، وَالْأَوْلَى رِوَايَةُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَاخْتَارَهَا الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ لِلْقُرْآنِ لِإِشْعَارِ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} [النساء: ١٠٢] بِصَلَاةِ الْأُولَى وَلِأَنَّهَا أَلْيَقُ بِالصَّلَاةِ لِقِلَّةِ الْأَفْعَالِ وَلِأَنَّهَا أَحْوَطُ لِلْحَرْبِ، فَإِنَّهَا أَخَفُّ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ فِيهَا بِلَا ضَرُورَةٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ؛ لِأَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي يَوْمٍ، وَالْأُخْرَى فِي يَوْمٍ آخَرَ وَدَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْإِعْلَامُ بِتَسْمِيَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبِتَسْمِيَةِ مَا قَبْلَهَا بِصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَهُمَا مَوْضِعَانِ مِنْ نَجْدٍ وَسُمِّيَتْ الْغَزْوَةُ بِغَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمَّا تَقَرَّحَتْ وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ وَسَوَادٌ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ وَقِيلَ: لِتَرْقِيعِ صَلَاتِهِمْ فِيهَا
(وَلَوْ) كَانَتْ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (فِي جُمُعَهْ) حَيْثُ وَقَعَ الْخَوْفُ بِبَلْدَةٍ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ (إذَا بِأَرْبَعِينَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ (خَطَبْ) بِأَنْ خَطَبَ بِالْكُلِّ ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ لَا تَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ أَرْبَعِينَ أَوْ بِطَائِفَةٍ وَجَعَلَ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ مَعَ كُلِّ فِرْقَةٍ، فَلَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، أَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِيهِمَا، أَوْ فِي الْأُولَى لَمْ تَنْعَقِدْ الْجُمُعَةُ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ، وَالْخُطْبَةِ فِيهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ، فَقِيلَ: كَذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِإِفْهَامِهِ لِذَلِكَ أَنَّ إطْلَاقَهُ شَامِلٌ لَهُ، وَإِلَّا، فَإِفْهَامُهُ خُصُوصَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِصَلَاةِ الْأُولَى) أَيْ: بِجَمِيعِ صَلَاتِهَا، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَالْإِعْلَامُ، بِتَسْمِيَةِ إلَخْ.) إنَّمَا أَرَادَ الْإِعْلَامَ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْجُمْلَةِ لَيْسَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي جُمُعَةٍ إذًا، بِأَرْبَعِينَ إلَخْ.) هَلْ يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَمْنِ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْنَاهُ فِي هَامِشِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَطَبَ بِالْكُلِّ إلَخْ.) بَقِيَ مَا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ ثُمَّ صَلَّى، بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا، فَارَقَتْهُ، وَأَتَمَّتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ ثُمَّ جَاءَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى، فَخَطَبَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانُوا فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ ثُمَّ اقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ تُتِمُّ ثَانِيَتَهَا، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْفِرْقَتَيْنِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ، وَالنَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَضُرُّ، وَأَوَّلُهُ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى صُلِّيَتْ، بِأَرْبَعِينَ. اهـ. أَيْ: وَلَمْ يَنْقُصُوا فِي ثَانِيَتِهِمْ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْفِرْقَةُ الْمُصَلِّيَةُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ عَنْ أَرْبَعِينَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِمْ، وَأَنْ لَا تَنْقُصَ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَرْبَعِينَ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَلَا يَضُرُّ النَّقْصُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: نَقْصُ الْعَدَدِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَقِيلَ كَذَلِكَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ، وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا سَلَّمَ، فَوَّتَ عَلَيْهِمْ الْوَاجِبَ الْأَقْرَبَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ، فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَحَسَّ، بِدَاخِلٍ فِي رُكُوعِ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ أَوَّلُ الِاشْتِغَالِ عَنْ الْقِتَالِ فَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنُوا فِيهِ ضَعُفَ عَزْمُهُمْ، وَحَمَلُوا مَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَيْهَا تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ) أَيْ: أَقَامُوا بِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا بِأَرْبَعِينَ إلَخْ.) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ أَرْبَعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَضُرُّ نَقْصُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ فِي حَالِ التَّحَرُّمِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ) الْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْصَ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أُولَاهَا، أَوْ فِي ثَانِيَتِهَا، وَالنَّقْصُ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أُولَاهَا، أَوْ فِي ثَانِيَتِهَا قَرَّرَهُ الشَّبْشِيرِيُّ. اهـ. ع ش، وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي الْخَوْفِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي غَيْرِهِ يُشْتَرَطُ فِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ بَقَاءُ الْعَدُوِّ، وَالْجَمَاعَةِ إلَى تَمَامِ الرَّكْعَةِ. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُ ثَمَانِينَ فَأَكْثَرَ، وَإِحْرَامُ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، وَيَضُرُّ نَقْصُهُمْ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي رَكْعَتَيْهَا لَا فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِيَكُونَ لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِ الثَّمَانِينَ فَائِدَةٌ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر أَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْصُ حَالَ إحْرَامِهِمْ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ، وَوَجْهُ مَا فِي م ر كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ صَلَاةَ الثَّانِيَةِ ابْتِدَاءُ إقَامَةِ جُمُعَةٍ فَاشْتَرَطْنَا فِيهَا السَّمَاعَ، وَالْعَدَدَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ إذَا انْعَقَدَتْ صَارَتْ تَابِعَةً لِلْأُولَى فَاغْتُفِرَ النَّقْصُ مِنْ الْعَدَدِ مُرَاعَاةً لِلتَّبَعِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ نَقْصٌ لِلسَّمَاعِ. اهـ. وَهُوَ كَمَا تَرَى لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ إذْ مُقْتَضَى الصَّيْرُورَةِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ حَالَةَ الِانْعِقَادِ، وَمُقْتَضَى التَّبَعِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ السَّمَاعِ، وَنُقِلَ عَنْ حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ أَنَّ النَّقْصَ فِي أُولَى كُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يَضُرُّ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِكُلٍّ لَا يَضُرُّ لِلْحَاجَةِ مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِهَا. اهـ. فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: إذَا بِأَرْبَعِينَ إلَخْ.) فِي الْحَلَبِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ هَلَّا قِيلَ: بِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ فِي الْجُمُعَةِ لَوْ فَارَقُوا الْإِمَامَ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَاحِدٌ صَحَّتْ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ شَرْطُهَا أَنْ يَسْمَعَ الْخُطْبَةَ أَرْبَعُونَ مِنْ الْفِرْقَةِ الْأُولَى، وَيَضُرُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute