فَمَسْجِدٌ، أَوْ قَبْلَهُ فَمَسْجِدَانِ مُنْفَصِلَانِ، أَمَّا الْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ الْمُتَنَافِدَةُ فَكَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ، كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ كَثِيرِينَ قَالَ: وَرَحْبَةُ الْمَسْجِدِ، وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ عَدَّهَا الْأَكْثَرُونَ مِنْهُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ كُجٍّ إنْ انْفَصَلَتْ فَكَمَسْجِدٍ آخَرَ، ثَانِيهَا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا فِي مُنْبَسِطٍ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَأَقَلُّ تَقْرِيبًا، فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ الْأَخِيرِ فَرَاسِخَ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ
وَقِيلَ: مِمَّا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، إذْ سِهَامُ الْعَرَبِ لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ، ثَالِثُهَا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا بِنَاءَانِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، بِأَنْ يَقِفَ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ كَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ، فَإِنْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ بِجَنْبِ الْإِمَامِ فَالشَّرْطُ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ، بِحَيْثُ لَا يَخْلُو بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ لِتَحْصُلَ رَابِطَةُ الِاجْتِمَاعِ، وَإِلَّا فَاخْتِلَافُ الْبِنَاءِ يُوجِبُ الِافْتِرَاقَ، وَلَا تَضُرُّ فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ وَاقِفًا، وَمِثْلُهَا عَتَبَةٌ بَيْنَهُمَا تَتَعَذَّرُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَقَفَ خَلْفَهُ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا، إذْ لَا يُمْكِنُ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، فَلَوْ زَادَ مَا لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْحِسِّ بِلَا ذَرْعٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي الْبِنَاءِ الْآخَرِ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ تَبَعًا لَهُ، وَلَا يَضُرُّ الْحَائِلُ عَنْ الْإِمَامِ، وَهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَضُرَّ تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ وَالْمَوْقِفِ
ــ
[حاشية العبادي]
فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا تَنَافُذُ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِشَخْصِهَا لَيْسَتْ فِي الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ فَمَسْجِدٌ) أَيْ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَمَسْجِدَانِ مُنْفَصِلَانِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ النَّهْرُ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ وَيُدْخِلُهُ فِي الْوَقْفِيَّةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْجَمِيعَ مَسْجِدٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِهِ) وَلَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا قَبْلَ الْآنَ شَارِعًا أَوْ نَحْوَهُ، سَوَاءٌ أَعُلِمَ وَقْفِيَّتُهَا مَسْجِدًا، أَوْ جُهِلَ أَمْرُهَا، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَهَكَةً غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ طَرِيقٌ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقُهُ لِلْمَسْجِدِ، أَمَّا إذَا عُلِمَ سَبْقُهُ فَهُمَا كَمَسْجِدَيْنِ فِيمَا مَرَّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ كُجٍّ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ جُهِلَ وَقْفِيَّتُهَا مَسْجِدًا، فَإِنْ عُلِمَ وَقْفِيَّتُهَا مَسْجِدًا فَمَسْجِدٌ قَطْعًا، وَعَكْسُهُ لَيْسَ مَسْجِدًا قَطْعًا بِرّ
(قَوْلُهُ فَرَاسِخَ) هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ تَأَخُّرِ إحْرَامِ الْكَائِنِ فَوْقَ الثَّلَاثِمِائَةِ عَلَى إحْرَامِ مَأْمُومٍ فِيهَا يَكُونُ كَالرَّابِطَةِ، وَلَوْ زَالَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِرّ. (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ) مِنْ مَكَان وَاحِدٍ أَوْ مَكَانَيْنِ كَدَارَيْنِ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُصَلِّي فِي صَفِّ الْمَأْمُومِ، وَبِنَائِهِ سِوَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ بِرّ. أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْمُومِ، كَذَا يَنْبَغِي أَنَّهُ الْمُرَادُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُصَلِّي فِي بِنَاءٍ ثَالِثٍ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ اتِّصَالِ بِنَائِهِ بِبِنَاءِ الْمَأْمُومِ أَيْضًا، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) لَوْ فُرِضَ حُصُولُهَا مِنْ مَأْمُومَيْنِ، وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي طَرَفِ بِنَاءِ الْإِمَامِ، وَالْآخَرُ فِي الْبِنَاءِ الْآخَرِ كَفَى وَإِنْ بَعُدَ الْإِمَامُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ فِي طَرَفِ بِنَاءِ الْإِمَامِ حِينَئِذٍ تَحَرَّمَ قَبْلَ هَذَا، فَإِنَّ الرَّبْطَ بِهِ، ثُمَّ مَنْ خَلْفَهُ يَكُونُ رَابِطَةً لِمَنْ وَرَاءَهُ بِرّ
(قَوْلُهُ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ) ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أُنْثَى وَمَنْ خَلْفَهُ ذَكَرًا عَلَى الْمُتَّجَهِ بِرّ وَحَجَرٌ، وَخَالَفَ م ر. (قَوْلُهُ وَهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ) ، الْمُتَّجَهُ عِنْدِي أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الرَّابِطَةُ كَفَى وُجُودِ شُرُوطِهَا مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ طَارِئًا حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ وَمَوْقِفُهُ عَنْ وَاحِدٍ فِي رَكْعَةٍ وَعَنْ آخَرَ فِي أُخْرَى أَوْ عَنْ الْمَوْجُودِ فِي رَكْعَةٍ وَعَنْ الطَّارِئِ فِي أُخْرَى كَفَى؛ لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ يَصْلُحُ لِلرَّبْطِ مُطْلَقًا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وُجِدَ يَتَحَقَّقُ بِهِ الرَّبْطُ، وَيَصِيرُ الْمَكَانَانِ بِسَبَبِهِ كَالْوَاحِدِ فَتَأَمَّلْهُ سم
(قَوْلُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالْمَوْقِفِ) زَادَ فِي الْقُوتِ السَّلَامُ بَحْثًا وَزَادَ ابْنُ الْمُقْرِي الْأَفْعَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ، لَكِنَّهُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: إنَّهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ
[حاشية الشربيني]
فَتَاوَى السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ مَعَ ضَعْفِهِ، فَيُصَلَّى فِي الشَّبَابِيكِ الَّتِي بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) أَمَّا فِيهِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مُطْلَقًا عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ اهـ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِنَاءَانِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَسْجِدًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا عَتَبَةٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ وَسِعَتْ وَاقِفًا حَرَّرَهُ ثُمَّ رَأَيْت حَجَرًا عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ وَاقِفًا قَوْلَهُ أَوْ تَسَعُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ فِيهَا
(قَوْلُهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْحِسِّ بِلَا ذَرْعٍ) أَيْ وَإِنْ تَبَيَّنَ بِالذَّرْعِ فِي الْحِسِّ (قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي الْبِنَاءِ الْآخَرِ إلَخْ) ثُمَّ هَذَا الْوَاقِفُ لَا بُدَّ أَنْ يَرَى الْإِمَامَ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute