للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ» وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ بَلْ رَفَعَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ لَكِنْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك وَسَمَّيْت وَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ»

وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ بَعِيرًا نَدَّ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ وَالصَّيْدَ وَالْبَعِيرَ لَيْسَتْ مَيِّتَةً بَلْ جَعَلَ الشَّارِعُ هَذَا ذَكَاتَهَا وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي خَبَرِ الْجَنِينِ بِأَنَّهُ مُذَكًّى وَإِنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ السِّكِّينُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا) مَيِّتٌ (بَشَرْ) وَلَوْ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠] وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمِهِمْ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ غَسْلُ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ فِي الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجَسِ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَكْرِيمُهُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨] فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَتُهُ الْأَبَدَانِ وَلِهَذَا «رَبَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَسِيرَ الْكَافِرَ فِي الْمَسْجِدِ» وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَطَفَ النَّاظِمُ عَلَى كُلِّ مُسْكِرٍ قَوْلُهُ (وَفَضْلَةٌ) لِلْحَيَوَانِ (كَمَاءِ قُرْحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا أَيْ: جُرْحٍ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٍ (وَدَمِ) وَلَوْ لِسَمَكٍ وَجَرَادٍ وَمُتَحَلِّبًا مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥] أَيْ: سَائِلًا وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ «فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَوْلُ الثَّعْلَبِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَكَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ: لَا بَأْسَ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَخَرَجَ بِالْمَسْفُوحِ فِي الْآيَةِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالتَّصْرِيحُ بِالدَّمِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.

(وَ) مَاءٍ (نَافِطٍ) لِمَا مَرَّ فِي مَاءِ الْقُرْحِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِيهِمَا مَا لَا رِيحَ لَهُ مِنْهُمَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِتَحَلُّلِهِ بِعِلَّةٍ كَالْقَيْحِ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ طَهَارَتَهُ كَالْعَرَقِ " وَنَافِطٍ " اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ نَفِطَ بِكَسْرِ الْفَاءِ نَفَطًا بِفَتْحِهَا وَنَفِيطًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَمِرَّةٍ) وَهِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ وَجِرَّةٍ وَقَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَبَوْلٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَا لَا رِيحَ لَهُ) قَالَ الْكَمَالُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ التَّغَيُّرَ كَالْمَجْمُوعِ أَنَّ تَغَيُّرَ اللَّوْنِ كَتَغَيُّرِ الرِّيحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ إلَّا أَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِتَغَيُّرِ الرِّيحِ اهـ. فَلْيُنْظَرْ عَلَى مَا بَحَثَهُ مَا هُوَ اللَّوْنُ الْمُعْتَبَرُ لَهُ حَتَّى يُعْرَفَ تَغَيُّرُهُ؟ . (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ) أَمَّا الْمَرَارَةُ نَفْسُهَا فَالْوَجْهُ طَهَارَتُهَا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) هَلْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي أَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ فِي الْبَاطِنِ لَا تُنَجِّسُ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَلَاقِيَانِ بَاطِنَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَيْءَ مُسْتَحِيلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغَيُّرٍ لَكِنْ قَدْ لَا يَظْهَرُ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ إذْ لَوْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ لِمُلَاقَاةِ النَّجَسِ لَمْ يَكُنْ نَجِسَ الْعَيْنِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَبِي أَوْفَى) اسْمُهُ عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ. (قَوْلُهُ: أَوَابِدَ) فِي الْقَامُوسِ وَالْأَوَابِدُ الْوُحُوشُ. (قَوْلُهُ: بَشَرٌ) قَالَ زي مِثْلُهُ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: كَمَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ بِخِلَافِ طَاهِرِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ عُهِدَ غَسْلُهُ كَالْجُنُبِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا مَا أُمِرَ بِغَسْلِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْحَنَفِيَّةِ بِنَجَاسَتِهِ تَنَجُّسُهُ بِالْمَوْتِ إذْ نَجِسُ الْعَيْنِ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَعَ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِطَهَارَتِهِ بِهِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ بِنَجَاسَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ عَلَى نَجَاسَةِ مَا انْفَصَلَ مِنْ أَجْزَائِهِ شَرْحُ عُبَابٍ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّجِسِ) أَيْ: لَمْ يُعْهَدْ غَسْلُهُ لِإِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ أَمَّا لَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَأَنْ بَالَ كَلْبٌ فِي إنَاءٍ مِنْ عَاجٍ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ سَبْعًا مِنْ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّارِحُ. اهـ. ع ش مُخَالِفًا لسم. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ) أَيْ: فَسَادُهُ وَعَدَمُ رِضَا اللَّهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ) أَيْ: وَاجِبٌ كَمَا يَجِبُ اجْتِنَابُ النَّجَسِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا رَبَطَ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ بِلَا ضَرُورَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِسَمَكٍ إلَخْ) فِي الْمَجْمُوعِ فِي دَمِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَالْمُتَحَلِّبِ مِنْ نَحْوِ كَبِدٍ خِلَافٌ لِأَصْحَابِنَا اهـ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِسَمَكٍ إلَخْ لِلرَّدِّ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُرِيدَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ. (قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ: إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مَاءِ الطَّبْخِ. (قَوْلُهُ: الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) قَالَ ز ي وَالْعَلَقَةُ وَالْمِسْكُ وَلَوْ مِنْ مَيْتَةٍ إنْ تَجَسَّدَ وَانْعَقَدَ وَإِلَّا فَهُوَ نَجَسٌ تَبَعًا لَهَا وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ اهـ وَوَافَقَهُ م ر فِي الِاعْتِمَادِ كَمَا فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: مَا فِي الْمَرَارَةِ) أَمَّا الْمَرَارَةُ فَطَاهِرَةٌ مُتَنَجِّسَةٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ نَجِسَةٌ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَقَيْءٌ) هُوَ الْخَارِجُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ أَمَّا قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>