للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَذَانَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ لَا تُسَنُّ إجَابَتُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ» وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَلَوْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ فَالظَّاهِرُ تَدَارُكُهُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ، قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهَا لَا تُسَنُّ نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ التَّوْشِيحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَصْلَ الْفَضِيلَةِ فِي الْإِجَابَةِ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكَّدٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَجَابَ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ، إلَّا أَذَانَيْ الصُّبْحِ، فَلَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى وَلَوْ سَمِعَ بَعْضَ الْأَذَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجِيبَ فِيمَا سَمِعَهُ فَقَطْ وَأَنْ يُجِيبَ فِي الْجَمِيعِ

(وَلَوْ تَلَا) السَّامِعُ الْقُرْآنَ فَيَقْطَعُهُ وَيُجِيبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي وَلَوْ نَفْلًا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُجِيبَ فِي صَلَاتِهِ، بَلْ تَبْطُلُ إنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ الْحَيْعَلَتَيْنِ أَوْ " بِالصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " أَوْ بِصَدَقْتَ وَبَرَرْتَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامُ آدَمِيٍّ، نَعَمْ يُنْدَبُ أَنْ يُجِيبَ عَقِبَ الْفَرَاغِ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَكَتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَيُجِيبُ الْمُجَامِعُ وَقَاضِي الْحَاجَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (وَقَالَ) السَّامِعُ (إذْ حَيْعَلَ) الْمُؤَذِّنُ أَيْ وَقْتَ حَيْعَلَتِهِ (لَا حَوْلَ وَلَا) قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَرْبَعًا أَيْ لَا حَوْلَ لِي عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَا قُوَّةَ لِي عَلَى مَا دَعَوْتَنِي إلَيْهِ إلَّا بِك، وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ لِلصَّلَاةِ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ التَّثْوِيبِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ.

وَأَنْ يُصَلِّيَ كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْأَذَانِ ثُمَّ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ» وَأَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِي، وَمِنْ أَذَانِ الصُّبْحِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك إلَى آخِرِهِ، وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ فَرَاغِهِ فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَإِنْ قَالَهُ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا يُجِيبُهُ السَّامِعُ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ قِيَاسًا لَهُ عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ قَالَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُ إلَخْ) أَفْهَمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُجِيبُ السَّامِعُ، وَلَوْ لِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ وَيُمَيِّزْ كَلِمَاتِهِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: يُجِيبَ فِي الْجَمِيعِ) يُؤَيِّدُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي التَّرْجِيعِ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَبْطُلُ إلَخْ) بِخِلَافِ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَبْطُلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) وَكَذَا كُلٌّ مِنْ الْمُقِيمِ وَسَامِعِهِ وَمُسْتَمِعِهِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالسَّامِعِ وَالْمُسْتَمِعِ) ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُقَارَنَتُهُ وَلَا سَبْقُهُ بِفَرَاغِ الْكَلِمَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا بِبَقِيَّةِ الْإِجَابَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَذَانِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ (مِثْلَ مَا يَقُولُ دُونَ مِثْلِ مَا يَسْمَعُ) . اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لَوْ عَلِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ لَوْ سَمِعَ بَعْضَهُ أَجَابَ فِيهِ، وَفِيمَا لَا يَسْمَعُهُ تَبِعَ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ م ر: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ قَالَ ع ش سَوَاءٌ كَانَ مَا سَمِعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخِرِ اهـ. وَلَوْ لَحِنَ لَحْنًا مُحَرَّمًا، وَهُوَ مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى سُنَّ إجَابَتُهُ أَيْضًا لِوُجُودِ أَلْفَاظِهِ وَإِنْ ضَمَّ إلَيْهَا غَيْرَهَا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ سم (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ) خَرَجَ مَا إذَا سَمِعَ صَوْتًا لَمْ يَفْهَمْهُ فَإِنَّهُ يُجِيبُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. حَجَرٌ اهـ. سم (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ) لَكِنْ سَمِعَ الْأَذَانَ أَوْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا إلَخْ) وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنَيْنِ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ أَيْ إجَابَةُ وَاحِدَةٍ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ أَتَوْا بِهَا بِحَيْثُ تَقَعُ إجَابَتُهُ مُتَأَخِّرَةً أَوْ مُقَارِنَةً بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأَخُّرِ الْإِجَابَةِ اهـ. م ر وع ش مَعَ زِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ، بَلْ تَبْطُلُ) أَيْ إنْ كَانَ عَالِمًا وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ إنْ أَتَى بِشَيْءٍ إلَخْ) بِخِلَافِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا، بَلْ تَبْطُلُ إنْ أَتَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَيْعَلَةَ مِنْ الْإِجَابَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ الْإِجَابَةِ إلَى غَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: إذْ حَيْعَلَ) لَعَلَّ الْمَعْنَى، إذْ فَرَغَ مِنْهَا كَمَا فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا يَلِيقُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَلَوْ قَالَهُ الْمُجِيبُ لَكَانَ دَاعِيًا لَا مُجِيبًا اهـ (قَوْلُهُ وَبَرِرْت) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَحَكَى فَتْحَهَا م ر (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ) لَوْ قَالَ لِوُرُودِ خَبَرٍ فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ الْمُنَاسَبَةُ لَا تُثْبِتُ السُّنِّيَّةَ اهـ (قَوْلُهُ الْوَسِيلَةَ) هِيَ غُرْفَةٌ فِي الْجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ يَسْكُنُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْفَضِيلَةَ) حَذَفَ كَالْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ. اهـ. م ر وَكَذَا لَا أَصْلَ لِخَتْمِهِ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَوْ " إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ " (قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ إلَخْ) فَلَوْ جَاءَ بِذَلِكَ بَدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>