للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ (كَالْعِيدِ) أَيْ: كَصَلَاتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ فَيُكَبِّرُ فِي أَوَّلِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعًا، وَأَوَّلِ الثَّانِيَةِ خَمْسًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مُسَبِّحًا حَامِدًا مُهَلِّلًا مُكَبِّرًا وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى " ق " وَفِي الثَّانِيَةِ " اقْتَرَبَتْ " وَقِيلَ: يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: ١] وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ مَا يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ قَالَ: وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: ١] كَانَ حَسَنًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ " اقْتَرَبَتْ " وَلَمَّا كَانَ تَنْظِيرُ الْحَاوِي صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ يُفْهِمُ اتِّحَادَهُمَا فِي الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَّحِدَا فِيهِ.

زَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: (قُلْتُ: الْحَقُّ) أَنَّهُ (لَا تُخَصُّ صَلَاتُهَا) أَيْ: السُّقْيَا (وَقْتًا) أَيْ: لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ، بَلْ جَمِيعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقْتٌ لَهَا، كَمَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ (وَهَذَا) هُوَ (النَّصُّ) لِلشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَلَوْ قَالَ النَّاظِمُ صَلَاتُهُ أَيْ: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ كَانَ أَوْلَى وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْضُرُهَا غَالِبُ النَّاسِ وَالصِّبْيَانُ وَالْحُيَّضُ وَالْبَهَائِمُ وَغَيْرُهُمْ فَالصَّحْرَاءُ أَوْسَعُ لَهُمْ وَأَلْيَقُ.

(وَكَرَّرَ) الْمُصَلِّي لِلِاسْتِسْقَاءِ (الصَّلَاةَ) بِهَيْئَتِهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَأَكْثَرَ (إنْ تَأَخَّرَا) أَيْ: السَّقْيُ حَتَّى يَسْتَقُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ فَيَعُودُونَ مِنْ الْغَدِ، كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ وَالْأُمِّ فِي مَوْضِعٍ وَفِي الْقَدِيمِ وَالْأُمُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَعُودُونَ مِنْ الْغَدِ، بَلْ يَصُومُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَعُودُونَ فِي الرَّابِعِ، كَمَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إنْ اقْتَضَى الْحَالُ التَّأْخِيرَ كَانْقِطَاعِ مَصَالِحِهِمْ صَامُوا، وَإِلَّا فَلَا وَالنَّصَّانِ مَحْمُولَانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَلْ النَّقْلُ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ وَالثَّانِي عَلَى النَّدْبِ، ثُمَّ إذَا عَادُوا مِنْ الْغَدِ أَوْ بَعْدِهِ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونُوا صَائِمِينَ فِيهِ

(وَإِنْ سُقِيَ) الْمُحْتَاجُ (قَبْلَ الصَّلَاةِ) وَبَعْدَ التَّهَيُّؤِ لَهَا (ظَهَرَا) أَيْ: خَرَجَ مُرِيدُهَا نَدْبًا (لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ) شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْمَزِيدِ قَالَ: تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧] .

(وَيَأْمُرُ) نَدْبًا (الْإِمَامُ) قَبْلَ خُرُوجِهِ بِالنَّاسِ (كُلًّا) بِأَنْ (يَأْتِي)

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَثْرَةِ الْمِيَاهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، نَعَمْ وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لِلِاتِّبَاعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الصَّلَاةَ بِهَيْئَتِهَا) وَمِنْهَا الْخُطْبَةُ.

(قَوْلُهُ: شُكْرًا لِلَّهِ) هَذَا التَّوْجِيهُ مَوْجُودٌ فِي الْكُسُوفِ فَهَلَّا صَلَّى لَهُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّوْجِيهُ بِمَجْمُوعِ الشُّكْرِ وَطَلَبِ الْمَزِيدِ

(قَوْلُهُ: كُلًّا بِأَنْ يَأْتِيَ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ سَوَاءٌ الَّذِي يَخْرُجُ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرُهُ حَتَّى فِي الصَّوْمِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَكَمَةً؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ آكَامٍ وَمَدْلُولُهُ تِسْعُ أَكَمَاتٍ؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ أَكَمٍ وَمَدْلُولُهُ ثَلَاثُ أَكَمَاتٍ. اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: الْحَقُّ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَقِيلَ: يَخْتَصُّ صَلَاتُهَا بِوَقْتِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الصَّحْرَاءِ) وَلَوْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْأَقْصَى.

(قَوْلُهُ: وَكَرَّرَ) وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا رَكْعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَلَا تُصَلَّى إلَّا رَكْعَتَيْنِ. اهـ. جَمَلٌ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِحَجَرٍ وَبَعْضُ نُسَخِ م ر وَقِيلَ: إنَّهُ ضَرَبَ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ: فَلَا صَوْمَ لِلثَّلَاثَةِ وَإِنْ كَانُوا يَوْمَ الْخُرُوجِ صَائِمِينَ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ النَّهْيِ) هَكَذَا قَيَّدَ بِهِ صَاحِبُ الرَّوْضِ وَشُرَّاحُ الْمِنْهَاجِ وَالْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمَتْنِ فَيُفِيدُ أَنَّهُمْ إنْ سُقُوا قَبْلَ النَّهْيِ لَا يَخْرُجُونَ. (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ) وَتَجِبُ نِيَّةُ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل وَحَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) مِثْلُهُ نَائِبُهُ أَوْ قَاضِي الْمَحَلِّ أَوْ مُطَاعٌ فِيهِ أَوْ حَاكِمٌ فِي بَلَدٍ لَا إمَامَ فِيهِ، فَيَجِبُ مَا أَمَرَ بِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَلْ كُلُّ مَا لَيْسَ مَعْصِيَةً يَجِبُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ مُبَاحًا وَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِرُجُوعِهِ عَنْ الْأَمْرِ وَلَا بِالسُّقْيَا فِي أَثْنَائِهِ وَيَجِبُ فِي الصَّوْمِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ لَيْلًا وَلَا يَقْضِي إذَا فَاتَ وَيُجْزِئُ عَنْهُ صَوْمُ غَيْرِهِ وَلَوْ نَفْلًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ فِطْرُهُ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي وَخَالَفَهُ زي كَابْنِ حَجَرٍ فَقَالَا: لَا يُجْزِئُ عَنْهُ غَيْرُهُ وَيَجُوزُ فِطْرُهُ بِمَا يَجُوزُ بِهِ فِطْرُ رَمَضَانَ. اهـ. قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي النَّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَفْلًا إلَخْ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يَجِبُ التَّعْيِينُ فِيهِ إلَّا إذَا صَامَ مَكَانَهُ قَضَاءً فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ النَّفَلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ إلَّا أَنْ يَضُمَّ النَّفَلَ لِلْقَضَاءِ. اهـ.

وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ وَيَكْفِي صَوْمُ تِلْكَ الْأَيَّامِ عَنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَفْلٍ، كُصُوم اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ اهـ مَعَ قَوْلِهِ: بِوُجُوبِ التَّعْيِينِ حَيْثُ قَالَ: وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ بِأَمْرِهِ فَيَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ وَالتَّعْيِينُ نَعَمْ لَمْ يَذْكُرْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ التَّعْيِينَ كَمَا سَلَفَ. اهـ. وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ بِكِفَايَةِ النَّفْلِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الِاسْتِسْقَاءَ وَالنَّفَل كَأَنْ نَوَى بِهِ صَوْمَ الِاسْتِسْقَاءِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَوْ الْخَمِيسِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي أَيْ: يُجْزِئُ عَنْ الصَّوْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَيَكُونُ التَّعْيِينُ إنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ الْحُرْمَةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الشَّرْقَاوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي التَّبْيِيتِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>