للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْنَانَهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ.

وَخَرَجَ بِالْأُنْمُلَةِ غَيْرُهَا كَالْيَدِ، وَالْأُصْبُعِ وَأُنْمُلَتَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَا فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ، فَتَكُونُ لِلزِّينَةِ بِخِلَافِ الْأُنْمُلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَوْ لِكُلِّ الْأَصَابِعِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: لِكُلِّ أُصْبُعٍ، فَزِيَادَتُهُ فَقَطْ تَأْكِيدٌ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لِلضَّرُورَةِ حَتَّى إذَا فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُمَا وَذَكَرَهُ لِلرَّجُلِ وَضَمِيرَيْهِ فِي لَهُ وَسِنَّهْ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ مَفْهُومًا مِمَّا يَأْتِي يُوهِمُ إخْرَاجَ الْخُنْثَى مَعَ أَنَّهُ مِثْلُ

(وَالْخَاتَمَ امْنَعْ سِنَّهْ) مِنْ الذَّهَبِ، وَهُوَ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ بِهَا الْفَصُّ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ قَلِيلِهِ بِصَغِيرِ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ

(وَلِلنِّسَا) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ثَابِتٌ لِلنِّسَاءِ (لِغَيْرِ فَرْشِهِنَّهْ وَآلَةِ الْحُرُوبِ) لَهُنَّ، فَيَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ، وَالتَّحْلِيَةُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَتَّى فِي مُصْحَفِهِنَّ وَغِلَافِهِ الْمُنْفَصِلِ وَاِتِّخَاذُ النِّعَالِ مِنْهُمَا لِإِطْلَاقِ خَبَرِ «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» ، أَمَّا افْتِرَاشُهُنَّ الْحَرِيرَ، فَحَرَامٌ كَالْأَوَانِي لِلسَّرَفِ، وَالْخُيَلَاءِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ، فَإِنَّهُ لِلزِّينَةِ كَالتَّحَلِّي وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ حِلَّهُ قَالَ: وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ، وَأَمَّا تَحْلِيَةٌ آلَةِ الْحَرْبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لَهُنًّ، فَحَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْبِيهِهِنَّ بِالرِّجَالِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا:، وَأَمَّا التَّاجُ، فَقَالُوا إنْ جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ بِلُبْسِهِ جَازَ وَإِلَّا، فَهُوَ لِبَاسُ عُظَمَاءِ الْفُرْسِ، فَيَحْرُمُ وَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِعَادَةِ أَهْلِ النَّوَاحِي، فَحَيْثُ جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ جَازَ وَحَيْثُ لَمْ تَجْرِ لَا تَجُوزُ حَذَرًا مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ وَقَالَ فِيهِ فِي آخَرَ:، وَالْمُخْتَارُ، بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهُ بِلَا تَرْدِيدٍ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَلِدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ، وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي تُثْقَبُ وَتُجْعَلُ فِي الْقِلَادَةِ، فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَحْرِيمَهَا لِبَقَاءِ صُورَةِ النَّقْدِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ حِلَّهَا؛ لِأَنَّهَا حُلِيٌّ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ (مَا لَمْ تُسْرِفْ) أَيْ: النِّسَاءِ فِي التَّحَلِّي، فَإِنْ أَسْرَفْنَ حَرُمَ كَخَلْخَالٍ زِنَتُهُ مِائَتَا دِينَارٍ وَفِي مَعْنَاهُ إسْرَافُ الرِّجَالِ فِيمَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْ التَّحْلِيَةِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (قُلْت: وَفِي الْآلَةِ) أَيْ: وَفِي تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ لَهُنَّ (وَجْهٌ اُصْطُفِيَ) أَيْ: اُخْتِيرَ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ قَالَ:؛ لِأَنَّ الْمُحَارَبَةَ جَائِزَةٌ لَهُنَّ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي تَجْوِيزِهَا تَجْوِيزُ لُبْسِ آلَتِهَا وَإِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ جَازَ مَعَ التَّحْلِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ لَهُنَّ أَجْوَزُ مِنْهُ لِلرِّجَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَكَوْنُهُ مِنْ مَلَابِسِ الرِّجَالِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ لَا التَّحْرِيمَ كَاللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَالِ، فَفِي الْأُمِّ لَا أَكْرَهُهُ لَهُ إلَّا لِلْأَدَبِ وَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ، فَلَمْ يُحَرِّمْ زِيَّهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ، فَكَذَا حُكْمُ الْعَكْسِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ تَشْبِيهَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسَهُ حَرَامٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.»

وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِتَحْرِيمِهِ بَعْدَ هَذَا بِأَسْطُرٍ، وَأَمَّا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ، فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيُّ لُبْسٍ مُخْتَصٍّ بِهِنَّ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ تَوْجِيهِ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) ، فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ عُلِمَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فِي مُصْحَفِهِنَّ) لَوْ حَلَّتْ الْمَرْأَةُ مُصْحَفَهَا، بِذَهَبٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ بَاعَتْهُ لِلرَّجُلِ، فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَهُوَ لِبَاسٌ إلَخْ.) قَضِيَّةُ هَذَا حُرْمَةُ تَشَبُّهِهِنَّ، بِالرِّجَالِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الرِّجَالِ مَا تَشَبَّهْنَ، بِهِمْ فِيهِ لِظُهُورِ حُرْمَةِ تَاجِ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ عَلَى الرِّجَالِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّاجَ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ عَادَةُ عُظَمَاءِ الْفُرْسِ، فَحَرُمَ عَلَى النِّسَاءِ تَاجُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ، وَتَاجُ مِثْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِيهِ: إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: الصَّوَابُ حِلُّهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا تَحْرِيمُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ صُورَةِ النَّقْدِ) ، بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ لَهَا عُرًى، فَتَحِلُّ لِعَدَمِ صُورَةِ النَّقْدِ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ التَّحْلِيَةِ) مِنْ ذَلِكَ الْخَاتَمِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَقْعَةِ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْكُلَابِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَأُنْمُلَتَيْهِ) عِبَارَةُ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَأَمَّا الْأُنْمُلَتَانِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ أَعْلَى الْأُصْبُعِ جَازَ اتِّخَاذُهُمَا لِوُجُودِ الْعَمَلِ بِوَاسِطَةِ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى، أَوْ مِنْ أَسْفَلِهِ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْعَمَلِ. اهـ. فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. اهـ.

، وَعِبَارَةُ م ر كَالشَّارِحِ فِي الْأُنْمُلَتَيْنِ، وَالتَّعْلِيلِ، وَوَجَّهَ شَيْخُنَا ذ مَنْعَ الْأُنْمُلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِ كُلٍّ لَا يَتَحَرَّك عَلَى حِدَتِهِ فَالْعُلْيَا مِنْهُمَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَدَخَلَ فِي الْأُنْمُلَةِ أُنْمُلَةُ الْإِبْهَامِ فَتَحِلُّ، وَتَحْرُمُ الْأُنْمُلَةُ مُطْلَقًا فِي الْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ لِعَدَمِ الْعَمَلِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ فَرْشِهِنَّهْ) مِثْلُهُ الْغِطَاءُ، فَيَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ الْقُونَوِيُّ ق ل (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ فَرْشِهِنَّهْ) فَفَرْشُهُ حَرَامٌ عَلَيْهِنَّ، وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّحْلِيَةُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَمَّا الْمَنْسُوجُ، وَالْمُمَوَّهُ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا الْمُطَرَّزُ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، فَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا فَرْشُهُ، وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحِلِّ التَّزَيُّنُ الدَّاعِي إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِنَّ، وَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ إلَخْ.) يُحْمَلُ عَلَى مَا لَهُ عُرًى، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَقَوْلُهُ: صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ. يُحْمَلُ عَلَى مَا لَهُ عُرًى، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قَالَ ع ش، وَفِي شُمُولِهَا لِلْحَرِيرِ نَظَرٌ أَيْ: لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ صُورَةِ النَّقْدِ إلَى صُورَةِ الْحُلِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ مِنْ جِنْسِ إلَخْ.) بِخِلَافِ لُبْسِ آلَةِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>