لَكِنْ لَوْ أَحْدَثَ أَوْ زَالَ عَنْ مَوْقِفِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ وَقَفَ بِإِزَاءِ بَابِ مَفْتُوحٍ فَرَدَّهُ الرِّيحُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُهُ حَالًا فَتَحَهُ وَدَامَ عَلَى الْمُتَابَعَةِ، وَإِلَّا فَارَقَهُ
وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ انْتَهَى. وَقَدْ تَسْتَشْكِلُ هَذِهِ بِالْأُولَيَيْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ انْتِقَالَاتُ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ، وَبِأَنَّهُ فِيهَا مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْقَوْمِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَبِأَنَّ الْحَائِلَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ غَيْرَ النَّافِذِ فِي الْمَسْجِدِ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ دُونَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا امْتِنَاعُ كَوْنِهِ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى فِي حَقِّ الرِّجَالِ رَامِيًا فِي حَقِّ الْقَارِئِينَ وَلَا وَجْهَ لِزِيَادَةِ السَّلَامِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، فَيَنْقَطِعُ الرَّبْطُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ أَحْدَثَ أَوْ زَالَ عَنْ مَوْقِفِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ) كَذَا لَوْ عَرَضَ مَانِعٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ وَزَادَ مَا بَيْنَ كُلِّ صَفٍّ وَالْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَانَ كُلُّ صَفٍّ رَابِطًا لِلصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ، فَلَوْ زَالَ بَعْضُ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ زَادَ مَا بَيْنَ مَنْ بَعْدَهُ وَالْإِمَامِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ أَخْذًا مِنْ هُنَا؛ لِأَنَّ كُلَّ صَفٍّ رَابِطَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ رَدُّ الرِّيحِ الْبَابَ مُطْلَقًا م ر. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ) صَرِيحٌ فِي انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ حِينَئِذٍ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْمَجْمُوعِ، فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ حَدَثُ الْإِمَامِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِانْعِقَادِ الْقُدْوَةِ ثُمَّ مَعَ الْحَدَثِ فَيَسْتَصْحِبُ بَعْدَ التَّبَيُّنِ وَيَحْتَاجُ لِقَطْعِهَا، بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ الْقُدْوَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ مَعَهُ، وَقَدْ طَرَأَ قَطْعُهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِقَطْعِهَا بِالنِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ يَكُونُ فِي الْأُولَيَيْنِ حَائِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْمُرَادُ
ــ
[حاشية الشربيني]
بَعْضَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ، وَأَنْ يَصِلَ إلَى الْإِمَامِ بِغَيْرِ ازْوِرَارٍ إنْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ، وَلَوْ مَعَهُ إنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَمَّا مَنْ خَلْفَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِغَيْرِ ازْوِرَارٍ، وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْإِمَامِ بِهِ كَمَا فِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ، لَكِنْ قَرَّرَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْقُوَيْسِنِيُّ أَنَّ مَنْ خَلْفَ ذَلِكَ الْوَاقِفِ لَا بُدَّ أَنْ يَصِلَ إلَى الْإِمَامِ أَيْضًا بِلَا ازْوِرَارٍ، وَنَقَلَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ عَنْ م ر
(قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَخْ) فِي النَّاشِرِيِّ لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ فِي سُفْلٍ وَالْمَأْمُومُ عَلَى سَطْحٍ فَحَاذَاهُ، صَحَّ فَلَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ أَعْلَى مِنْ هَذَا الْمَأْمُومِ وَلَمْ يُحَاذِ الْإِمَامَ وَإِنَّمَا حَاذَى الْمَأْمُومَ، صَحَّتْ الْقُدْوَةُ وَكَذَا لَوْ جَاءَ ثَالِثٌ وَرَابِعٌ لِحُصُولِ الِاتِّصَالِ كَمَا فِي صُفُوفِ الْأَبْنِيَةِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ وَهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ) يُفِيدُ أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ أَوْ يَرَوْنَ مَنْ يَرَاهُ، لِأَنَّهُ هُوَ مَعَ الْإِمَامِ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فِي الْإِحْرَامِ) فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَالظَّاهِرُ جَوَازُ سَلَامِهِمْ قَبْلَ الرَّابِطَةِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِهَا سُقُوطُ حُكْمِ الرَّابِطَةِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُنْفَرِدِينَ، فَلَا مَحْذُورَ فِي سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّابِطَةِ، فَإِنَّ الْقُدْوَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَلَا مَانِعَ مِنْ السَّلَامِ قَبْلَهُ، كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش وسم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ بَحْثِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَجِبُ التَّأَخُّرُ عَنْهُ فِي الْمَوْقِفِ وَالْأَفْعَالِ وَالسَّلَامِ اهـ
وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَكْبِيرُهُمْ عَلَى تَكْبِيرِهِ اهـ وَقَوْلُنَا وَالسَّلَامِ قَالَ شَيْخُنَا إذْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لَمْ تَبْطُلْ) بِشَرْطِ عِلْمِهِمْ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَمَّا إذَا وَقَفَ الْإِمَامُ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَالْمَأْمُومُ فِي مَكَان عَالٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ طَرَفِ صُفَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَبِمَاذَا يَحْصُلُ الِاتِّصَالُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْوَاقِفِ فِي السُّفْلِ يُحَاذِي رُكْبَةَ الْوَاقِفِ فِي الْعُلُوِّ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ حَاذَى رَأْسُ الْأَسْفَلِ قَدَمَ الْأَعْلَى صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَقَدَمُ الْأَعْلَى مُحَاذٍ لِرَأْسِ الْأَسْفَلِ مَا نَصُّهُ: وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا إنْ صَلَّى بِجَنْبِهِ، وَالْأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ وَقَفَ إلَخْ مِنْ تَفَارِيعِ الطَّرِيقَةِ الضَّعِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَحَيْثُ لَا يَمْنَعُ