الْمُرَتَّبِ بَنَى وَهَذَا إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَبِكَلَامِ النَّاسِ. وَاسْتُشْكِلَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ الْعَمْدِ بِالْوُضُوءِ وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطَ الْإِعْجَازِ كَمَا مَرَّ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ فَجُعِلَ قَصْدُ التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّورَةِ. وَقَضِيَّتُهُ إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ بِالْأَذَانِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (أَوْ كَبَعْضِهَا) أَيْ: الْحَمْدِ (وَالْمُورَدِ بَدِيلَ بَعْضِ الْحَمْدِ) الَّذِي لَا يُحْسِنُهُ فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا إجْرَاءً لِلْبَدَلِ مَجْرَى الْمُبْدَلِ فَلَوْ حَفِظَ أَوَّلَهَا فَقَطْ أَخَّرَ الذِّكْرَ عَنْهُ أَوْ آخِرَهَا فَقَطْ قَدَّمَ الذِّكْرَ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ بَعْضِهَا الَّذِي لَا يُحْسِنُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُكَرِّرَ مَا يُحْسِنُهُ فِيهَا بِقَدْرِهَا إذْ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَجِبُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ وَقَدْ «أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَمْدُ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ الْبَسْمَلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حِفْظُهُ لَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَقْدِيمِهَا؟ قُلْت: الْخَبَرُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَنَّ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " بَعْضُ آيَةٍ وَسَيَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ (لَا التَّشَهُّدِ) فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْجِزٍ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ نَعَمْ إنْ أَخَلَّ بِالْمَعْنَى فَكَمَا مَرَّ فِي الْحَمْدِ (وَلَا السَّلَامِ) لِأَنَّ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ يُسَمَّى سَلَامًا بِخِلَافِ أَكْبَرُ اللَّهُ كَمَا مَرَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي الْفَرْقِ نَظَرٌ وَلَا الْقُنُوتُ فِيمَا يَظْهَرُ كَالتَّشَهُّدِ.
(وَلِعَجْزٍ) عَنْ نُطْقِهِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ (تَرْجَمَا) بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ وَتَعَيَّنَتْ تَرْجَمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِ لِأَدَائِهَا مَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ عَجْزُهُ لِخَرَسٍ وَنَحْوِهِ أَتَى بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ تَحْرِيكِ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَجَعْلُ قَصْدِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِأَنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ الْبِنَاءُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي فِي ذَلِكَ مُرَادُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْأَذَانِ إلَخْ) أَيْ: فَيَصِحُّ فِيهِ الْبِنَاءُ وَإِنْ قَصَدَ التَّكْمِيلَ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْرُ الْبَسْمَلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بِخِلَافِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ) لَكِنْ قَضِيَّةُ الرَّوْضَةِ خِلَافُ مَا يَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَتْ تَرْجَمَتُهُ) هَذَا يُشْعِرُ بِإِمْكَانِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَرْجَمَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَحْوُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: أَتَى بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ تَحْرِيكِ لِسَانِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ أَوْ عَقَلَ الْإِشَارَةَ إلَى الْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحْسِنُ التَّحْرِيكَ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ فَهُوَ كَنَاطِقٍ انْقَطَعَ صَوْتُهُ فَيَتَكَلَّمُ بِالْقُوَّةِ وَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ أَمَّا غَيْرُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَأَوْجَبُوا تَحْرِيكَهُ عَلَى
[حاشية الشربيني]
نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ فَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ بِأَنْ قَدَّمَ حَرْفًا عَلَى آخَرَ أَوْ آيَةً عَلَى أُخْرَى نُظِرَ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى ضَرَّ مُطْلَقًا وَبَطَلَتْ مَعَ التَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ إلَخْ. مَا هُنَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ قَوْلُهُ: ضَرَّ مُطْلَقًا أَيْ: لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ مَا قَدَّمَهُ وَمَا أَخَّرَهُ. اهـ. شَيْخُنَا الدَّمْهُوجِيُّ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ إلَخْ) مَنَعَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ بِلَفْظِ اللَّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِالْحُكْمِ) لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يُؤَخِّرَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَارِدِ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْرِفَةَ الْبَعْضِ الْقَلِيلِ لَا تُوجِبُ الْبُدَاءَةَ بِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَعْضِ الْقَلِيلِ وَالْبَعْضِ الْكَثِيرِ كَمَا قَالَهُ م ر لَكِنْ هَذَا جَوَابٌ آخَرُ وَالْكَلَامُ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَكْبَرُ اللَّهُ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا عِنْدَ الْعَرَبِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَإِنْ كُرِهَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى تَسْلِيمًا لِانْتِظَامِهِ وَاعْتِبَارِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ سَبَبَ نَفْيِ التَّسْمِيَةِ عَنْ الْأَوَّلِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَثُبُوتُهَا لِلْأَوَّلِ يَعْنِي: اللَّهُ الْأَكْبَرُ اعْتِبَارُ النُّطْقِ بِهِ هَكَذَا فِي كَلَامِهِمْ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إنْ كَانَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ يُسَمَّى تَسْلِيمًا فَهَذَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ تَأْخِيرَ أَكْبَرُ يَمْنَعُ الْإِلْبَاسَ فِيهِ لِوُقُوعِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا يُعَيِّنُ حَمْلَهُ عَلَى الْمَعْنَى اللَّائِقِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ حِينَئِذٍ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْأَبْلَغِيَّةِ فِي الْجِسْمِ وَنَحْوِهِ مِنْ صِفَاتِ الْحَادِثِ قَبْلَ ذِكْرِ الْجَلَالَةِ فَكَانَ قَبْلَهَا مُلْبِسًا وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّلَامِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَرْجَمَتُهُ أَوْلَى مَا يُجْعَلُ بَدَلًا عَنْهُ لِأَدَائِهَا مَعْنَاهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ هُنَا، تَدَبَّرْ. وَفِي شَرْحِ م ر إنَّ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ يُقَدَّمُ عَلَى تَرْجَمَةِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَهُمَا اهـ. ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute