للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزِّئْبَقُ إنْ تَقَطَّعَ فَكَالدُّهْنِ وَإِلَّا فَكَالْجَامِدِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي غَسْلِ مَا ذُكِرَ عَدَدٌ لِعَدَمِ تَعَرُّضِ الْأَدِلَّةِ لَهُ وَإِنْ تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظَةٍ اُعْتُبِرَ الْعَدَدُ مَعَ التَّتْرِيبِ كَمَا قَالَ.

(بِمَزْجِ تُرْبٍ طَاهِرٍ مِنْ سَبْعِ لِلْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ لِلْفَرْعِ) أَيْ: كَجَامِدٍ يُبْغَى غَسْلًا مَعَ مَزْجِ تُرَابٍ طَاهِرٍ (بِالْمَاءِ مَرَّةً) مِنْ سَبْعِ مَرَّاتٍ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ «أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَفِي خَبَرٍ لِمُسْلِمٍ «وَعَفِّرُوا الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ يُمْزَجُ بِالسَّابِعَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةَ بِالتُّرَابِ. وَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ فِي مَحَلِّ التُّرَابِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَلَوْ تَنَجَّسَ بِذَلِكَ شَيْءٌ فَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ الْكَدِرُ سَبْعَ جَرَيَاتٍ أَوْ تَحَرَّكَ سَبْعًا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ كَدِرٍ طَهُرَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ. وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّ السَّبْعَ كَافِيَةٌ لِذَلِكَ وَلَوْ أَصَابَهُ نَجَسٌ آخَرُ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ وَلَا مَزْجُهُ بِغَيْرِ مَاءٍ كَخَلٍّ وَنَحْوِهِ نَعَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْعِمَادِ بْنِ يُونُسَ فِي سُكَّرٍ مَجْمُوعٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَإِذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَاسْتُهْلِكَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ثُمَّ سُبِكَ حَتَّى عَادَ لَهُ قَوَامُهُ هَلْ يَطْهُرُ وَيُسْتَعْمَلُ؟ فَأَجَابَ: إنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِالنَّجَاسَةِ لَا يَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بُنِيَ عَلَى طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَالصَّحِيحُ طَهَارَتُهَا اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعَجِينِ جَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَعِبَارَةُ شَرْحِهِ عَنْهُ: إنْ كَانَ الْمَاءُ يَنْفُذُ فِيهِ طَهُرَ بِصَبِّ الْمَاءِ فِيهِ وَنُفُوذِهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَخْتَلِطَ بِالْمَاءِ حَتَّى يَصِيرَ رَقِيقًا فَيَتَخَلَّلَ الْمَاءُ أَجْزَاءَهُ ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِشْكَالَ الزَّرْكَشِيّ طَهَارَةَ الْعَجِينِ بِأَنَّ الْتِفَافَ أَجْزَائِهِ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ ثُمَّ قَالَ: وَزَعْمُ عَدَمِ الْإِمْكَانِ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ قُلْت: مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْغُسَالَةَ إنْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةٌ لَمْ تَطْهُرْ مُشْكِلٌ إذْ لَا يُمْكِنُ فِي نَحْوِ الْعَجِينِ عَدَمُ تَغَيُّرِهَا قُلْت الْمَحْذُورُ إنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُهَا بِالنَّجَاسَةِ أَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِالْعَجِينِ فَلَا يَضُرُّ مِنْهُ إلَّا الْكَثِيرُ فَإِنْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ بِهِ الْكَثِيرُ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّغَيُّرَ هُنَا لَمَّا كَانَ ضَرُورِيًّا أَشْبَهَ التَّغَيُّرَ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ فَرْقُ بَعْضِهِمْ بَيْنَ هَذَا التَّغَيُّرِ وَالتَّغَيُّرِ بِمَا عَلَى الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ يَضُرُّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ ذَاكَ فِي تَغَيُّرٍ بِمَا عَلَى الْمَحَلِّ وَهَذَا بِنَفْسِ الْمَحَلِّ الْمُرَادِ تَطْهِيرُهُ أَيْ: فَهُوَ هُنَا ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ، وَاسْتَشْهَدَ لِمَا فَرَّقَ بِهِ بِإِفْتَاءِ الْعِمَادِ بْنِ يُونُسَ فِي سُكَّرٍ مَجْمُوعٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ فَاسْتَهْلَكَ فِيهِ النَّجَاسَةَ ثُمَّ سُبِكَ حَتَّى عَادَ إلَى قَوَامِهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِالنَّجَاسَةِ بِنَاءً عَلَى طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ أَيْ: وَلَا زَادَ وَزْنُهَا اهـ. وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته أَيْضًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا أَوْ بِنَفْسِ الْمَحَلِّ الْمُرَادِ تَطْهِيرُهُ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ التَّغَيُّرُ لِمَا قَدَّمْته أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ كَالتَّغَيُّرِ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَزْجِ تُرْبٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَإِنْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَبْعٍ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ مَرَّةً. (قَوْلُهُ: لِلْكَلْبِ) هُوَ حَالٌ مِنْ سَبْعٍ أَيْ: سَبْعٍ كَائِنَةٍ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِالْمَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَزْجِ.

(قَوْلُهُ: ذَرُّ التُّرَابِ) أَيْ: بِمُجَرَّدِهِ أَمَّا

ــ

[حاشية الشربيني]

جُفِّفَ ثُمَّ نُقِعَ فِي الْمَاءِ طَهُرَ وَالْفَرْقُ أَنَّ نَحْوَ الدَّقِيقِ جَامِدٌ والْمَائِعِيَّةُ عَارِضَةٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَسَلِ. اهـ. وَقَرَّرَهُ م ر وَاعْتَمَدَهُ.

(قَوْلُهُ: أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ) يَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ وَالشَّكَّ مِنْ الرَّاوِي وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ أُولَاهُنَّ أَوْ قَالَ أُولَاهُنَّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَاهُنَّ بِالْجَزْمِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِقَيْدَيْنِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّعَارُضُ؛ لِأَنَّ أُخْرَاهُنَّ تَأْنِيثُ آخَرَ بِفَتْحِ الْخَاءِ بِمَعْنَى إحْدَاهُنَّ فَلَا قَيْدَ إلَّا أُولَاهُنَّ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَأْنِيثَ آخَرَ بِالْفَتْحِ لَا يُضَافُ فَتَعَيَّنَ أَنَّهَا تَأْنِيثُ الْمَكْسُورَةِ إيعَابٌ وَإِنَّمَا لَا يُضَافُ لِمَا فِي الرَّضِيِّ مِنْ أَنَّهُ جُرِّدَ عَنْ مَعْنَى التَّفْضِيلِ فَلَا يُضَافُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ بِمِنْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قِيلَ: إنَّ أَوَّلَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ وَكَذَا أُولَى وَآخَرُ وَأُخْرَى كَذَلِكَ فَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ إلَخْ) أَخَذَ بِهَا دَاوُد وَأَحْمَدُ فَأَوْجَبُوا ثَمَانِيَةً وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِهِمَا اهـ شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُعَارِضَةٌ إلَخْ) أَيْ: نَظَرَ الرِّوَايَةِ إحْدَاهُنَّ فَلَا يُقَالُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِالتَّتْرِيبِ فِي الْمَحَلَّيْنِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فَيَتَسَاقَطَانِ) لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا قُيِّدَ بِقَيْدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ طُرِحَا وَبَقِيَ الْعَمَلُ بِالْإِطْلَاقِ إذْ لَا مُقَيِّدَ لَهُ حِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ يَبْقَى التَّخْيِيرُ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ فَقَطْ لَا وَجْهَ لَهُ. اهـ. إيعَابٌ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ فِي الْأُولَى أَوْ الْأُخْرَى لَا يُطَهِّرُهُ غَيْرُهَا. وَفِي الْأُمِّ نَحْوُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ فِي الْأَقْسَامِ وَنَحْوُهُ فِي الرَّوْنَقِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَلَعَلَّهُ رَجَعَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الرَّاجِحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي غَيْرِ الْوُلُوغِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ اقْتِصَارًا عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْقِيَاسِ اهـ. وَعِنْدَنَا وَجْهٌ كَمَا ذَكَرَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَازَعَهُ فِي الْإِيعَابِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْقِيَاسِ.

(قَوْلُهُ: سَبْعَ جِرْيَاتٍ) فَلَوْ غَمَسَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَكْفِي وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ تُحْسَبُ غَسْلَةً وَاحِدَةً. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَالصَّحِيحُ الْمُقَابِلُ يَقُولُ: إنَّ الْمَاءَ طَبَقَاتٌ فَكُلُّ طَبَقَةٍ مَرَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا سَبْعَ جِرْيَاتٍ) فَلَا يَكْفِي مُرُورُ جِرْيَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ كَبِيرَةً وَالْمُتَنَجِّسُ صَغِيرٌ جِدًّا فَلَا تَقُومُ كُلُّ حَرَكَةٍ لِلْجِرْيَةِ مَقَامَ مَرَّةٍ إذْ لَا دُفُعَاتِ حَتَّى تُعَدَّ تِلْكَ الدُّفُعَاتُ بِمَنْزِلَةِ الْغَسَلَاتِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَصَابَهُ) هَذَا الْإِفْهَامُ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَرَّرَ بِهِ سم الْمَتْنَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ) أَيْ: بِدُونِ مَاءٍ وَلِذَا صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَفَى. وَقَوْلُ الْقَمُولِيِّ إذَا ذَرَّهُ عَلَى الْمَحَلِّ أَيْ: الرَّطْبِ تَنَجَّسَ بِهِ وَاحْتَاجَ إلَى الْغَسْلِ. فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ وَالطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى نَجَسٍ لَا يَتَنَجَّسُ بِهِ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>