للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْأُولَيَيْنِ قَالُوا: وَاخْتَارَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدُوِّ، فَهُوَ أَمْكَنُ حُرَّاسِهِ وَلِأَنَّهُ إذَا حَرَسَ كَانَ جُنَّةً لِمَنْ خَلْفَهُ وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مَعْرِفَةَ حَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذِهِ التَّوْجِيهَاتُ حَسَنَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَصْدُقُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ، وَالْأَمْرُ سَهْلٌ ثَمَّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ هَلْ الْأَوْلَى الثَّالِثَةُ، أَوْ الرَّابِعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَآخَرُونَ: بِالثَّانِي، وَالْعِرَاقِيُّونَ: بِالْأُولَى وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ لَهُ أَدَلُّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ

ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ، فَقَالَ: (وَحَيْثُ لَا) يَكُونُ الْعَدُوُّ (فِي وَجْهِهَا) أَيْ: الْقِبْلَةِ، أَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ (يُصَلِّي) أَيْ الْإِمَامُ (صَلَاةَ هَادِينَا) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِبَطْنِ نَخْلِ) كَمَا رَوَاهَا الشَّيْخَانِ (بِفِرْقَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ) كُلَّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ، وَيَنْحَازُ بِهَا إلَى حَيْثُ لَا يَبْلُغُهَا سِهَامُ الْعَدُوِّ وَتَكُونُ الْأُخْرَى فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ سَوَاءٌ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (جُعِلَا لَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (الصَّلَاةُ) أَيْ: صَلَاتُهُ (ثَانِيًا) مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (تَنَفُّلَا) لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْأُولَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ نُدِبَ إلَيْهَا فِيهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَخَوْفِ هُجُومِهِ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ (لَكِنْ صَلَاةُ ذِي) أَيْ: ذَاتِ (الرِّقَاعِ) وَهِيَ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَوْلَى مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ (وَهِيَ) أَيْ: صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (أَنْ يُصَلَّى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِكُلِّ فِرْقَةٍ لَهُمْ فِي رَكْعَهْ) وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ كَالْحَاوِي: بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً (مِنْ) الْفَرْضِ (الثُّنَائِيِّ) كَصُبْحٍ وَمَقْصُورَةٍ، وَالْأُخْرَى فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ بِأَنْ يُصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةٌ، فَإِذَا فُرِغَ مِنْهَا فَارَقَتْهُ وَأَتَمَّتْ، ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الْأُخْرَى، فَيُصَلَّى بِهَا الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ، ثُمَّ تَتِمُّ ثَانِيَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ لَمْ تُفَارِقْهُ الْأُولَى، بَلْ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ سَاكِتَةً وَجَاءَتْ الْأُخْرَى فَصَلَّتْ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الْأُولَى مَحَلَّ الصَّلَاةِ وَأَتَمَّتْ وَذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الْأُخْرَى أَتَمَّتْ صَحَّ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ.) قَدْ يُشْكَلُ مَعَ هَذَا التَّوْجِيهِ اخْتِيَارُ الثَّالِثَةِ عَلَى الْأُولَى مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ حَرَسَ فِيهِ الْمُقَدَّمُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنَّ حِرَاسَةَ الْمُقَدَّمِ إنَّمَا هِيَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى، وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ: وَهِيَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِي فِي الْأُولَى، وَالْأَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِمَكَانِهِ، وَالرَّابِعَةُ هِيَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِي بِمَكَانِهِ فِي الْأُولَى وَالْأَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ تَأَخُّرِهِ، وَتَقَدَّمَ الثَّانِي سم (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ تَوْجِيهِ اخْتِيَارِهِ الْأَخِيرَتَيْنِ، بِمَا تَقَدَّمَ تَرْجِيحُ مَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي عَدَمِ صِدْقِ التَّوْجِيهَاتِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَبْلَهَا مِنْ عَدَمِ التَّحَوُّلِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْحَرَكَاتِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ الصَّلَاةَ، وَمِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَبْطُلَ، وَلَعَلَّ هَذَا التَّحَرُّزَ، وَجْهُ مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، أَوْ مِنْهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

سم

(قَوْلُهُ: أَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ) مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ كَثْرَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَفَقْدُهَا، بِأَنْ يَتَمَلَّوْا، فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهَا عِنْدَ الْقِلَّةِ يَجُوزُ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ عِنْدَ الْكَثْرَةِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: نُدِبَ إلَيْهَا) ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فِي الْأَمْنِ لِلْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعِيدًا (قَوْلُهُ: نُدِبَ إلَيْهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ، بِالْمُتَنَفِّلِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ هُنَا الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: فِيمَا يَأْتِي لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافٍ إلَخْ. إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِالْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَقَوْلُهُ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ أَيْ: فَالْإِمَامُ هُنَا، وَإِنْ كَانَ مُعِيدًا، وَالْمُعِيدُ مُتَنَفِّلٌ لَا يُسَنُّ عَدَمُ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتِ) لَعَلَّ هَذَا التَّفْسِيرَ؛ لِأَنَّ ذَاتَ هِيَ عِبَارَتُهُمْ، وَهِيَ الْوَارِدَةُ، وَإِلَّا، فَالتَّعْبِيرُ بِذِي صَحِيحٌ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ التَّذْكِيرِ (قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ إلَخْ.) ثُمَّ قَالَ: وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ إلَخْ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَثَمَّ فِي الِاسْتِحْبَابِ. اهـ.

وَأَرَادَ بِمَا مَرَّ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْهُ عَلَى قَوْلِهِ: هُنَا نُدِبَ إلَيْهَا مِنْ قَوْلِنَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ إلَخْ. وَكَأَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ يُطْلَبُ بِالنِّسْبَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ دُونَ اسْتِحْبَابِ بَطْنِ نَخْلٍ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:، وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يُصَلِّي صَلَاةً كَامِلَةً عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ أَنَّ فِي ثَانِيَةِ كُلِّ فِرْقَةٍ انْفِرَادًا عَنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ حِسِّيًّا فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالِانْفِرَادُ أَخَفُّ مِنْ الِارْتِبَاطِ الْمُوجِبِ لِمُرَاعَاةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ، وَالتَّقَيُّدِ بِهَا، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَخَفُّ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ إذْ لَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ هُنَا، وَيَتَكَرَّرُ مِنْهُ فِي بَطْنِ نَخْلٍ (قَوْلُهُ: وَأَعْدَلُ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ تُصَلِّي جَمِيعَ الصَّلَاةِ بَعْضَهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَبَعْضَهَا وَحْدَهَا أَنَّ تَأَخُّرَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ يَنْجَبِرُ، بِتَشَهُّدِهَا، وَسَلَامِهَا مَعَ الْإِمَامِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي بَطْنِ نَخْلٍ، فَإِنَّهُ لَا جَابِرَ لِتَأَخُّرِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا يَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

سم (قَوْلُهُ: فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا، فَارَقَتْهُ) أَيْ: بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تُفَارِقْهُ الْأُولَى بَلْ ذَهَبَتْ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الذَّهَابِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مُفَارِقَةٍ لَكِنْ فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ، وَلِلْأَوَّلِينَ أَنْ لَا يُتِمُّوا صَلَاتَهُمْ بَلْ يَنْوُوا مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ، وَيَذْهَبُوا اتِّجَاهَ الْعَدُوِّ، وَيَقِفُوا سُكُوتًا إلَخْ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ لَمْ يُتِمَّهَا الْمُقْتَدُونَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَلْ ذَهَبُوا، وَوَقَفُوا اتِّجَاهَ الْعَدُوِّ سُكُوتًا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ) قَدْ يُشْكِلُ إفْهَامُهُ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ: هُنَا، فَلَمَّا سَلَّمَ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ إلَخْ. الْمُقْتَضَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ تُتِمُّ صَلَاتَهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ الْمُتَعَلِّقَ بِذَلِكَ، وَلَحِقَتْ أَخِيرَةَ تَشَهُّدِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى إعْلَامًا بِجَوَازِهَا أَيْضًا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا لَا تَصْدُقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>