إنْ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِذَلِكَ كَفَى كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا مَزْجُ غَيْرِ التُّرَابِ الطَّاهِرِ كَتُرَابٍ نَجِسٍ وَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالتُّرَابِ التَّطْهِيرُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ فَيُشْتَرَطُ طَهُورِيَّةُ التُّرَابِ حَتَّى لَا يَكْفِيَ الْمُسْتَعْمَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ سَلَّارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ وَأَنَّهُ لَا تَقُومُ ثَامِنَةٌ مَقَامَ التُّرَابِ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ غُلِّظَ فِي ذَلِكَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا كَزِنَا الْبِكْرِ لَمَّا غُلِّظَ أَمْرُهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ لَمْ يَكْفِ أَحَدُهُمَا وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالسَّبْعِ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إلَّا بِالسَّابِعَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهَا تُحْسَبُ وَاحِدَةً وَيُكْتَفَى بِالسَّبْعِ وَإِنْ وَلَغَ فِي الْإِنَاءِ كِلَابٌ أَوْ كَلْبٌ
ــ
[حاشية العبادي]
لَوْ ذَرَّهُ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ حَصَلَ الْمَزْجُ عَلَى الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ يَكْفِي كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ كَفَى) أَيْ: بِحَيْثُ لَمْ يَسْلُبْ نَحْوُ الْخَلِّ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: كَتُرَابٍ نَجِسٍ) أَيْ: إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُطَهِّرُهُ كَأَنْ يَمْزُجَهُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَتَغَيَّرُ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَكْفِيَ الْمُسْتَعْمَلُ) يُتَّجَهُ أَنْ يُعَدَّ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِطِينٍ مُسْتَحْجَرٍ ثُمَّ طَهَّرَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ جَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ كَمَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ كَأَنْ بَالَ وَجَفَّ الْبَوْلُ ثُمَّ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ وِفَاقًا لمر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا الْجِرْمُ أَوْ مُقَابِلُ الْحُكْمِيَّةِ؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي م ر.
[حاشية الشربيني]
أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ: إنَّ فِي ذَرِّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ مَعَ رُطُوبَتِهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي الْإِجْزَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ رَطْبًا فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ وَكَتَبَ سِبْطُ الطَّبَلَاوِيِّ بِهَامِشِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: حَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ مَعَ م ر بِالْفَهْمِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ جِرْمُهَا أَوْ أَوْصَافُهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا عَلَيْهَا وَهَذَا مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا بِخِلَافِ وَضْعِ الْمَاءِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى بَلْ هُوَ الْمُزِيلُ.
وَإِنَّمَا التُّرَابُ شَرْطٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا فَيَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ نَجِسًا وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ جِرْمٍ وَصُبَّ عَلَيْهِمَا مَاءٌ مَمْزُوجٌ بِالتُّرَابِ فَإِنْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا بِتِلْكَ الْغَسْلَةِ حُسِبَتْ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ: مُزِيلُ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَشْمَلُ أَوْصَافَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِرْمٌ. اهـ. سم عَلَى غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي حَاشِيَةِ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَوَّلًا وَآخِرًا مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَيْنَ كَالْأَوْصَافِ فِي التَّفْصِيلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْأَوْصَافُ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ جَافًّا وَوُضِعَ التُّرَابُ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ أَوْ وَحْدَهُ كَفَى التَّتْرِيبُ إنْ زَالَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْأَوْصَافُ مَعَ الْمَاءِ الْمُصَاحِبِ لِلتَّتْرِيبِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا وَوُضِعَ التُّرَابُ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ وَزَالَ كُلٌّ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَوْصَافِ وَإِنْ وُضِعَ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ اهـ.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْكِفَايَةُ مُطْلَقًا بِلَا تَفْصِيلٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ) هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: بِمَزْجِ تُرَابٍ بِالْمَاءِ. (قَوْلُهُ: كَفَى) أَيْ: إنْ لَمْ يَكْثُرْ تَغَيُّرُ الْمَاءِ وَإِلَّا ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَمْعُ طَهُورَيْنِ فِي هَذِهِ الْغَسْلَةِ وَقَدْ زَالَتْ طَهُورِيَّةُ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: كَتُرَابٍ نَجِسٍ وَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ) قِيلَ بِإِجْزَاءِ كُلٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَمْعُ الطَّهُورَيْنِ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي الْمُسْتَعْمَلُ) وَكَذَا الْمُحْرَقُ الَّذِي لَا يَكْفِي فِي التَّيَمُّمِ إيعَابٌ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالسَّبْعِ إلَخْ) أَفْهَمَ هَذَا عَدَمَ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ غَيْرِ الْمَزْجِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالسَّبْعِ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ إلَخْ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى حُسْبَانِ الْعَدَدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ مَحَلُّ تَخْفِيفٍ وَمَا هُنَا مَحَلُّ تَغْلِيظٍ فَلَا يُقَاسُ هَذَا بِذَاكَ قَالَ الْغَزَالِيُّ: شَرْطُ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ فِي حُكْمِ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فَظَهَرَ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. إيعَابٌ قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَيْضًا: ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ الْغَسْلِ لَا يَكْفِي مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّهَا دُونَ بَقِيَّةِ نَوَاحِي الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا حُكْمِيَّةٌ فَيَنْبَغِي حُسْبَانُ كُلُّ مَرَّةٍ مِنْ السَّبْعِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ عَلَى نَوَاحِي الْإِنَاءِ لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِتَنْجِيسٍ بِقَيْدِهِ وَلَا بِاسْتِعْمَالٍ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا زَالَتْ الْعَيْنُ فِي السَّابِعَةِ طَهُرَ جَمِيعُ الْإِنَاءِ لَا مَحَلُّهَا فَيُغْسَلُ سِتًّا بَعْدَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إلَّا بِالسَّابِعَةِ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّتْرِيبُ قَبْلَ زَوَالِهَا نَعَمْ إنْ أَزَالَهَا الْمَاءُ الْمُصَاحِبُ لِلتُّرَابِ اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ. اهـ. حَجَرٌ وَوَافَقَ م ر عَلَى قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّتْرِيبُ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ وَعَلَى أَنَّ مُرَادَهُ عَيْنٌ لَهَا جِرْمٌ وَإِلَّا فَيَكْفِي اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سَابِقًا عَنْ م ر إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَدَمُ الْكِفَايَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِالْمَحَلِّ رُطُوبَةٌ وَالْكِفَايَةُ عَلَى عَدَمِهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ إلَخْ) مِنْ هُنَا تَعْلَمُ عَدَمَ اتِّجَاهِ مَا قَالَهُ ق ل فِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَالَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْأَوْصَافُ فِي السَّابِعَةِ حُسِبَتْ سَابِعَةً وَقَوْلُهُمْ: مُزِيلُ الْعَيْنِ يُحْسَبُ مَرَّةً. إنَّمَا قَالُوهُ أَصَالَةً فِي غَيْرِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ ثُمَّ جَعَلُوا السَّبْعَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرَّةِ فِي غَيْرِهَا اهـ. فَإِنَّ الْخِلَافَ مَحْكِيٌّ كَمَا تَرَى فِي الْكَلْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ) أَيْ: الرَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ إلَخْ) أَيْ: النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُكْتَفَى بِالسَّبْعِ إلَخْ) هُوَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ مَا أَفْهَمَهُ النَّظْمُ بِدَلِيلِ التَّفْرِيعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute