للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْوَالٌ أَصَحُّهَا فِي دَقَائِقِ الْمِنْهَاجِ مِنْ الْحُجُرَاتِ قَالَ ابْنُ مَعْنٍ: وَطِوَالُهُ إلَى عَمَّ وَمِنْهَا إلَى الضُّحَى أَوْسَاطُهُ وَمِنْهَا إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ قِصَارُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأَوَّلِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: ١] قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلَ الْبَقَرَةِ فَلَوْ خَالَفَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْمُتَنَفِّلُ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدٍ سُنَّ لَهُ السُّورَةُ كُلَّ رَكْعَةٍ وَإِنْ أَتَى بِتَشَهُّدَيْنِ فَفِيهِ خِلَافُ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْفَرْضِ.

(لَا لِمَنْ يَأْتَمُّ) أَيْ: سُنَّ سُورَةٌ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لَا لِلْمَأْمُومِ. (أَنْ يَسْمَعَ) قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا} [الأعراف: ٢٠٤] وَلِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهَا خَلْفَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ سُنَّ لَهُ السُّورَةُ إذْ لَا مَعْنَى لِسُكُوتِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ أَوْ عَكَسَ اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ الْمَشْرُوعِ

(وَ) سُنَّ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ (فِي) رَكْعَتَيْ (الصُّبْحِ عَلَنْ) أَيْ: جَهْرٌ بِالْقِرَاءَةِ (كَالْأُولَيَيْنِ مِنْ عِشَاءَيْنِ) أَيْ: كَمَا يَجْهَرُ نَدْبًا فِي أُولَيَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ فِي الْإِمَامِ وَلِلْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْمُنْفَرِدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَى الْجَهْرِ لِتَدَبُّرِ الْقِرَاءَةِ بَلْ الْمُنْفَرِدُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَدَبُّرًا لَهَا لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ غَيْرِهِ بِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَتَرْدِيدِهَا لِلتَّدَبُّرِ أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسِرُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاسْتِمَاعِ وَلِئَلَّا يُهَوِّشَ عَلَى الْإِمَامِ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْجَهْرُ وَيَجُوزُ فِي عَلَنٍ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعَلَانِيَةُ خِلَافُ السِّرِّ يُقَالُ عَلَنَ الْأَمْرُ يَعْلِنُ عُلُونًا وَعَلِنَ بِالْكَسْرِ يَعْلَنُ عَلَنًا وَأَعْلَنْتُهُ أَنَا أَظْهَرْتُهُ. (وَفِي غَيْرٍ) أَيْ: غَيْرِ الصُّبْحِ وَأُولَيَيْ الْعِشَاءَيْنِ. (سِوَى الْجُمُعَةِ فَلْيَقْرَأْ) أَيْ: الْمُصَلِّي. (خَفِيَ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: سِرًّا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ وَسَوَاءٌ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ أَوْ يُسِرُّ. (قَضَاهُ أَوْ أَدَّاهُ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لَكِنْ يَكُونُ جَهْرُهُ نَهَارًا دُونَهُ لَيْلًا وَهَذَا وَجْهٌ فِي الْجَهْرِيَّةِ الْمَقْضِيَّةِ فِي وَقْتِ السِّرِّيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: الْأَكْثَرُ) وَمِنْهُمْ الشَّيْخَانِ. (فِي فَائِتٍ وَقْتَ الْقَضَاءِ اعْتَبَرُوا) فَإِذَا قَضَى جَهْرِيَّةً فِي وَقْتِ سِرِّيَّةٍ أَسَرَّ أَوْ بِالْعَكْسِ جَهَرَ وَيُكْرَهُ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَخَرَجَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ بِعَدَمِ النَّدْبِ فَهُوَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالظَّاهِرِ، وَإِطْلَاقُ الْأَنْوَارِ وَمَنْ تَبِعَهُ تَرْجِيحَ النَّدْبِ فَهُوَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالضَّمِيرِ هَذَا وَالْوَجْهُ هُوَ النَّدْبُ وَلَوْ بِالظَّاهِرِ فَلَا اعْتِبَارَ بِنَقْلِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِهِ إذَا لَمْ تُطْلَبْ الصَّلَاةُ وَهِيَ عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ مَطْلُوبَةٌ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ نَدْبُهَا بِالظَّاهِرِ عَقِبَ الْقُنُوتِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِجَامِعِ الطَّلَبِ فِي كُلٍّ فَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّهَا فِي ذَيْنِك مَنْصُوصَةٌ بِخِلَافِهَا عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا لَا أَثَرَ لِهَذَا الْفَرْقِ بَعْدَ الِاشْتِرَاكِ فِي الطَّلَبِ نَعَمْ يَنْبَغِي عَدَمُ طَلَبِهَا لِقَارِئِ الْفَاتِحَةِ لِقَطْعِهَا الْقِرَاءَةَ كَمَا لَمْ يُنْدَبْ الْحَمْدُ لِلْعَاطِسِ فِي أَثْنَائِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ وَعَدَمِهِ وَعِبَارَتُهُ وَلَنَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهَا، يَعْنِي الْفَاتِحَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَوَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي السِّرِّيَّةِ أَيْضًا فَإِذَا قُلْنَا لَا يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي الْجَهْرِيَّةِ فَلَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ بَعِيدًا لَزِمَتْهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ أَوْ عَكَسَ فَالْأَصَحُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِ الْإِمَامِ وَالثَّانِي بِصِفَةِ أَصْلِ الصَّلَاةِ اهـ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ سَبَبُهُ الْتِبَاسُ هَذَا بِذَاكَ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى نَقْلِ الْعَكْسِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ وَعَزَوْا حُكْمَهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَطْ. وَأَمَّا إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ أَعْنِي غَيْرَ الْفَاتِحَةِ لَكِنْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْفَاتِحَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ جَهْرُهُ بِالسِّرِّيَّةِ مُسْقِطًا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ فَلْيَكُنْ مُسْقِطًا لِطَلَبِ السُّورَةِ مِنْهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ سَبَبُ الِالْتِبَاسِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْمَحُ فِي الْعَزْوِ وَلَا مُرَادَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْ أَنَّهُ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ اقْتِضَاءً يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْبِيرُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِعْلًا) أَيْ: فَيَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الصُّبْحِ وَكَالْأُولَيَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقْتِ الْقَضَاءِ اعْتَبَرُوا) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَسُنَّ جَهْرٌ لَا لِمَأْمُومٍ وَامْرَأَةٍ عِنْدَ أَجَانِبَ فِي صُبْحٍ وَجُمُعَةٍ وَأُولَتَيْ عِشَاءَيْنِ وَفِي مَقْضِيٍّ قَبْلَ طُلُوعِ شَمْسٍ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الطِّوَالَ كَقَافٍ وَالْمُرْسَلَاتِ وَأَوْسَاطَهُ كَالْجُمُعَةِ وَقِصَارَهُ كَالْإِخْلَاصِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا التَّحْدِيدُ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ اهـ م ص. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَيْضًا الْمُوَالَاةُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يُفْعَلُ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مِنْ الِابْتِدَاءِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: ١] ثُمَّ الصَّمَدِيَّةِ وَهَكَذَا خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا هَكَذَا فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ إذَا سَمِعَهُ بَلْ يَسْتَمِعُهُ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً وَلَمْ يَسْمَعْ الْمَأْمُومُ قِرَاءَتَهُ لِبُعْدِهِ أَوْ صَمَمِهِ قَرَأَهَا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ فَفَهِمَ الشَّارِحُ الْعُمُومَ فِي قَوْلِهِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً أَيْ: أَسَرَّ فِيهَا الْإِمَامُ أَوْ جَهْرِيَّةً أَيْ: جَهَرَ فِيهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: يَعْلُنُ) ضُبِطَ بِالْقَلَمِ بِضَمِّ اللَّازِمِ وَفِي الْقَامُوسِ عَلَنَ الْأَمْرُ كَنَصَرَ وَضَرَبَ وَكَرُمَ وَفَرِحَ عَلَنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>