للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالسَّفَرُ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إخْرَاجُ عِبَادَةٍ عَنْ وَقْتِهَا فَاخْتُصَّ بِالطَّوِيلِ كَالْفِطْرِ، وَالْأَفْضَلُ لِلسَّائِرِ وَقْتَ الْأُولَى تَأْخِيرُهَا إلَى الثَّانِيَةِ وَلِلنَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ إلَيْهَا لِلْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَكَتُوا عَمَّا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرِينَ عَكْسُهُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ، وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ، وَخَرَجَ بِالْعَصْرَيْنِ وَتِلْوَيْهِمَا الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا يُجْمَعَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرِ بِالسَّفَرِ تَقْدِيمًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ

وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْجَمْعِ تَقْدِيمًا جَمْعُ الْمُتَحَيِّرَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِهَا، وَإِنَّمَا يَقْصُرُ وَيَجْمَعُ (بَعْدَ عُبُورِ السُّورِ) أَيْ مُجَاوَزَتِهِ إنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَهُ سُورٌ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلَهُ مَزَارِعُ وَخَرَابٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ الَّذِي وَرَاءَ السُّورِ لَا يُعْتَبَرُ عُبُورُهُ وَإِنْ لَاصَقَهُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ الْبَلَدِ، وَلِهَذَا يُقَال: مَدْرَسَةُ كَذَا خَارِجَ الْبَلَدِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ: الْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عُبُورِهِ وَإِطْلَاقُ النَّوَوِيِّ فِي الصَّوْمِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ اعْتِبَارَ عُبُورِ الْعُمْرَانِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ فَلَهُ الْفِطْرُ، إنْ فَارَقَ الْعُمْرَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَا سُورَ لَهَا لِيُوَافِقَ مَا هُنَا، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَأْتِ لِلْعِبَادَةِ بِبَدَلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) بَعْدَ عُبُورِ (الْعُمْرَانِ) إنْ سَافَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ لِلسَّائِرِ إلَخْ) مَعَ نُزُولِهِ وَقْتَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلِلنَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى) مَعَ سَيْرِهِ وَقْتَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَسَكَتُوا عَمَّا إذَا إلَخْ) وَكَذَا عَمَّا إذَا كَانَ نَازِلًا فِيهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّارِحُ لَا هُنَا وَلَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنُّزُولِ فِيهِمَا مَا يَشْمَلُ الْوُقُوفَ عَنْ السَّيْرِ قَدْرَ مَا يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ. (قَوْلُهُ سَائِرًا فِيهِمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا أَنَّ الْأَفْضَلَ جَمْعُ التَّأْخِيرِ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِهِ، وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي غَيْرِ الْعُذْرِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ م ر

(قَوْلُهُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَوَجْهُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ أَنَّ الْوَقْتَيْنِ كَوَقْتٍ وَاحِدٍ فِي السَّفَرِ، فَفِعْلُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ إنْ قِيلَ: مُرَاعَاةُ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى يُعَارِضُهُ أَنَّ فِي التَّأْخِيرِ مُرَاعَاةَ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ) أَيْ وَمُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ إلَخْ) كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلَ إذَا كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى لِسُهُولَتِهِ، وَقَدْ انْتَفَتْ السُّهُولَةُ إذَا كَانَ سَائِرًا فِي الْوَقْتَيْنِ

(قَوْلُهُ جَمْعُ الْمُتَحَيِّرَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَسْقُطْ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَلَوْ حَذَفَ بِالتَّيَمُّمِ كَانَ أَوْلَى اهـ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ إنَّمَا اُسْتُثْنِيَتْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ صِحَّةِ صَلَاتِهَا، وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمُلْحَقَاتِ تَحَقَّقْنَا صِحَّتَهَا وَلَا يَضُرُّ لُزُومُ قَضَائِهَا

(قَوْلُهُ بِبَدَلٍ) أَيْ فِي الْحَالِ

ــ

[حاشية الشربيني]

رَكْعَةٍ قَاصِدُ سَيْرِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ذَهَابًا إلَخْ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ كَانَ التَّعَدُّدُ لِحَاجَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ لَا تُغْنِيهِ عَنْ ظُهْرِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَيْ جَمْعُ الْعَصْرِ مَعَ الْجُمُعَةِ أَوْ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ بَاطِلَةً، وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهَا يَلْزَمُ الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ فَيَفُوتُ الْوَلَاءُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ بِهَامِشِ اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمًا) وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا إلَّا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ الْأَصْلِيِّ اهـ م ر. وَاعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ جَمْعُ الْمُتَحَيِّرَةِ) مِثْلُهَا فَاقِدُ الطُّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَة قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ:؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا تُجْزِئُهُ وَفِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ تَقْدِيمٌ لَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَفِي التَّأْخِيرِ تَوَقُّعُ زَوَالِ الْمَانِعِ اهـ سم اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَخَرَجَ بِجَمْعِ التَّقْدِيمِ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فَيَجُوزُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ التَّقْدِيمُ بِلَا ضَرُورَةٍ مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي غَيْرِهَا فِي التَّأْخِيرِ اهـ ع ش. بِزِيَادَةٍ لَكِنْ خَالَفَهُ الْمُحَشِّي وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بَعْدَ عُبُورِ السُّورِ) وَيَلْحَقُ بِهِ تَحْوِيطُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَلَيْهَا بِالتُّرَابِ، فَيُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سُورٌ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ اهـ مَرْصَفِيٌّ، وَلَوْ وُجِدَ التَّحْوِيطُ بِالتُّرَابِ وَالْخَنْدَقِ فَالْخَنْدَقُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ اهـ. سُلْطَانٌ اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ بَعْدَ عُبُورِ السُّورِ) وَلَوْ مُتَهَدِّمًا إنْ بَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ. (قَوْلُهُ إنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ) الْبَلَدُ وَالْبَلْدَةُ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ مُتَحَيِّزَةٍ عَامِرَةٍ أَوْ غَامِرَةٍ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُسْتَحِيزُ الْمُسْتَحْوِزُ أَيْ الْجَامِعُ، وَفِي الصِّحَاحِ وَالْمِصْبَاحِ قِطْعَةُ أَرْضٍ عَامِرَةٍ أَوْ خَالِيَةٍ، وَفِي غَيْرِهِمَا قِطْعَةُ أَرْضٍ مُخْتَطَّةٍ

(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْبَابَيْنِ عَلَى وُجُودِ السَّفَرِ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِحُصُولِهِ فِيمَا لَهُ سُورٌ بِمُجَاوَزَتِهِ، فَالتَّوَقُّفُ حِينَئِذٍ عَلَى مُجَاوَزَةِ مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْعُمْرَانِ لَا مَعْنَى لَهُ. (قَوْلُهُ عُبُورِ الْعُمْرَانِ) حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ مُتَّصِلٌ وَلَا مُنْفَصِلٌ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ عُبُورِ الْعُمْرَانِ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْهُ إنْ سَافَرَ مِنْ دَاخِلِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ مُحَاذَاتِهِ إذَا سَافَرَ فِي جَانِبِهِ، وَسَيْرُ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ خُرُوجُ السَّفِينَةِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعُمْرَانِ لِمَنْ سَافَرَ فِي طُولِ الْبَحْرِ، وَجَرْيُهَا أَوْ جَرْيُ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا آخِرَ مَرَّةٍ لِمَنْ سَافَرَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>