للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسِوَى الْجُمُعَةِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي الْجُمُعَةُ فَيَجْهَرُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ وَمِثْلُهَا الْعِيدُ وَخُسُوفُ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالتَّرَاوِيحُ وَالْوِتْرُ عَقِبَهَا وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَقْتَ الْجَهْرِ وَيُسِرُّ فِي الرَّاتِبَةِ وَلَوْ لَيْلِيَّةً وَيَتَوَسَّطُ فِي بَقِيَّةِ نَوَافِلِ اللَّيْلِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ إلَّا أَنْ يَتَأَذَّى بِجَهْرِهِ أَحَدٌ أَوْ يَخَافَ مِنْهُ الرِّيَاءَ فَيُسِرَّ. وَتُسِرُّ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى بِحَضْرَةِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَجْهَرَانِ فِيمَا عَدَاهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَيَجْهَرُ إنْ كَانَ خَالِيًا أَوْ بِحَضْرَةِ مَحَارِمِهِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ قَالَ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْته وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُمَا الْجَزْمَ بِإِسْرَارِ الرَّجُلِ عِنْدَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ كَانُوا يَجْهَرُونَ مَعَ اقْتِدَائِهِنَّ بِهِمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَيْضًا أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي دَفْعِهِ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُنْثَى تُسِرُّ بِحَضْرَةِ الْخُنْثَى وَأَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ الْخُنْثَى قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَحَيْثُ قُلْنَا تَجْهَرُ الْمَرْأَةُ فَيَكُونُ جَهْرُهَا دُونَ جَهْرِ الرَّجُلِ انْتَهَى.

وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَحَدُّ الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ وَالْإِسْرَارِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَإِنْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَوْ ثَمَّ شَاغِلٌ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ لَوْ خَلَى عَنْ ذَلِكَ لَسَمِعَ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَالتَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ يُعْرَفُ بِالْمُقَايَسَةِ بِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [الإسراء: ١١٠] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى كَمَا وَرَدَ فِي فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَا يَسْتَقِيمُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَقُّلِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا بِتَفْسِيرِهِمَا السَّابِقِ

(وَلِانْتِقَالٍ) مِنْ فِعْلٍ إلَى آخَرَ (لَا) إلَى (اعْتِدَالٍ جَهْرَا كَبَّرَ) الْمُصَلِّي نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ قَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» لَكِنْ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، جَهْرًا خَاصٌّ بِالْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ أَمَّا انْتِقَالُهُ إلَى الِاعْتِدَالِ فَيُسَنُّ لَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مُبَلِّغًا جَهَرَ بِهِ وَإِلَّا أَسَرَّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِذَا اعْتَدَلَ سُنَّ لَهُ سِرًّا أَنْ يَقُولَ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ أَوْ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.

ــ

[حاشية العبادي]

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَقْضِيِّ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ وَعَلَيْهِ فَيَجْهَرُ فِي سُنَّةِ الْعِشَاءِ إذَا قَضَاهَا فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ وَإِنْ كَانَ يُسِرُّ فِي سُنَّةِ الْعِشَاءِ فِي وَقْتِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجْهَرُ فِي سُنَّةِ الْعِشَاءِ إذَا قَضَاهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ فَلْيُرَاجَعْ وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ فِي الْفَرِيضَةِ الْمَقْضِيَّةِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُلْحَقَ بِهَا الْعِيدُ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ أَيْ: فَيَجْهَرُ إذَا قَضَاهَا نَهَارًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قُبَيْلَ بَابِ التَّكْبِيرِ عَمَلًا بِأَصْلِ " إنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ " وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْجَهْرِ فِي صَلَاتِهِ فِي مَحَلِّ الْإِسْرَارِ فَيُسْتَصْحَبُ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَرَائِضِ وَتَرَدَّدَ فِي إلْحَاقِ الْعِيدِ دُونَ غَيْرِهَا ظَاهِرٌ فِي إخْرَاجِ الرَّوَاتِبِ وَأَنَّهُ يُسِرُّ فِيهَا مُطْلَقًا فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُمَا) وَجْهُ اسْتِفَادَةِ مَا ذُكِرَ مِنْهُمَا أَنَّهُ حَكَمَ بِإِسْرَارِ الْخُنْثَى بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الرَّجُلَ يُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ جَهَرَ إلَخْ) لَوْ صَلَّى مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ طَلَعَتْ وَغَرَبَتْ فَالْوَجْهُ الْإِسْرَارُ فِي الْأُولَى وَالْجَهْرُ فِي الثَّانِيَةِ بِرّ وَالْأَوْجَهُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَتُهُ أَيْ: الْإِرْشَادِ أَنَّ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ الطُّلُوعِ يُسِرُّ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ أَدَاءً؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْجَهْرِ لِلْوَقْتِ لَا لِلْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُنْثَى تُسِرُّ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْخُنْثَى تُسِرُّ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَةِ الْأَوَّلِ وَذُكُورَةِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: يُعْرَفُ بِالْمُقَايَسَةِ) أَيْ: بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَلَا يَبْلُغَ أَسْمَاعَ مَنْ يَلِيهِ وَبِهَذَا تُتَعَقَّلُ الْوَاسِطَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عَسُرَتْ وَيَنْدَفِعُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَلَا يَسْتَقِيمُ إلَخْ وَفِيهِ نَظَرٌ بَعْدُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَعَلَانِيَةً ظَهَرَ اهـ وَعَلَى كُلٍّ هُوَ لَازِمٌ لَا يُنَاسِبُ الْمَتْنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ظَهَرَ صَوْتُهُ بِالْقِرَاءَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِسْقَاءُ) وَإِنْ فُعِلَ نَهَارًا. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَقِبَهَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَأَذَّى إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ نَائِمًا يَجِبُ إيقَاظُهُ ش. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَأَذَّى) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى تَفْسِيرِ التَّوَسُّطِ بِالْمَرْتَبَةِ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَعُلِمَ مِنْ تَخْصِيصِ هَذَا الْقَيْدِ بِالتَّوَسُّطِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِيمَا طُلِبَ فِيهِ الْجَهْرُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ ع ش اهـ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: وَيَجْهَرُ إلَخْ) هَذَا يَمْنَعُ حَمْلَ قَوْلِهِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا كَمَا حَمَلَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَدَبَّرْ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ضَمِّ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ رِجَالٍ أَوْ خَنَاثَى كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: خَاصٌّ بِالْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ) أَيْ: إنْ اُحْتِيجَ إلَى جَهْرِهِمَا وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وع ش. اهـ. شَيْخُنَا ذ.

(قَوْلُهُ: جَهَرَ بِهِ) وَأَسَرَّ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ذِكْرُ الِانْتِقَالِ وَالثَّانِيَ ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) قَالَ حَجَرٌ هُوَ أَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ لِوُرُودِهِ وَقَالَ ز ي مَا قَبْلَهُ أَوْلَى لِزِيَادَتِهِ ق ل. (قَوْلُهُ: مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) لَفْظُ بَعْدُ مُتَعَلِّقٌ " بِمِلْءَ " دُونَ شِئْتَ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ خَلْقُ الْكُرْسِيِّ مُتَأَخِّرًا عَنْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِشِئْتَ عَلَى مَعْنَى مَا شِئْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>