للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ لَكِنْ بِانْعِطَافٍ كَالْمُصَلِّي بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ الَّتِي بِيَمِينِ الْإِيوَانِ أَوْ يَسَارِهِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ كَالْجِدَارِ، وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَ صَلَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُسَامِتِ لِجِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الصَّفُّ لِحَيْلُولَةِ الْجِدَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ الصَّفِّ. مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ بِقَرِينَةِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِالِانْعِطَافِ، وَأَمَّا نَصُّهُ الْآخَرُ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ، إلَّا بِالِانْعِطَافِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ، أَوْ عَلَى مَا إذَا زَادَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، أَوْ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعَتْ الرُّؤْيَةُ، رَابِعُهَا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَسْجِدٌ وَغَيْرُهُ، وَحُكْمُهُ مَا بَيَّنَهُ مَعَ مَا يُشَارِكُهُ فِي الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ

(وَمَسْجِدٍ وَمَنْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ) كَالصَّفَّيْنِ فِي مُنْبَسَطٍ فَيُعْتَبَرُ الِاجْتِمَاعُ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَمَنْ فِي غَيْرِهِ حَائِلٌ مِنْ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ كَانَ جِدَارَ الْمَسْجِدِ وَيَأْتِي فِي الْبِنَاءِ الَّذِي بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ) إنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ مِنْ غَيْرِ شُبَّاكٍ لِاعْتِبَارِهِمْ وُقُوفَ الرَّابِطَةِ قُبَالَةَ الْمَنْفَذِ، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الْمُشَاهَدَةُ مِنْ نَحْوِ شُبَّاكٍ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ شُبَّاكٍ. (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ إلَخْ) أَقُولُ: لَوْ فُرِضَ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ شُبَّاكٌ وَكَذَا فِي الصُّفَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِحَيْثُ أَمْكَنَتْ الرُّؤْيَةُ، وَلَكِنَّ الْمُرُورَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ يَحُوجُ إلَى انْحِرَافٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ وَجْهُهُ تُجَاهَ الصُّفَّةِ الْأُخْرَى مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْمُرُورِ بِحَيْثُ يُفْرَضُ الْمَشْيُ عَرْضًا فَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي إمْكَانِ الْمُرُورِ الْمُعْتَبَرِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَعَهُ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ وَلَا تَيَامُنُهَا أَوْ تَيَاسُرُهَا، لَكِنْ اقْتَصَرَ غَيْرُهُ عَلَى اعْتِبَارِ عَدَمِ الِاسْتِدْبَارِ وَلَيْسَ بَعِيدًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ) أَقُولُ: هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّهُ اُسْتُشْهِدَ بِمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ لِقُرْبِ الْبَابِ، وَنَحْنُ إذَا فَرَضْنَا فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ شُبَّاكًا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، إذَا كَانَ الْوَاقِفُ بِهِ بِإِزَاءِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ

وَحَمْلُ النَّصِّ بِالصِّحَّةِ إذَا كَانَ بِإِزَاءِ الْبَابِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ، وَهُوَ قِيَاسُ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ، هَذَا وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ اقْتِدَاءِ مَنْ فِي الصُّفَّةِ، وَإِنْ حَالَ جِدَارُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ إذَا رَآهُ مِنْ شُبَّاكٍ فِيهِ وَأَمْكَنَهُ الْمُرُورُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارٍ، وَإِنْ أَبْطَلْنَا اقْتِدَاءَ مَنْ وَرَاءِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْمُرُورُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارٍ، وَإِنْ شَاهَدَ الْإِمَامَ مِنْ شُبَّاكٍ بِالْجِدَارِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِالصُّفَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُعَدُّ مُجْتَمِعًا مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَدْرَسَةِ تُعَدُّ مَكَانًا وَاحِدًا عُرْفًا

(قَوْلُهُ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الطُّرُوقِ مِنْ غَيْرِ انْعِطَافٍ لِوُقُوفِهِ فِيمَا يُحَاذِي بَابَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا مَعَ اسْتِقَامَةِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ اهـ ش ع. (قَوْلُهُ امْتَنَعَتْ الرُّؤْيَةُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مِنْ الرُّؤْيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ اقْتِدَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الرُّؤْيَةِ وَالْمُرُورِ، وَلَوْ مَعَ الِانْعِطَافِ وَاتِّصَالِ الصُّفُوفِ بِمَعْنَى وُقُوفِ وَاحِدٍ فِي الصَّحْنِ يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وسم (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ بِالصُّفَّةِ الشَّرْقِيَّةِ أَوْ الْغَرْبِيَّةِ لَا يَصِلُ إلَى الْإِمَامِ الْكَائِنِ فِي غَيْرِهَا إلَّا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِانْعِطَافٍ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُرُورُ أَيْ الْوُصُولُ إلَى الْإِمَامِ بِانْعِطَافٍ نَاشِئٍ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَدْبِرًا لَهُ (قَوْلُهُ الْقَطْعُ) أَيْ اتِّفَاقُ الطَّرِيقَيْنِ عَلَى الْبُطْلَانِ لِاتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ (قَوْلُهُ، وَقَدْ صَحَّحُوا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَعَ امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ، فَحُرِّرَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ وَالْآخَرُ فِي غَيْرِهِ، وَحَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارُ الْمَسْجِدِ، وَلَا بَابَ فِيهِ أَوْ فِيهِ بَابٌ لَمْ يَقِفْ بِحِذَائِهِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يَمْنَعُ اهـ فَفِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً خِلَافٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ دُونَ جِدَارِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ مَحَلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ الْقَطْعِ بِالْبُطْلَانِ وَكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ خِلَافِ الشَّيْخَيْنِ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ، أَمَّا إذَا أَمْكَنَتْ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ خِلَافِهِمَا، وَتَكُونُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ مَشْرُوطَةً بِوُقُوفِ وَاحِدٍ يَرَى الْإِمَامَ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِاتِّصَالِ الصَّفِّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ بَحْثُ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ عَلَى الشَّارِحِ هُنَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ، وَقَدْ نَصَّ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّ الِانْعِطَافَ لَا يَضُرُّ، فَإِذَا وُجِدَ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرُوطِ كَوُقُوفِ وَاحِدٍ يَرَى الْإِمَامَ، صَحَّ الِاقْتِدَاءُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ) بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْإِمَامِ عَلَى الْعَادَةِ، كَانَ الْإِمَامُ خَلْفَ ظَهْرِهِ اهـ حَجَرٌ، فَيَكُونُ انْعِطَافُهُ أَوَّلًا نَاشِئًا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِانْعِطَافَ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ هُوَ الِانْعِطَافُ الْمُبْتَدَأُ مِنْ جِهَتِهِ بِأَنْ يَنْحَرِفَ عَنْ جِهَتِهِ إلَى الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ، فَإِنْ انْحَرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ مِنْهُمَا إلَى خَلْفٍ كَانَ انْعِطَافًا مَبْدَؤُهُ جِهَةُ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ لَا جِهَةُ الْإِمَامِ، فَإِذَا كَانَ وُصُولُهُ إلَى الْإِمَامِ بِانْعِطَافٍ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْبَارِ، فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ) رَدٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>