للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَكَسَ وَأَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ فَقَدْ وُجِدَ الْعُذْرُ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَأَوَّلِ التَّابِعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَأَجْرَى صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَالَ: وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُكْتَفَ بِهِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ، بَلْ شُرِطَ دَوَامُهُ إلَى تَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ، وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ، إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَيْهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِيهِ، وَأَنْ يَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ

(وَالْأَبَرْ) أَيْ الْأَفْضَلُ (أَنْ يُؤْثِرَ) الْمُسَافِرُ (الْقَصْرَ عَلَى الْإِتْمَامِ فِي سَفَرِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ يُوجِبُ الْقَصْرَ حِينَئِذٍ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَيُخَالِفُ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ وَإِنْ مَنَعَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ لَا يُقِيمُونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَزْنًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَلِبَقَاءِ شَغْلِ الذِّمَّةِ إذَا أَفْطَرَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ، وَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَعَادَتُهُ السَّيْرُ أَبَدًا فَالْأَفْضَلُ لَهُمَا الْإِتْمَامُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، أَمَّا سَفَرُ دُونَ الثَّلَاثَةِ فَالْإِتْمَامُ فِيهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، بَلْ يُكْرَهُ الْقَصْرُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ، إلَّا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ، وَكَذَا فِي حَقِّ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْقَصْرِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْإِتْمَامُ إلَى أَنْ تَزُولَ الْكَرَاهَةُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الرُّخَصِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَلِأَنَّ فِيهِ إخْلَاءَ وَقْتِ الْعِبَادَةِ عَنْهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْجَمْعِ كَمَا عُلِمَ، وَالْحَاجُّ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ لَهُ فِي الدُّعَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي السَّيْرِ فِي الثَّانِي، وَمَنْ إذَا جَمَعَ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ

(وَسُنَّتَيْ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ قَدَّمَا) أَيْ الْجَامِعُ نَدْبًا (عَلَيْهِمَا) بِأَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ ثُمَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، (وَسُنَّتَيْ تِلْوَيْهِمَا) أَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (أَخَّرَ) وُجُوبًا بِأَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَيْنِ ثُمَّ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ سُنَّةَ الْعِشَاءِ، وَتَبِعَ الْحَاوِي فِيمَا تَقَرَّرَ فِي سُنَّتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ الرَّافِعِيَّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

التَّرْتِيبِ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ، فَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُكْتَفَى بِهِ فِي الظَّنِّيَّاتِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ إلَخْ) الْأَظْهَرُ فِي الْفَرْقِ أَنَّا لَوْ لَمْ نَكْتَفِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، لَزِمَ بُطْلَانُهَا إذَا انْقَطَعَ السَّفَرُ قَبْلَ تَمَامِهَا فَاكْتَفَيْنَا بِمَا ذُكِرَ صَوْنًا لَهَا عَنْ الْإِبْطَالِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لَا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ الْبُطْلَانِ بَلْ تَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ يَكْفِي فِي الْفَرْقِ بُطْلَانُ الْفَرْضِيَّةِ

(قَوْلُهُ إلَّا فِي السَّفَرِ) فِيهِ أَنَّهُ وَقْتٌ لَهُ أَيْضًا فِي الْمَطَرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمَطَرِ، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي السَّفَرِ وَنَحْوِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ) قِيلَ: بَلْ قَدْ يَجِبُ فِي إدْرَاكِ عَرَفَةَ أَوْ أَسِيرٍ

(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الظُّهْرَ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَأَجْرَى صَاحِبُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ م ر. (قَوْلُهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ) هُوَ الطَّاوُوسِيُّ لَهُ حَاشِيَةٌ عَلَى الْحَاوِي سَمَّاهَا التَّعْلِيقَةَ

(قَوْلُهُ إلَّا فِي السَّفَرِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَطَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفَرْقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ دَوَامِ السَّفَرِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ دُونَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَلَا دَخْلَ فِي ذَلِكَ لِلْمَطَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ التَّابِعَةُ أَوْ الْمَتْبُوعَةُ؛ لِأَنَّ الْمَتْبُوعَةَ لَيْسَتْ مَتْبُوعَةً إلَّا إذَا وَقَعَ كُلُّهَا فِي السَّفَرِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فِي سَفَرِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ: رَأَيْتُ فِي الْأَعْلَامِ لِلْقُطْبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثُ مَرَاحِلَ تُقْطَعُ كُلُّ مَرْحَلَةٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ مِنْ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ، وَعَلَيْهِ فَالثَّلَاثَةُ عِنْدَهُمْ لَا تُجَاوِزُ الِاثْنَيْنِ عِنْدَنَا، وَالْوَاقِعُ أَنَّ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، فَنَقْلُ أَئِمَّتِنَا عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ عِنْدَهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ مَنْ يُوجِبُ الْقَصْرَ) هَلْ يُوجِبُ نِيَّةَ الْقَصْرِ حِينَئِذٍ؟ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ الصَّوْمَ إلَخْ) حَيْثُ كَانَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ الْمَلَّاحُ إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ الْإِتْمَامُ لَهُ أَفْضَلَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَحْمَدَ الْقَائِلِ بِمَنْعِ الْقَصْرِ لَهُ، وَمِثْلُهُ الثَّانِي وَقُدِّمَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ

(قَوْلُهُ وَمَعَهُ أَهْلُهُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ مِثْلُ مَنْ لَهُ، وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مَنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَعَهُ ع ش. (قَوْلُهُ فَالْإِتْمَامُ فِيهِ أَفْضَلُ) أَيْ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا الْمُوجِبِ لِلْإِتْمَامِ م ر. (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) حَمَلَ م ر الْكَرَاهَةَ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى غَيْرِ الشَّدِيدَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ كَرَاهَةَ الْقَصْرِ) أَيْ عَدَمَ رَغْبَتِهِ فِيهِ لِشَكٍّ فِي دَلِيلِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ) وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّ الْخِلَافَ لَا يُرَاعَى إنْ خَالَفَ سُنَّةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ تَأْوِيلَهُمْ لَهَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لَهُ نَوْعُ تَمَاسُكٍ، وَطَعْنَهُمْ فِي صِحَّتِهَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ مُحْتَمَلٌ مَعَ اعْتِضَادِهِمْ بِالْأَصْلِ فَرُوعِيَ اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ إخْلَاءَ وَقْتِ الْعِبَادَةِ عَنْهَا) أَيْ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ صَيَّرَ الْوَقْتَيْنِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ الْحَاجُّ بِعَرَفَةَ) فَإِنَّهُ يَجْمَعُ تَقْدِيمًا كَمَا يُسْتَثْنَى مِنْ النَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى الْحَاجُّ بِمُزْدَلِفَةَ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُ تَأْخِيرًا فِيهَا اهـ بج. (قَوْلُهُ أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ إلَخْ) أَيْ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَيَجْمَعُ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا يَكُونُ حِينَئِذٍ أَفْضَلَ لَا وَاجِبًا، بِخِلَافِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>