْت النَّظَرَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَدَّاةِ التَّأْخِيرُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ) وَكَانَ قَدْ اشْتَغَلَ عَنْهُمَا بِقُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُمَا بِعُذْرِ النَّوْمِ. اهـ. بَابِلِيٌّ (قَوْلُهُ فَمِنْ خَصَائِصِهِ) أَيْ خُصَّ بِإِبَاحَةِ ذَلِكَ لَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ بِنَدْبِهِ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ، فَلَا يَجْلِسُ وَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُلُوسَ مَانِعٌ، وَلَوْ لِلْوُضُوءِ (قَوْلُهُ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ، فَقَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَافِلَةً اتَّخَذَهَا إلَخْ) فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهَا اهـ (قَوْلُهُ وَكَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ) أَيْ لَمْ يَقْرَأْ آيَتَيْهِمَا لِيَسْجُدَ. اهـ. م ر وَفِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ وَسَجْدَةِ شُكْرٍ خَرَّجَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَإِنْ قَرَأَ بِقَصْدِهَا، فَلَا تُسَنُّ وَتَنْعَقِدُ اهـ فَحَرِّرْ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَارِنٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ، وَالسَّبَبُ قَصْدُ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ، وَجَعْلُ الْكُسُوفِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُقَارِنِ وَإِنْ كَانَا مِنْ الَّذِي تَقَدَّمَ ابْتِدَاءً سَبَبُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا هِيَ لِهَذَا الْمَوْجُودِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ امْتَنَعَتْ، وَأَمَّا الْمَطْلُوبُ بَعْدَ السُّقْيَا فَإِنَّمَا هُوَ لِلشُّكْرِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ زَالَ حِينَ التَّحَرُّمِ بِهَا امْتَنَعَتْ، إذْ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِالِانْجِلَاءِ (قَوْلُهُ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) أَيْ وَإِنْ تَحَرَّى فِعْلَهُمَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَاحِبَةُ وَقْتٍ، كَسُنَّةِ الْعَصْرِ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهَا عَنْهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا) الصَّارِفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ الْوُجُوبِ فَوْرًا حَدِيثُ الْوَادِي وَفِي كَوْنِهِ صَارِفًا بِحَيْثُ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ. اهـ. عَمِيرَةُ سم
(قَوْلُهُ وَصَلَّى)
أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَمَا هُوَ مُفَادُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْبَيْتِ اهـ (قَوْلُهُ أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ) يَشْمَلُ الصَّلَاةَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ بِالْحَرَمِ، وَلَوْ غَيْرَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ فَضْلٌ مَخْصُوصٌ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى) وَلَا يُنَافِي انْعِقَادُهَا حِينَئِذٍ عَدَمَ انْعِقَادِ