أَدْنَاهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ خَالِيًا عَمَّا يَأْتِي وَأَوْسَطُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ بَعْدَ صَلَاةٍ، أَوْ فِي خُطْبَةِ جُمُعَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَأَفْضَلُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِصَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ: (سُنَّ لِلِاسْتِسْقَاءِ إكْثَارُ الدُّعَا) فِي أَيِّ وَقْتٍ (وَ) إكْثَارُهُ (بَعْدَمَا صَلَّى وَلَوْ تَطَوُّعَا) ، كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ (أَوْلَى) مِنْ إكْثَارِهِ بِلَا صَلَاةٍ (كَمَا فِي خُطْبَةٍ لِلْجُمُعَهْ) ، أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ فِيهَا أَوْلَى مِنْهُ بِدُونِهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ فِيهَا كَهُوَ بَعْدَ صَلَاةٍ فَإِنَّهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَآهُ الْحَنَفِيُّ بَدَّعَهْ) مَحَلُّهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ لِيُوَافِقَ رَأْيَ الْحَنَفِيِّ فَعِنْدَهُ الصَّلَاةُ بِدْعَةٌ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهَا وَرَدَّهُ أَئِمَّتُنَا بِوُرُودِهَا فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَذِكْرُ الْإِكْثَارِ وَالتَّطَوُّعِ وَأَوْلَوِيَّةِ النَّوْعِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
(وَالْأَفْضَلُ) أَيْ: وَأَفْضَلُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ) مَعَ مَا سَيَأْتِي (مِنْ مُحْتَاجِ سَقْيٍ وَسِوَاهُ) أَيْ: سُنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُحْتَاجِ إلَى السَّقْيِ؛ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ، أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَوْ صَيْرُورَتِهِ مَالِحًا، أَوْ نَحْوِهَا وَمِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ يُسْتَسْقَى لِلْمُحْتَاجِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي وَالْمُسَافِرُونَ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَتْرُكْهُ النَّاسُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِلِاسْتِسْقَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْرَعُ لِلتَّضَرُّرِ بِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَنْقُلْ، بَلْ السُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ رَفْعَهُ بِأَنْ يَقُولُوا مَا قَالَهُ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ الصَّلَاةُ بِالِانْفِرَادِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا نَحْوُهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ.
(وَلْتَكُنْ)
ــ
[حاشية العبادي]
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِصَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ؛ وَلِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا. (قَوْلُهُ: الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ) لَمْ يُعْتَبَرْ الْإِكْثَارُ كَالْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: سُنَّ لِلِاسْتِسْقَاءِ) لَوْ فُرِضَ ثُبُوتُ قَطْعٍ بِنَحْوِ خَبَرِ مَعْصُومٍ بِأَنَّ دُعَاءَ شَخْصٍ يَقْطَعُ بِإِجَابَتِهِ حَالًا وَاحْتَاجَ النَّاسُ لِلسُّقْيَا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّهُمْ عَدَمُهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالسُّقْيَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الْوُجُوبِ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اسْتَسْقَوْا فَلَمْ يُسْقَوْا، وَصَارَ الْحَالُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يُسْقَوْا بِاسْتِسْقَائِهِمْ فَلَا يَجِبُ الدُّعَاءُ لَهُمْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي دَفْعِ حَاجَتِهِمْ وَقَوْلُهُ: إكْثَارُ الدُّعَاءِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِكْثَارَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ حَصَلَ بِدُونِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ الْمَطْلُوبُ بِدُونِ الْإِكْثَارِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. .
(قَوْلُهُ: إكْثَارُ الدُّعَاءِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ وَإِكْثَارُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْفَرَائِضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي خُطْبَةٍ) أَيْ: كَالْإِكْثَارِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ فِيهَا أَيْ: وَإِنْ أَوْهَمَ التَّنْظِيرَ خِلَافَهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: أَفْضَلُ الْأَنْوَاعِ) لَعَلَّ الْأَقْعَدَ أَيْ: الْأَفْضَلَ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ الْغَيْرُ جِدًّا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتْرُكْهُ النَّاسُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِالْبَلَدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ أُمِنَتْ الْفِتْنَةُ وَلَمْ يُعْتَدَّ الِاسْتِئْذَانُ اُتُّجِهَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجُونَ أَيْ: يُكْرَهُ الْخُرُوجُ الْمَذْكُورُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ لِلِاسْتِسْقَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فَإِطْلَاقُ قَوْلِهِ الْآتِي وَهُوَ كَذَلِكَ مُشْكِلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ لِلتَّضَرُّرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَنْوَاعِ وَظُهُورِ أَنَّهُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْلَى وَهُوَ ثَانِي الْأَنْوَاعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ كَمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بَلْ السُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا إلَخْ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا) أَيْ: التَّضَرُّرَ الْمَذْكُورَ
[حاشية الشربيني]
فِي التَّرْجَمَةِ بِمَعْنَى الطَّلَبِ وَمَا هُنَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيَانِ إلَخْ) خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْفَرَائِضِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَوَالَيْنَا) مُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوَالٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ وَكَتَبَ أَيْضًا حَوَالَيْنَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: اجْعَلْ. اهـ. شَوْبَرِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ جَمْعُ حَوْلٍ بِمَعْنَى جِهَةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ أَحْوَالٌ وَهَذَا الْجَمْعُ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى قَرَّرَهُ ح ف هُنَاكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ حَجَرٍ عَلَى الْهَمْزِيَّةِ لِلْبُولَاقِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: حَوَالَيْنَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَوْلَنَا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْحَوْلُ وَالْحَوَالُ بِمَعْنَى الْجَانِبِ وَاَلَّذِي فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تَثْنِيَةُ حَوَالٍ وَهُوَ ظَرْفٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ وَدُخُولُ الْوَاوِ فِي وَلَا عَلَيْنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَ مَقْصُودَ الْعَيِّنَةِ وَلَكِنْ لِيَكُونَ وِقَايَةً مِنْ أَذَاهُ فَلَيْسَتْ مُخْلَصَةً لِلْعَطْفِ وَلَكِنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيِهَا، فَإِنَّ الْجُوعَ لَيْسَ مَقْصُودَ الْعَيِّنَةِ وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ مَانِعًا عَنْ الرَّضَاعِ بِأُجْرَةٍ إذْ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا. اهـ. فَتْحُ الْبَارِي. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَفَادَتْ الْوَاوَ أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ حَوَالَيْنَا الْقَصْدُ مِنْهُ بِالذَّاتِ وِقَايَةُ أَذَاهُ فَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ: اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَنُقِّلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ حَرِّرْهُ مَعَ وُجُودِ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: الْآكَامِ) جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ آكَامٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا قَالَ الْجَمَلُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ مِنْ مُفْرَدَاتٍ وَلَوْ كَانَتْ جُمُوعًا فَلَا يَتَحَقَّقُ آكَامٌ إلَّا بِإِحْدَى وَثَمَانِينَ أَكَمَةٍ؛ لِأَنَّ أَكَمَ الَّذِي هُوَ مُفْرَدٌ عِبَارَةٌ عَنْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute