للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالشَّرْطُ مُحَاذَاتُهُ لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مَعَ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ كَمَا عُرِفَ، فَلَوْ لَمْ يُحَاذِهِ لِقِصَرٍ أَوْ قُعُودٍ وَلَوْ قَامَ مُعْتَدِلٌ لَحَاذَى كَفَى، أَوْ حَاذَى لِطُولٍ وَلَوْ قَامَ مُعْتَدِلٌ لَمْ يُحَاذِ لَمْ يَكْفِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي هَذَا الْحَالِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ كَالْحَالِ الثَّانِي فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبِ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُفَفُ الْمَدَارِسِ الْغَرْبِيَّةِ وَالشَّرْقِيَّةِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقِينَ، لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ وَالْمُرُورِ جَمِيعًا، فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ، إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ، وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالْعُلُوِّ الْبِنَاءُ وَنَحْوُهُ، وَأَمَّا الْجَبَلُ الَّذِي يُمْكِنُ صُعُودُهُ فَدَاخِلٌ فِي الْفَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ فِيهَا عَالٍ وَمُسْتَوٍ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ عَلَى الطَّرِيقِينَ اهـ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ الَّذِي يُمْكِنُ صُعُودُهُ أَنَّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ صُعُودُهُ كَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ الطَّرِيقِينَ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِمَا مَتَى حَالَ شُبَّاكٌ أَوْ بَابٌ مَرْدُودٌ ضَرَّ بِرّ

(قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ أَيْ اتِّصَالَ ارْتِبَاطٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ فِي الْحَاشِيَةِ، لَا اتِّصَالَ مَنَاكِبَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ) أَيْ فَيَكُونَ فِي صَحْنِ الْمَدْرَسَةِ مَأْمُومٌ يُصَلِّي يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ وَهُوَ الرَّابِطُ، وَيَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ فِي الصُّفَّةِ الْمَذْكُورَةِ ثَلَثُمِائَةٍ فَمَا دُونَ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ هَكَذَا ظَهَرَ لِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَهُوَ حَقٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِمُتَأَمِّلٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

الِانْخِفَاضُ الْقُدْوَةَ وَكَانَ بَعْضُ الَّذِينَ يَحْصُلُ بِهِمْ الِاتِّصَالُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ مَتَاعٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ مُحَاذَاتُهُ إلَخْ) أَيْ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا إنْ صَلَّى بِجَنْبِهِ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ مُحَاذَاتُهُ لَهُ إلَخْ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ الِارْتِفَاعُ عَلَى قَامَةِ الْأَسْفَلِ بِحَيْثُ لَوْ مُدَّ خَيْطٌ عَلَى قَدَمِ الْأَعْلَى حَاذَى رَأْسَ الْأَسْفَلِ، أَوْ لَوْ مَشَى الْأَسْفَلُ إلَى جِهَةِ الْأَعْلَى مَسَّتْ رَأْسُهُ قَدَمَ الْأَعْلَى اهـ. تَقْرِيرُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ الْأَعْلَى لَوْ سَقَطَ سَقَطَ عَلَى الْأَسْفَلِ، بَلْ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ) ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَلَى الْقُرْبِ الْعُرْفِيِّ، وَهُوَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالْمُحَاذَاةِ مَعَ الِاعْتِدَالِ لَا مَعَ الطُّولِ كَمَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ لَا يُعْتَبَرُ فِي سَمَاعِ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقَالُ: إذَا اُكْتُفِيَ بِالْمُحَاذَاةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فِيمَا مَرَّ فَبِالْحَقِيقِيَّةِ أَوْلَى اهـ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ الْإِمَامِ وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ مِنْ أَحَدِ الْبِنَاءَيْنِ بِالْآخَرِ، كَأَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ بِطَرَفِ الصُّفَّةِ وَآخَرُ بِالصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَ بِنَاءِ الْإِمَامِ فَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَوْ الشَّخْصَيْنِ بِالْبِنَاءَيْنِ وَقَفَ أَحَدُهُمَا بِآخِرِ بِنَاءِ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي بِأَوَّلِ بِنَاءِ الْمَأْمُومِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ إلَّا الْقُرْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ، أَوْ حَالَ مَا فِيهِ بَابٌ نَافِذٌ يَقِفُ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ، فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ كَالشُّبَّاكِ، فَوَجْهَانِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ، أَصَحُّهُمَا: عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ، أَوْ حَالَ جِدَارٌ بَطَلَتْ بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ اهـ، وَقَوْلُهُ: أَوْ حَالَ مَا فِيهِ بَابٌ نَافِذٌ يَقِفُ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَا لَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَالِاسْتِطْرَاقَ كَالْبَابِ النَّافِذِ، لَا بُدَّ أَنْ يَقِفَ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِطْرَاقِ، وَمِثْلُ عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ الْعُرْفِيَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَلَا نَظَرَ لَمَا فَهِمَهُ سم مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمَنْقُولِ سَابِقًا

(قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاتِّصَالَ وَالِاجْتِمَاعَ الْعُرْفِيَّ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ الْعُرْفَ يُوَافِقُهُ، وَادِّعَاءُ أُولَئِكَ أَنَّ الْعُرْفَ يُوَافِقُهُمْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ الْخَاصِّ، وَهُوَ لَا نَظَرَ إلَيْهِ إذَا عَارَضَهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ اهـ حَجَرٌ (قَوْلُهُ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ وَفِيهِ بَابٌ نَافِذٌ شُرِطَ وُقُوفُ وَاحِدٍ بِحِذَائِهِ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَلَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بَدَنُهُ أَوْ بَعْضُهُ عَنْ مُحَاذَاتِهِ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَوْ بَيْنَ الصَّفِّ وَرَاءَهُ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا اهـ ق ل، فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ كَالشُّبَّاكِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ، أَوْ حَالَ جِدَارٌ بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا أَيْضًا اهـ مَحَلِّيٌّ

(قَوْلُهُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ) بَيَانٌ لِمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا صَحَّحَ طَرِيقَةً فَهُمَا صَحَّحَاهُمَا وَمُقَابَلَةِ كُلِّ طَرِيقٍ الْآخَرَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ) خُصَّ الْكَلَامُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ وَحْدَهُ فِي الْمَدَارِسِ، وَإِلَّا فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُرُورُ وَحْدَهُ امْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ أَيْضًا بِاتِّفَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ) لِعَدَمِ وُقُوفِ أَحَدٍ فِي الصَّحْنِ يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ، فَإِنْ وَقَفَ فِيهِ أَحَدٌ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مَتَى أَمْكَنَ أَنْ يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ إلَخْ) لِيَكُونَ مَنْ بِالصَّحْنِ رَائِيًا بِالْفِعْلِ أَوْ فِي قُوَّتِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ إمْكَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>