وَغَائِطٍ وَمَذْيٍ وَوَدْيٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَهُ اسْتِحَالَةٌ فِي الْبَاطِن فَكُلُّهَا نَجِسَةٌ بَعْضُهَا بِالنَّصِّ كَالْبَوْلِ بِالْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ وَكَالْمَذْيِ بِالْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبَعْضُهَا بِالْإِجْمَاعِ كَالْوَدْيِ وَالْغَائِطِ وَالْقَيْحِ وَبَعْضُهَا بِالْقِيَاسِ كَالْمِرَّةِ وَأَمَّا «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» فَلِلتَّدَاوِي وَهُوَ جَائِزٌ بِالنَّجَاسَاتِ غَيْرِ الْخَمْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَتْ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكِلَابِ وَبِأَنَّ بَوْلَهَا خَفِيَ مَكَانُهُ فَمَنْ تَيَقَّنَهُ لَزِمَهُ غَسْلُهُ وَبِأَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِد وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِيهِ.
وَلَوْ أَكَلَتْ بَهِيمَةٌ حَبًّا ثُمَّ أَلْقَتْهُ صَحِيحًا بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ فَطَاهِرُ الْعَيْنِ كَدُودٍ خَرَجَ مِنْ فَرْجٍ وَإِلَّا فَنَجِسَةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إنْ كَانَ مِنْ مَعِدَتِهِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ فَنَجِسٌ أَوْ مِنْ اللَّهَوَاتِ كَأَنْ انْقَطَعَ عِنْدَ طُولِ النَّوْمِ فَطَاهِرٌ وَكَذَا إنْ شَكَّ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْعَفْوُ عَمَّنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِهِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ قَالَ: وَسَأَلْت الْأَطِبَّاءَ عَنْهُ فَأَنْكَرُوا كَوْنَهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَشَمِلَتْ الْفَضْلَةُ فَضْلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ وَحَمَلُوا الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ عَطَفَ النَّاظِمُ عَلَى مَاءِ قُرْحٍ قَوْلَهُ (لَا بَلْغَمِ) وَهُوَ النَّازِلُ مِنْ الدِّمَاغِ (وَلَا نُخَامَةٍ) وَهِيَ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ دُونَ الْمَعِدَةِ (وَلَا مَا رَشْحَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ عَلَى رَأْيِ مَنْ أَجَازَهَا فِي الْمَاضِي أَيْ: وَلَا مَا غَلَبَ خُرُوجُهُ بِهَيْئَةِ التَّرْشِيحِ كَعَرَقٍ وَلُعَابٍ وَدَمْعٍ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ إذَا كَانَتْ (مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَحَيَوَانِهَا وَلِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فَرَسًا مُعْرَوْرًى وَرَكَضَهُ فَلَمْ يَجْتَنِبْ عَرَقَهُ» وَيُقَاسُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرَ الْخَمْرِ) أَيْ: الصِّرْفِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ تَيَقَّنَهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ نَجَاسَةَ بَعْضِ الْمَسْجِدِ وَاشْتَبَهَ لَا يَجِبُ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا إنْ عَلِمَ نَجَاسَةَ مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اللَّهَوَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ: الْمَعِدَةِ أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الطَّاهِرَ قَدْ يَكُونُ مُتَغَيِّرًا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرٌ مَخْصُوصٌ ثُمَّ قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا. يَشْمَلُ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِ الصَّدْرِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ) هَلْ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهَا مُخْتَصٌّ بِهَا لِشِدَّةِ الِابْتِلَاءِ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ رَجَعَ نَحْوُ الطَّعَامِ مِنْ الصَّدْرِ كَانَ قَيْئًا نَجِسَ الْعَيْنِ أَوْ لَا فَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَا رَجَعَ مِنْ الصَّدْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامٌ لِلنَّاسِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَهَامِشِهِ فَرَاجِعْهُ.
[حاشية الشربيني]
وُصُولِهَا وَلَوْ جَاوَزَ الْحُلْقُومَ وَوَصَلَ إلَى الصَّدْرِ فَطَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ مَاءً. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَيَّدَهُ بِنَقْلِهِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَا يُوَافِقُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَقَالَ م ر مَتَى جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَرَجَعَ فَهُوَ قَيْءٌ نَجِسٌ وَالْبَلْغَمُ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ طَاهِرٌ وَلَوْ تَنَاوَلَ نَجَاسَةً وَغُسِلَ حَدُّ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يَنْجَسُ اهـ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش وَوَجْهُ طَهَارَةِ الْبَلْغَمِ حِينَئِذٍ الِابْتِلَاءُ بِهِ وَلِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْبَاطِنِ لِبَاطِنٍ مِثْلِهِ لَا تُؤَثِّرُ وَإِنْ خَرَجَ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَنِيِّ يُلَاقِي الْبَوْلَ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَخْرَجُهُمَا قُبَيْلَ رَأْسِ الذَّكَرِ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ لَكِنَّ النَّجَاسَةَ الطَّارِئَةَ الَّتِي تَنَاوَلَهَا هَلْ يُقَالُ لَهَا بَاطِنٌ؟ حُرِّرَ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْإِيعَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ: النَّجَاسَةُ مَا دَامَتْ فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِحُكْمِ النَّجَاسَةِ فِي إبْطَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَا لَا حُكْمَ لَهَا فِي تَنَجُّسِ مَا لَاقَتْهُ وَمَا لَاقَاهَا مِنْ نَجَاسَةٍ هِيَ أَغْلَظُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَذْيٌ) وَالْوَاجِبُ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ لَا جَمِيعَ الذَّكَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْبَوْلِ) وَلَوْ مِنْ مَأْكُولٍ خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا حَيْثُ قَالَ بِطَهَارَةِ بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَرَوْثِهِ وَاخْتَارَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: جَائِزٌ بِالنَّجَاسَاتِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا نَعَمْ يَجُوزُ إسَاغَةُ الْغُصَّةِ بِهَا إنْ تَعَيَّنَتْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ بَوْلَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ الَّذِي مِنْهُ بَوْلُ الْكَلْبِ مَقِيسٌ عَلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ الْوَارِدِ فِيهِ النَّصُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنْ وَرَدَ النَّصُّ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ فِي بَوْلِ الْكَلْبِ وَهُوَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ وَالنَّصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ اهـ. (قَوْلُهُ: خَفِيَ مَكَانُهُ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْكَوْنِ أَيْ: خَفِيَ وُجُودُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَقَالَ بِهِ سم اهـ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ فَنَجِسٌ) قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَعَ النَّتِنِ وَالصُّفْرَةِ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: الْعَفْوُ) أَيْ: وَإِنْ كَثُرَ لَكِنْ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ مَسُّهُ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ أَكَلَ بِمَعْلَقَةٍ وَوَضَعَهَا فِي طَعَامٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ مَا فِي الْإِنَاءِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنَجُّسُ سم ع ش. (قَوْلُهُ: أَجَازَهَا) هُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: مُعْرَوْرَى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ فَسُكُونٍ اسْمُ مَفْعُولِ اعْرَوْرَيْته فِي الْمِصْبَاحِ اعْرَوْرَى الرَّجُلُ الدَّابَّةَ رَكِبَهَا عُرْيًا أَيْ: بِلَا سَرْجٍ فَالرَّاكِبُ مَعْرُورٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute