فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ»
؛ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ، وَقَدْ فَاتَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَيُؤَذِّنُ لَهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَسَارُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ» وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْخَنْدَقِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ عَلَى أَنَّ فِي خَبَرِ الْخَنْدَقِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا «فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ» وَأَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اخْتِلَافِ الْخَبَرَيْنِ بِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ جَرَيَتَا فِي أَيَّامِ الْخَنْدَقِ فَإِنَّهَا كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَفِي الْإِمْلَاءِ إنْ أَمَلَ جَمَاعَةٌ يُصَلُّونَ مَعَهُ أَذَّنَ وَإِلَّا، فَلَا فَالْأَذَانُ فِي الْجَدِيدِ حَقٌّ لِلْوَقْتِ وَفِي الْقَدِيمِ لِلْفَرِيضَةِ وَفِي الْإِمْلَاءِ وَهُوَ مِنْ الْجَدِيدِ أَيْضًا لِلْجَمَاعَةِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ كَمَا سَيَأْتِي السُّنَّةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ، فَلَا أَذَانَ لِشَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ وَبِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ الْخُنْثَى، فَلَا يُسَنُّ الْأَذَانُ لِفَرْضِهِمَا لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ مِنْ رَفْعِ صَوْتِ الْمَرْأَةِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الْخُنْثَى
قَالَ الشَّيْخَانِ: فَلَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ بِرَفْعِهِ فَوْقَ مَا تَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا حَرُمَ انْتَهَى وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَاسْتُشْكِلَ تَحْرِيمُ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْأَذَانِ بِجَوَازِ غِنَائِهَا وَاسْتِمَاعِ الرَّجُلِ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَالْأَذَانَ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ وَلَوْ جَوَّزْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ بِاسْتِمَاعِ مَا تُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، بَلْ يُكْرَهَانِ أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ) أَيْ فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ حَرُمَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ الرَّفْعِ تَشْبِيهًا بِالرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الرِّجَالِ وَلَمَّا كَانَ الْأَذَانُ ذِكْرًا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ جِهَةُ الْأَذَانِ وَلَمْ يَظْهَرْ التَّشْبِيهُ إلَّا مَعَ الرَّفْعِ الَّذِي هُوَ شَأْنُهُ وَحَقُّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ) أَيْ لِجَهْلِهِ الْحَالَ
ــ
[حاشية الشربيني]
صَلَّى فُرَادَى أَوْ جَمَاعَةً سَوَاءٌ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّخْصِيصِ بِالْخُصُوصِ ثُمَّ وَجَدْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا حَاصِلُهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِالْخُصُوصِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْإِعْلَامُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَوَقْتُ الْعِشَاءِ بَاقٍ لَمْ يَفُتْ، إذْ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ لَا تَسْتَغْرِقُ اللَّيْلَ اهـ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْأَذَانِ لِلْعِشَاءِ لَيْسَ لِخُرُوجِ وَقْتِهَا بَلْ لِتَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ اهـ (قَوْلُهُ فَصَنَعَ إلَخْ) هَذِهِ كَالنَّتِيجَةِ لِمَا قَبْلُ.
(قَوْلُهُ حَقٌّ لِلْوَقْتِ) فَلَوْ جَمَعَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا أَوْ الظُّهْرَ مَعَ الْعَصْرِ تَأْخِيرًا أَذَّنَ فِي وَقْتِ الْمُقَدَّمَةِ أَوْ الْمُؤَخَّرَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَعَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ صَيَّرَ وَقْتَهَا وَقْتَ مَا فُعِلَتْ مَعَهُ اهـ. حَجَرٌ بخ (قَوْلُهُ وَفِي الْإِمْلَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ أُقِيمَتْ الْفَائِتَةُ جَمَاعَةً سَقَطَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ اهـ. (قَوْلُهُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْوَاجِبَ، وَإِلَّا دَخَلَ الْجِنَازَةُ وَالْمَنْذُورَةُ اهـ (قَوْلُهُ أَيْضًا الْمَكْتُوبَاتِ) هَلْ تَدْخُلُ الْمُعَادَةُ تَرَدَّدَ فِيهَا كَلَامُ ع ش وَاخْتَارَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَهَا إنْ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى اهـ (قَوْلُهُ الْأَذَانُ) أَمَّا الْإِقَامَةُ فَتُسَنُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ. اهـ. رَوْضَةٌ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ
(قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ وَالْمَعْنَى الْمُحَرَّمُ فِيمَا إذَا رَفَعَتْ صَوْتَهَا فَوْقَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي مَوْجُودٌ هُنَا مَعَ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ فِي الْحَالَيْنِ، وَلَوْ عَلَّلَ بِالتَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الرَّفْعِ انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ) فَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ حِينَئِذٍ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ حَرُمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَصَدَتْ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَكَانَ ذِكْرًا لِلَّهِ) أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابُ الْأَذَانِ الْمَخْصُوصِ بِهِ. اهـ. عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ حَرُمَ) الْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ فَفِي رَفْعِ صَوْتِهَا بِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ، وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ حَرُمَ) قَالَ زي، وَلَوْ خَلَفَ الْمُسَافِرُ وَعِنْدَ نُفُورِ الْغَيْلَانِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى) وَلَوْ اجْتَمَعَ خَنَاثَى فَأَذَّنَ وَاحِدٌ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ أَنَّ فِيهِمْ أَجْنَبِيًّا سم، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ وُجُودُ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) الْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً بِمَحَلٍّ لَا رَجُلَ فِيهِ وَلَا قَرِيبٍ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِاسْتِمَاعِ) أَيْ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لِسَنِّ النَّظَرِ لِلْمُؤَذِّنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا أَذَانًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ السَّامِعَ قَدْ لَا يَعْرِفُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا امْرَأَةٌ وَلَا يَحْرُمُ رَفْعُ صَوْتِهَا بِالتَّلْبِيَةِ لِاشْتِغَالِ كُلٍّ بِتَلْبِيَتِهِ وَلَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ