بِأَجْوَدَ مَا عِنْدَهُ (وَالتَّزْيِينُ) فِيهِ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ، وَالرِّيحِ الْكَرِيهِ وَلُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ سُنَّةٌ كَالْجُمُعَةِ وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَكَذَا الْخُنْثَى قِيَاسًا قَالَ النَّوَوِيُّ وَلُبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْأَبْيَضِ الْأَدْوَنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا غَسَلَهُ (لِقَاعِدٍ وَخَارِجٍ) أَيْ: كُلِّ مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَالْغُسْلُ وَالتَّطَيُّبُ، وَالتَّزْيِينُ (مَسْنُونُ) لِقَاعِدٍ بِمَنْزِلِهِ وَخَارِجٍ لِصَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ سُرُورٍ وَزِينَةٍ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا، فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَسْنُونٌ خَبَرُ قَوْلِهِ: وَأَحْيَا لَيْلَهُ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَاغْتَنَى عَنْهُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: أَوَّلًا أَوْلَى وَمَا فَعَلَهُ النَّاظِمُ أَوْفَقُ لِلْمَعْنَى (مُبَكِّرًا) أَيْ: الْمَأْمُومُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي لِيَحُوزَ الْقُرْبَ مِنْ الْإِمَامِ وَفَضِيلَةَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ (وَمَاشِيًا) أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ (ذَهَابَا) أَيْ: فِي الذَّهَابِ.
أَمَّا فِي الْإِيَابِ، فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَيْنَ الْمَشْيِ، وَالرُّكُوبِ مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ لِمَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ بِمَا فِيهِ (وَرَاجِعًا فِي) طَرِيقٍ (آخَرَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِيهِ مَعَانٍ أَظْهَرُهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَوَخَّى أَطْوَلَ الطَّرِيقَيْنِ ذَهَابًا تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ وَأَقْصَرَهُمَا رُجُوعًا» وَقِيلَ: لِشَهَادَةِ الطَّرِيقَيْنِ لَهُ وَقِيلَ: لِيَتَبَرَّكَ بِهِ أَهْلُهُمَا وَقِيلَ: لِيُسْتَفْتَى فِيهِمَا وَقِيلَ لِيَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَائِهِمَا وَقِيلَ: لِنَفَادِ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقِيلَ: لِيَزُورَ قُبُورَ أَقَارِبِهِ فِيهِمَا وَقِيلَ: لِيَزْدَادَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ وَقِيلَ: لِلْحَذَرِ مِنْهُمْ وَقِيلَ: لِلتَّفَاؤُلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْمَغْفِرَةِ وَقِيلَ: لِئَلَّا تَكْثُرَ الزَّحْمَةُ، ثُمَّ مَنْ شَارَكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَعْنَى نُدِبَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا مَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الْأَظْهَرِ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالرَّمَلِ، وَالِاضْطِبَاعِ سَوَاءٌ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ وَاسْتُحِبَّ فِي الْأُمِّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ فِي طَرِيقِ رُجُوعِهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَيَدْعُوَ.
وَقَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابَا) قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ: مُبَكِّرًا وَمَاشِيًا فِي الذَّهَابِ رَاجِعًا فِي طَرِيقٍ آخَرَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ، وَ (يَخْرُجُ عِنْدَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ أَيْ عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِهَا (الْإِمَامُ) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّ انْتِظَارَهُمْ إيَّاهُ أَلْيَقُ، فَكَمَا يَحْضُرُ لَا يَبْتَدِئُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (مُسْرِعَا) بِهَا (نَحْرًا)
ــ
[حاشية العبادي]
بِالْفَجْرِ، فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَجْوَدَ مَا عِنْدَهُ) لَعَلَّ هَذَا، بِالنَّظَرِ لِلْأَفْضَلِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ، بِمُطْلَقِ التَّطَيُّبِ (قَوْلُهُ: وَالتَّزْيِينُ) فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ، وَيَتَزَيَّنُ لِلْعِيدِ نَدْبًا كُلٌّ مِمَّنْ يَحْضُرُ، وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرَ الْحَاجِّ، وَمَنْ يَأْتِي، وَكَذَا الْمُسْتَسْقِي كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ هَذَا لِلرِّجَالِ، أَمَّا النِّسَاءُ، فَيُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الْحُضُورُ، وَيُسَنُّ لِغَيْرِهِنَّ، وَيَتَنَظَّفْنَ، بِالْمَاءِ، وَلَا يَتَطَيَّبْنَ، وَيَخْرُجْنَ فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهِنَّ. اهـ.
زَادَ غَيْرُهُ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُنَّ التَّزَيُّنُ إظْهَارًا لِلسُّرُورِ. اهـ. وَقَوْلُهُ، وَيَتَنَظَّفْنَ، بِالْمَاءِ قَدْ يُقَالُ: وَبِإِزَالَةِ نَحْوِ الظُّفُرِ، وَالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَالتَّطَيُّبِ لَائِحٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَيُسَنُّ أَيْ: الْحُضُورُ لِلْعَجَائِزِ مُبْتَذَلَاتٍ، وَيَتَنَظَّفْنَ، بِالْمَاءِ، فَقَطْ، وَيُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ، وَالْجَمَالِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَعَطْفُ الْجَمَالِ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَدْ يُشْكَلُ عَلَى ذَلِكَ إطْلَاقُ الْحَدِيثِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجَ الْعَوَاتِقُ، وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضُ» ، وَالْعَوَاتِقُ الْبَنَاتُ الْبَالِغَاتُ، وَالْخُدُورُ السُّتُورُ إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِالْفَرْقِ بَيْنَ زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ عَائِشَةَ لَوْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ) ، وَكَذَا الْخُنْثَى، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي يُسَنُّ التَّزَيُّنُ حَتَّى لِلنِّسَاءِ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ح ج، وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، وَكَذَا الْخُنْثَى مُقَيَّدٌ، بِحَالِ حُضُورِهِمَا، أَمَّا فِي بُيُوتِهِمَا، فَيُسَنُّ لَهُمَا التَّزَيُّنُ، وَالتَّطَيُّبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْأَبْيَضِ) لَوْ، وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ لُبْسَ أَحْسَنِ الثِّيَابِ إلَّا عِنْدَ حُضُورِ الْجُمُعَةِ، فَالْأَبْيَضُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْفَقُ لِلْمَعْنَى) كَانَ، وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ تَقْتَضِي ثُبُوتَ أَصْلِ الْفَضِيلَةِ عِنْدَ تَرْكِ مَا ذُكِرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا، فَضِيلَةَ فِي تَرْكِ الْإِحْيَاءِ، وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي طَرِيقٍ آخَرَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ مُسَاوِيًا لِلطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ) الْمُشَارَكَةُ لَازِمَةٌ، بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ كَشَهَادَةِ الطَّرِيقَيْنِ، فَكَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ، بِالنَّظَرِ لِبَعْضِهَا قَدْ تَنْتَفِي الْمُشَارَكَةُ
[حاشية الشربيني]
كَتَبَ الْمَدَنِيُّ مَا نَصُّهُ أَيْ: وَوُصُولُ النَّاسِ إلَى حَدٍّ لَا يَعْرِفُ الشَّخْصُ مِنْهُمْ نَفْسَهُ أَنَّهُ رَجُلٌ، أَوْ امْرَأَةٌ يَدُلُّ عَلَى مَوْتِ قَلْبِهِ، وَالْيَوْمُ هُوَ يَوْمٌ يُنْفَخُ فِي الصُّوَرِ، فَيَكُونُ الْمُحَيَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنْ يَعْرِفَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُعْرَفُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ حَرِّرْهُ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ) أَيْ: إذَا خَرَجَتْ فَإِنْ جَلَسَتْ فِي بَيْتِهَا سُنَّ لَهَا التَّزَيُّنُ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ: أَوَّلًا أَوْلَى) عِبَارَتُهُ، وَالْأُولَى فِي الْمَسْجِدِ إنْ، وَسِعَ، وَإِنْ خَرَجَ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَإِحْيَاءِ لَيْلَتِهِ، وَالْغُسْلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَاشِيًا) إلَّا إذَا شَقَّ عَلَيْهِ بِأَنْ حَصَلَتْ لَهُ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ الْخُشُوعَ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: أَطْوَلَ الطَّرِيقَيْنِ ذَهَابًا إلَخْ.) ، وَإِنَّمَا خَصَّ الذَّهَابَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَاصِدُ مَحْضِ الْعِبَادَةِ. اهـ.
رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ إلَخْ.) هَذَا إنْ كَانَ هُوَ الْخَطِيبَ أَمَّا حَيْثُ لَمْ يَخْطُبْ فَالْإِمَامُ كَغَيْرِهِ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute