بَيْنَ الْقُنُوتِ السَّابِقِ وَقُنُوتِ عُمَرَ وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنَسْتَهْدِيك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرَك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِك وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَك وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِك وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدْتهمْ عَلَيْهِ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّهِمْ إلَهَ الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْقُنُوتِ السَّابِقِ.
(قُلْتُ: وَفِيهِ) أَيْ: الْقُنُوتِ. (تُرْفَعُ الْيَدَانِ) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَكَذَا فِي كُلِّ دُعَاءٍ وَيُسَنُّ جَعْلُ ظَهْرِهَا لِلسَّمَاءِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَعَكْسُهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي سَنِّ مَسْحِ وَجْهِهِ بِهِمَا وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا نَعَمْ وَأَصَحُّهُمَا لَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَا أَحْفَظُ فِي مَسْحِهِ هُنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ شَيْئًا وَإِنْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَهَا فَأَمَّا فِيهَا فَعَمَلٌ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ وَلَا قِيَاسٌ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَأَمَّا مَسْحُ غَيْرِهِ مِنْ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ فَمَكْرُوهٌ وَمَا نَقَلَهُ مِنْ سَنِّ مَسْحِهِ خَارِجَهَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ
(وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ) دُونَ الْمُنْفَرِدِ بِالْقُنُوتِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ. (لَكِنْ فِي الدُّعَا) الَّذِي فِي الْقُنُوتِ. (أَمَّنَ مَأْمُومٌ) عَلَيْهِ كَمَا «كَانَتْ الصَّحَابَةُ يُؤَمِّنُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ وَيَجْهَرُ بِهِ كَمَا فِي تَأْمِينِ الْقِرَاءَةِ وَيُوَافِقُهُ فِي الثَّنَاءِ سِرًّا أَوْ يَسْكُتُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَذِكْرٌ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّأْمِينُ وَالدُّعَاءُ يَشْمَلُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُؤَمِّنُ فِيهَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ هَذَا إنْ سَمِعَ قُنُوتَ الْإِمَامِ. (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعَا) قُنُوتَهُ. (يَقْنُتْ) مَعَهُ. (بِإِسْرَارٍ) كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا وَلَا قُنُوتَ لِغَيْرِ صُبْحٍ وَوِتْرٍ إلَّا لِنَازِلَةٍ كَمَا قَالَ. (وَمَنْ لِنَازِلَهْ) لَوْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ خَوْفٍ أَوْ قَحْطٍ أَوْ وَبَاءٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ نَحْوِهَا. (لَا نَزَلَتْ) دُعَاءٌ مِنْ زِيَادَتِهِ. (فِي الْفَرْضِ) أَيْ: وَمَنْ (يَقْنُتْ) لِنَازِلَةٍ فِي الْفَرْضِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ غَيْرِ الصُّبْحِ.
(جَازَ لَهْ) بِلَا نَدْبٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ الْأَقْرَبُ لِلسُّنَّةِ نَدْبُهُ وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ النَّفَلُ وَالْمَنْذُورُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَلَا قُنُوتَ فِيهَا أَيْ: لَا يُسَنُّ فَفِي الْأُمِّ وَلَا قُنُوتَ فِي صَلَاةِ
ــ
[حاشية العبادي]
شَامِلٌ لِلصُّبْحِ وَالْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ جَعْلُ ظَهْرِهِمَا لِلسَّمَاءِ إلَخْ) أَيْ: حَتَّى مِنْ أَوَّلِ الْقُنُوتِ إلَى آخِرِهِ هَذَا مُرَادُهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي صُبْحِهِ هُنَا) أَيْ: فِي الْقُنُوتِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ إلَخْ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَرَاهَةُ رَفْعِ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَأَنَّ غَايَةَ الرَّفْعِ حَذْوَ الْمَنْكِبِ إلَّا إذَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ رَفَعَهُ إلَيْهَا أَيْ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَتُسَنُّ الْإِشَارَةُ بِسَبَّابَتِهِ الْيُمْنَى وَتُكْرَهُ بِأُصْبُعَيْنِ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً) كَأَنْ قَضَى الصُّبْحَ بَعْدَ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْكُتُ) قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ أَوْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَوْ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ أَوْ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُطْلَانِ بِصَدَقْتَ وَبَرَرْت مِنْ مُجِيبِ الْمُؤَذِّنِ بِأَنَّهُ يَطْلُبُ الْإِجَابَةَ هُنَا حَالَ الصَّلَاةِ بِأَنْ يُؤَمِّنَ وَلَا يَطْلُبُ حَالَ الصَّلَاةِ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: فَلَا قُنُوتَ فِيهَا أَيْ: لَا يُسَنُّ إلَخْ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمَتْنَ مَاشٍ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُ الشَّرْحِ أَيْ: لَا يُسَنُّ إلَخْ هُوَ الْحُكْمُ الْمُقَرَّرُ فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ يَقْتَضِي مُغَايَرَةَ النَّفْلِ لِلْفَرْضِ فَيَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ صَنِيعٌ وَاقِعٌ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يُقَالَ غَرَضُهُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ: لَا يُسَنُّ إلَخْ التَّفْرِيعُ عَلَى مَا سَلَفَ عَنْ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ دُونَ أَنْ يَقُولَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَيْ:
ــ
[حاشية الشربيني]
وَقُنُوتِ عُمَرَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا عَنْ عُمَرَ وَرَأَيْتُ فِي رِسَالَةِ الْإِمَامِ السُّيُوطِيّ أَنَّهُ كَانَ سُورَتَيْنِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِبَسْمَلَةٍ تَنْتَهِي الْأُولَى الْمُسَمَّاةُ سُورَةَ الْخُلْعِ بِيَفْجُرُكَ وَمَبْدَأُ الثَّانِيَةِ الْمُسَمَّاةِ سُورَةَ الْحَفْدِ إيَّاكَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِيهِمَا هَلْ نُسِخَا أَمْ لَا حَتَّى كَتَبَهُمَا بَعْضُهُمْ فِي مُصْحَفٍ فَجَعَلَ عَدَدَ السُّوَرِ مِائَةً وَسِتَّةَ عَشَرَ سُورَةً. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لِرَفْعِ بَلَاءٍ) أَيْ: دَعَا لِرَفْعِ مَا وَقَعَ مِنْ الْبَلَاءِ وَعَكْسُهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ كَدَفْعِ الْبَلَاءِ عَنْهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجَرٍ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ: لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِدَفْعِ الْبَلَاءِ عَنْهُ فِيمَا بَقِيَ دُعَاءٌ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ سَالِمًا مِنْ الْبَلَاءِ أَوْ شَرِّهِ. اهـ. سم أَيْضًا لَكِنْ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر وَيَجْعَلُ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَاءُ وَاقِعًا أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَسْكُتُ) أَوْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَوْ بَلَى أَوْ صَدَقْتَ وَلَا تَبْطُلُ بِالْأَخِيرِ صَلَاتُهُ لِلِارْتِبَاطِ الَّذِي بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ هُنَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَلَوْ رَدَّدَهُ هُنَا أَيْضًا بِخِلَافِهِ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ: لَوْ نَزَلَتْ) فِي التَّعْبِيرِ بِلَوْ احْتِرَاسٌ