للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ، وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي شَكِّهِ اسْتَنَدَ إلَى تَيَقُّنِ تَرْكٍ فَأَثَّرَ فِي الصَّلَاةِ لِتَأْثِيرِهِ فِي الطُّهْرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَلِهَذَا بَقِيَ طُهْرُهُ فَكَلَامُهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ يُؤَثِّرُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ) أَيْ: بَعْدَ السَّلَامِ وَمِنْ الشَّكِّ فِيهِ الشَّكُّ فِي نِيَّتِهِ فَإِذَا شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَمْ يُؤَثِّرْ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَا يَزِيدُ عَلَى الشَّكِّ فِي أَصْلِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ بَعْدَ السَّلَامِ وَيُؤَثِّرُ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي نِيَّتِهِ يُؤَثِّرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ.

وَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا لِسُجُودِ السَّهْوِ، ثُمَّ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَأَرَادَ الْعَوْدَ لِسُجُودِ السَّهْوِ لَمْ يَضُرَّ هَذَا الشَّكُّ؛ لِأَنَّهُ بِإِرَادَةِ الْعَوْدِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الشَّكَّ وَاقِعٌ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّتِهَا كَمَا تَقَرَّرَ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ ل م ر وَأَقُولُ: الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ إنْ طَالَ فَلَعَلَّ هَذَا إذَا لَمْ يَطُلْ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا بَقِيَ طُهْرُهُ) أَيْ: إنْ قَطَعْنَا النَّظَرَ عَنْ جُمْلَةِ الْآتِي وَجَعَلْنَا الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ النَّوَوِيِّ مُصَوَّرَةً بِمَا تَيَقَّنَ سَبْقَ الطُّهْرِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ هَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ قَطْعًا فَإِنَّ الطُّهْرَ لَا يَبْقَى إلَّا كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادَ النَّوَوِيِّ لِقَوْلِ النَّوَوِيِّ فِيمَا سَلَفَ عَنْهُ فَإِنَّهُ شَكَّ فِي الِانْعِقَادِ مَعَ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ الْآتِي مِنْ جَوَازِ دُخُولِ الصَّلَاةِ ابْتِدَاءً بِمِثْلِ هَذَا الطُّهْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطُّهْرَ بَاقٍ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فَكَلَامُهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي إلَخْ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

صَحِيحٌ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يُعِيدُ الطَّوَافَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْهُ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ فِي الظَّاهِرِ بِخِلَافِ مَنْ شَكَّ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ هَلْ هُوَ مُتَطَهِّرٌ أَمْ لَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِأَدَائِهَا فِي الظَّاهِرِ قَالَ: وَهَذَا الْحُكْمُ فِي الصَّلَاةِ إذَا فَرَغَ مِنْهَا ثُمَّ شَكَّ هَلْ صَلَّى بِطَهَارَةٍ أَمْ لَا، أَوْهَلْ قَرَأَ فِيهَا أَمْ لَا، أَوْهَلْ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً أَمْ لَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ لَهُ بِصِحَّتِهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الشَّكُّ بَعْدَهَا قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حَسَنَةٌ، وَهَكَذَا نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْإِمْلَاءِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابَيْهِ التَّعْلِيقِ وَالْمُجَرَّدِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي كِتَابَيْهِ الْمَجْمُوعِ وَالتَّجْرِيدِ، وَغَيْرُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا خِلَافًا فَحَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي أَنَّ الشَّكَّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ هَلْ يُوجِبُ إعَادَتَهَا أَمْ لَا انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: فَحَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ إنْ كَانَ مَبْنَاهُ مَسْأَلَةَ مَا إذَا تَوَضَّأَ الْمُحْدِثُ، ثُمَّ جَدَّدَ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ وَمِّ ر، وَغَيْرُهُمَا الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا هُنَا، وَلَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ سَائِرَ الْأَصْحَابِ قَالُوا بِمَا قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ.

وَقَوْلُهُ: فِي الْمَنْقُولِ عَنْ النَّصِّ شَكَّ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا وَهَلْ صَلَّى بِطَهَارَةٍ أَمْ لَا، وَهَلْ قَرَأَ أَمْ لَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ كَالشَّكِّ فِي أَنَّهُ قَرَأَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ وُجُودِ الْقِرَاءَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَ طَهَارَةٍ، وَلَا حَدَثٍ أَيْ: لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقَ مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِهِمَا يَقِينًا، وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِلَا تَرَدُّدٍ فِي الطَّهَارَةِ، ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ اسْتَنَدَ إلَى تَيَقُّنِ طُهْرٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ، وَشَكَّ فِي الطُّهْرِ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ شَكٌّ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى تَيَقُّنِ طُهْرٍ، لَكِنَّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ لَهُ بِصِحَّتِهَا فِي الظَّاهِرِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُدْخِلُ هَذِهِ الصُّورَةَ، وَجَرَى عَلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالشَّرْقَاوِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَالشَّيْخُ الْحِفْنِيُّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ الْحَدَثِ إلَّا أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ الصَّلَاةَ إلَّا بَعْدَ الطَّهَارَةِ أَيْ: فَتَعَارَضَ الْأَصْلَانِ وَبَقِيَ الْعَمَلُ بِمُضِيِّهَا عَلَى الصِّحَّةِ ظَاهِرًا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي عِبَادَةِ الْمُكَلَّفِ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَهُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا التَّعَارُضَ مَوْجُودٌ إذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْضِ صَحِيحَةً، وَنَقَلَ الْمُحَشِّي عَنْ م ر فِي غَيْرِ الشَّرْحِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ، ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يَخُصُّ بِهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ، أَوْ حَدَثٍ بِظَنِّ ضِدِّهِ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا، وَجَهِلَ السَّابِقَ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا نَعَمْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَمَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ م ر فِي غَيْرِ الشَّرْحِ وَافَقَ عَلَيْهِ زي، وَهُوَ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ الْآتِيَةِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي غَايَةِ الْعُسْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي شَكٍّ اسْتَنَدَ إلَى تَيَقُّنٍ) مِثْلُهُ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ مَا لَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>