كَحَدِّ سَرِقَةٍ، وَشُرْبٍ، وَزِنًا إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ بَلْ يَحْرُمُ التَّغْيِيبُ حِينَئِذٍ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغْيِيبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَوْدٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيه وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالتَّغْيِيبَ طَرِيقُهُ. (وَالْخَوْفُ مِنْ ذِي الظُّلْمِ) عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ عِرْضٍ (وَالْغَرِيمِ لَمُعْسِرٍ) يَعْنِي: وَالْخَوْفُ مِنْ حَبْسِ غَرِيمِهِ لَهُ، أَوْ مُلَازَمَتِهِ لَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ عَنْ الْوَفَاءِ وَقَدْ عَسُرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ إعْسَارِهِ، بِخِلَافِ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ الْقَادِرِ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً: عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ (وَالْأُنْسُ لِلسَّقِيمِ) إنْ كَانَ قَرِيبًا، أَوْ نَحْوَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ (وَالْخُبْزُ فِي الْفُرْنِ) وَالطَّبِيخُ فِي الْقِدْرِ (وَلَا تَعْوِيضُ) عَنْهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَالْأُنْسُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَرِحْلَةُ الرُّفْقَةِ) لِسَفَرٍ مُبَاحٍ لِمَشَقَّةِ التَّخَلُّفِ (وَالتَّمْرِيضُ) لِمَنْ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْآدَمِيِّ أَوْلَى مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ. (أَوْ أَشْرَفَتْ) عَلَى الْمَوْتِ (عِرْسٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: زَوْجَتُهُ، (أَوْ الرَّقِيقُ) لَهُ (أَوْ بَعْضُ قُرْبَاهُ أَوْ الصَّدِيقُ) وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ، بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَذِكْرُ الصَّدِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَشِدَّةُ الرِّيحِ بِلَيْلٍ) لِلْمَشَقَّةِ وَزَادَ إيضَاحًا قَوْلُهُ: (مَا اشْتَرَطْ) أَيْ: الْحَاوِي كَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ (ظُلْمَتَهُ) أَيْ: اللَّيْلِ، بَلْ كُلٌّ مِنْ الظُّلْمَةِ وَشِدَّةِ الرِّيحِ عُذْرٌ بِاللَّيْلِ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَخَرَجَ بِشِدَّةِ الرِّيحِ بِلَيْلٍ الرِّيحُ الْخَفِيفَةُ لَيْلًا، وَالشَّدِيدَةُ نَهَارًا فَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (أَيْ: فِي جَمَاعَةٍ فَقَطْ) أَيْ: لَا فِي جُمُعَةٍ إيضَاحٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إخْرَاجُ الصُّبْحِ، وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقُهُ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ وَشِدَّةُ الْجُوعِ وَشِدَّةُ الظَّمَا أَيْ: الْعَطَشِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ لِخَبَرٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» .
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ أَوْ لَمْ يُحْضِرْ الطَّعَامَ، وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا قَرُبَ حُضُورُهُ وَإِذَا أَكَلَ مَنْ بِهِ جُوعٌ فَلْيَأْكُلْ لُقَيْمَاتٍ يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ، وَاللَّبَنِ، وَصَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ (وَ) شِدَّةُ (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَوَحْلٍ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ) أَيْ: الْحَدُّ (قَوْلُهُ: لِمُعْسِرٍ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَوْفِ (قَوْلُهُ: الرُّفْقَةِ) وَلَوْ تَخَلَّفَ لَاسْتَوْحَشَ ح ج. (قَوْلُهُ: لِسَفَرٍ مُبَاحٍ) شَامِلٌ لِسَفَرِ النُّزْهَةِ. (قَوْلُهُ: حِفْظُ الْآدَمِيِّ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُحْتَرَمَ كَالْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَغْرِبِ) يَقْتَضِي أَنَّ لِلْمَغْرِبِ حُكْمَ اللَّيْلِ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ النَّهَارِ إذَا كَانَ فِي أَوَائِلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُ لَقِيمَاتٍ) الِاقْتِصَارُ عَلَى اللُّقَيْمَاتِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِاعْتِبَارِ الشِّدَّةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ الْحَرِّ) أَقُولُ الْوَجْهُ
[حاشية الشربيني]
كَالنِّيءِ م ر. (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ الْإِمَامُ) أَيْ: وَثَبَتَ عِنْدَهُ. ا. هـ م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى مِنْ الْجَوَابِ أَيْ: لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَالْخُرُوجَ وَاجِبٌ مِنْهُ فَوْرًا بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ مَثَلًا فَفِيهِ تَرْكُ وَاجِبٍ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ وَهُوَ الْعَفْوُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سَهَّلَ هَذَا نَدْبُ الْعَفْوِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْغَيْبَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ حَرُمَتْ مِنْ جِهَةِ تَفْوِيتِ التَّوْبَةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ عِرْضٍ) أَيْ: لَهُ، أَوْ لِمَنْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ غَيْرُ نَحْوِ الْمُرْتَدِّ سَوَاءٌ لَزِمَهُ الذَّبُّ عَنْ ذَاتِ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ حَيَوَانًا، أَوْ مَالًا لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ كَاخْتِصَاصِهِ، وَمَالُ الْغَيْرِ الَّذِي فِي الذَّبِّ عَنْهُ مَشَقَّةٌ فَمُجَرَّدُ اشْتِغَالِهِ بِالذَّبِّ عُذْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا، كَذَا قَرَّرَهُ الْأُسْتَاذُ الشَّيْخُ ح ف فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ الذَّبُّ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الذَّبِّ عَنْهُ مَشَقَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ إلَخْ) ، أَوْ اخْتِصَاصٍ شَرْحُ م ر وَالْخَوْفُ عَلَى ذَلِكَ عُذْرٌ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ شَرْحُ م ر أَيْضًا وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ نَحْوُ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَالْأَمَانَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ.
(قَوْلُهُ: عِرْسٍ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى م ر. ا. هـ ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَيْلٍ) فِي الْإِمْدَادِ نَعَمْ لَوْ تَأَذَّى بِالشِّدَّةِ نَهَارًا كَتَأَذِّيه بِالْوَحْلِ كَانَتْ عُذْرًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذَا. ا. هـ (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ) أَيْ: إذَا لَمْ يَخْتَلَّ خُشُوعُهُ عَلَى كَلَامِ م ر، أَوْ أَصْلِ خُشُوعِهِ عَلَى كَلَامِ حَجَرٍ إلَّا مَعَ حُضُورِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا اخْتَلَّ مَا ذُكِرَ بِدُونِ الْحُضُورِ فَيَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ طَعَامٌ، وَلَا شَرَابٌ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي التُّحْفَةِ بِزِيَادَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت م ر ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ مُتَابِعًا لِحَجَرٍ فِي التَّعْبِيرِ بِأَصْلِ الْخُشُوعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْقِيَامِ، وَلَا يَلْزَمُ هُنَا مَا يُسْقِطُهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ أَصْلُ الْخُشُوعِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِ بِمَا ذُكِرَ. ا. هـ م ر وَحَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) مِثْلُهُ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ، وَالْوَسِيطِ قَالَ م ر وَحَجَرٌ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ التَّطَلُّعِ بَعْدَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ، وَكَلَامُهُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي كُلِّ حَالٍ تُنَافِي خُشُوعَهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: هَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْحَقُّ. ا. هـ مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ. (قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ: وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute