للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُضُورِ إلَيْهِ، فَإِنْ ضَاقَ، فَالصَّحْرَاءُ أَوْلَى، بَلْ يُكْرَهُ الْمَسْجِدُ لِمَشَقَّةِ الزِّحَامِ

(وَاسْتَخْلَفَ) الْإِمَامُ (الْخَارِجُ) إلَى الصَّحْرَاءِ نَدْبًا (مَنْ يُصَلِّي) بِالضَّعَفَةِ كَالشُّيُوخِ، وَالْمَرْضَى (فِيهِ) أَيْ: فِي الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ حَثًّا وَإِعَانَةً عَلَى صَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ يُفْهِمُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَخْطُبُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ.

وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي، فَفِي الْأُمِّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ بِهِمْ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْوَالِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ كَرَاهِيَةَ الْفُرْقَةِ لِلْخُطْبَةِ، وَلَا أَكْرَهُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَيْسَ لِمَنْ وَلِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ حَقٌّ فِي إمَامَةِ الْعِيدَيْنِ، وَالْخُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ إلَّا أَنْ يُقَلَّدَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ، فَتَدْخُلَ فِيهِ قَالَ: وَإِذَا قُلِّدَ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي عَامٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ عَامٍ وَإِذَا قُلِّدَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ فِي عَامٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ عَامٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَقْتًا مُعَيَّنًا تَتَكَرَّرُ فِيهِ بِخِلَافِهِمَا

(وَأَحْيَا لَيْلَهُ) أَيْ: الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ سُنَّةً لِخَبَرِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَتَيْ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَوَقَفَهُ عَلَى مَكْحُولٍ وَرَفَعَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِعَنْعَنَةِ بَقِيَّةَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَسَانِيدُ الْجَمِيعِ ضَعِيفَةٌ قَالَ: وَاسْتَحَبُّوا الْإِحْيَاءَ مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا وَيُعْمَلُ بِضَعِيفِهَا.

قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِمَوْتِ الْقُلُوبِ شَغَفُهَا بِحُبِّ الدُّنْيَا أَخْذًا مِنْ خَبَرِ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَوْتَى قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْأَغْنِيَاءُ» وَقِيلَ: الْكُفْرُ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢] أَيْ كَافِرًا فَهَدَيْنَاهُ وَقِيلَ الْفَزَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَوْ غَيْرُهَا: وَاسَوْأَتَاهْ أَتَنْظُرُ الرِّجَالُ إلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءُ إلَى عَوْرَاتِ الرِّجَالِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَشُغْلًا لَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَجُلٌ، وَلَا الْمَرْأَةُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ» قَالَ النَّوَوِيُّ، وَيَحْصُلُ إحْيَاؤُهُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَقِيلَ: بِسَاعَةٍ مِنْهُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ جَمَاعَةً، وَالْعَزْمِ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ بَلَغَنَا أَنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسِ لَيَالٍ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ وَأَوَّلِ رَجَبٍ وَنِصْفِ شَعْبَانَ (كَالْغُسْلِ) لِكُلِّ عِيدٍ، فَإِنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجُمُعَةِ وَصَحَّ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِعْلُهُ لَهُ وَوَقْتُهُ (مِنْ نِصْفِهِ) أَيْ: اللَّيْلِ كَأَذَانِ الصُّبْحِ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَ السَّوَادِ يُبَكِّرُونَ مِنْ قُرَاهُمْ، فَيَحْتَاجُونَ إلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْفَجْرِ

(وَالطِّيبُ) أَيْ:، وَالتَّطَيُّبُ يَوْمَ الْعِيدِ

ــ

[حاشية العبادي]

يَرُدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَغَيْرُهُ. اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ الزَّمَانِيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ كَرَاهَةٍ أُخْرَى لِمَعْنًى آخَرَ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَخْلَفَ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَرُبَ الْمُصَلِّي مِنْ الْبَلَدِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ عَنْ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ، وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي قُرْبٍ لَا يَلْحَقُ الضَّعَفَةَ فِيهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: كَرَاهِيَةُ الْفُرْقَةِ) كَانَ الْمَعْنَى مِثْلَ كَرَاهَةٍ لِلْفُرْقَةِ لِلْخُطْبَةِ أَيْ: كَمَا أَكْرَهُ تَرْكَ حُضُورِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَكْرَهُ إلَخْ.) كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الصَّلَاةُ، بِغَيْرِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: الْفُرْقَةُ لِلْخُطْبَةِ) يَعْنِي أَنْ يَقْتَصِرَ الْإِنْسَانُ عَلَى حُضُورِ صَلَاةِ الْعِيدِ ثُمَّ يَذْهَبَ، وَلَا يَسْمَعَ الْخُطْبَةَ بِرّ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ.) هَلْ يَدْخُلُ أَيْضًا الْخُسُوفُ، وَالِاسْتِسْقَاءُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ، وَغَيْرِهِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ فِيهِ) قَدْ يَقْتَضِي دُخُولَ إمَامِ الْخُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ فِي كُلِّ عَامٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ مَنْ قَلَّدَ خُصُوصَ الْخُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ فِي عَامٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ عَامٍ

(قَوْلُهُ: بِحُبِّ الدُّنْيَا) ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ، بِالْأَحْيَاءِ مُقَابِلُ الْمَوْتِ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ: شَغَفُهَا إلَخْ.) ، فَكَانَ الْمُرَادُ سَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ الشَّغَفِ، بِحُبِّ الدُّنْيَا حَيْثُ يَشْغَفُ غَيْرَهُ، بِحُبِّهَا (قَوْلُهُ: وَالْعَزْمُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفِعْلُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَمَكَّنَ، وَلَمْ يَفْعَلْ، وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ نِصْفِهِ) لَمَّا قَالَ فِي الْإِرْشَادِ:، وَغُسْلُ، وَتَزَيُّنُ، وَتَطَيُّبُ مُصَلٍّ، وَغَيْرِهِ، وَجَازَ الْغُسْلُ مِنْ نِصْفِ لَيْلِهِ. اهـ.

عَطَفَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْغُسْلِ فِي قَوْلِهِ: وَجَازَ الْغُسْلُ قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ. اهـ. فَسَوَّى بَيْنَ الْغُسْلِ، وَالتَّطَيُّبِ، وَالتَّزَيُّنِ فِي دُخُولِ الْجَمِيعِ، بِنِصْفِ اللَّيْلِ

(قَوْلُهُ: وَالتَّطَيُّبُ يَوْمَ الْعِيدِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ، وَقْتُهُ، وَمَا بَعْدَهُ إلَّا

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الْأَقْصَى، وَفِي م ر الْأَوْجَهُ إلْحَاقُ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ فَذَاكَ قَبْلَ اتِّسَاعِهِ الْآنَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إلَخْ.) ، وَيَحْرُمُ عِنْدَ النَّهْيِ عَنْ الْخُطْبَةِ. اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ: الْوَالِي) مِثْلُهُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ ع ش (قَوْلُهُ: بِأَمْرِ الْوَالِي) ، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْإِذْنَ غَيْرَ مَرَّةٍ هُنَا، وَكُلُّ مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَالْكُسُوفِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فِي إمَامَةِ الْعِيدَيْنِ إلَخْ.) مِثْلُ ذَلِكَ الْجُمُعَةُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِفْرَادِهَا بِإِمَامٍ. اهـ. ع ش، وَخَالَفَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَقَالَ يَدْخُلُ فِي تَوْلِيَةِ إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ. اهـ. عَنْ م ر، وَظَاهِرٌ أَنَّ إمَامَةَ التَّرَاوِيحِ، وَالْوِتْرِ مُسْتَحَقَّةٌ لِمَنْ وَلِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ، وَيَدْخُلُ فِي تَوْلِيَةِ إمَامَةِ الْعِيدِ خُطْبَتُهُ، وَفِي تَوْلِيَةِ الْكُسُوفِ خُطْبَتُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَإِحْيَاءُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِصَلَاةِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ، وَكَرَاهَةُ تَخْصِيصِهَا بِقِيَامٍ إنْ لَمْ تُصَادِفْ لَيْلَةَ عِيدٍ. اهـ. م ر وع ش (قَوْلُهُ: وَإِحْيَاءُ إلَخْ.) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَالدُّعَاءُ فِي لَيْلَتَيْ الْعِيدِ، وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَتَيْ أَوَّلِ رَجَبٍ، وَنِصْفِ شَعْبَانَ مُسْتَجَابٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْته بَعْدُ (قَوْله سُنَّةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ ضَعْفِ أَسَانِيدِ حَدِيثِ الْإِحْيَاءِ عَدَمُ تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إلَخْ.) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَسَانِيدُ ضَعِيفَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ اسْتَحَبُّوا الْإِحْيَاءَ لِأَنَّ أَخْبَارَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا. اهـ. ثُمَّ رَأَيْته بَعْدُ. اهـ. (قَوْله لَا يُعْرَفُ الرَّجُلُ إلَخْ.)

<<  <  ج: ص:  >  >>