للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِزِيَادَةٍ يَأْتِي تَكْمِلَةً أَيْ: يَأْمُرُ كُلًّا مِنْهُمْ (بِالْبِرِّ) وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وَمِنْهُ الصَّوْمُ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ وَلِكَوْنِهِمَا أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ صَرَّحَ بِهِمَا فَقَالَ (وَالصَّوْمِ) أَيْ: وَبِصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ عَلَى الرِّيَاضَةِ وَالْخُشُوعِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَبَرَ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالْمَظْلُومُ» وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ وَالْوَالِدِ وَالْمُسَافِرِ وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لِلْقَوْمِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ امْتِثَالًا لَهُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ} [النساء: ٥٩] الْآيَةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا أَمْ يَخْتَصُّ بِالصَّوْمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّعَدِّيَ إلَى ذَلِكَ وَمَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَى الِاخْتِصَاصِ (وَ) يَأْمُرُهُمْ (بِالتَّرَاجُعِ) أَيْ بِتَوْبَتِهِمْ (عَنْ ظُلْمِهِمْ) فِي الدَّمِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ قَالَ تَعَالَى {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [هود: ٥٢] وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ أَمَرَ بِهَا الْإِمَامُ أَمْ لَا.

(وَ) بِأَنْ (يَخْرُجُوا) مَعَهُ (فِي) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ مَعَ الْخُشُوعِ) فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ وَغَيْرِهِمَا (وَجَمِيعٌ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ جَمِيعَهُمْ حَتَّى الْإِمَامُ (صَائِمٌ) يَوْمَ الرَّابِعِ وَفَارَقَ يَوْمُ عَرَفَةَ حَيْثُ لَا يُسَنُّ لِلْحَاجِّ صَوْمُهُ بِأَنَّهُ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ وَالسَّفَرِ وَبِأَنَّ مَحَلَّ الدُّعَاءِ ثَمَّةَ آخِرَ النَّهَارِ، وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ مُضَعَّفَةٌ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لِلْقَوْمِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ) وَيَحْصُلُ بِفَرْضٍ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَإِذَا فَاتَ لَا يُقْضَى؛ لِأَنَّهُ لِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَمَا يَحْصُلُ بِمَا ذَكَرَ يَحِلُّ لَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ فَلْيُحْذَرْ. (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لِلْقَوْمِ) وَيَجِبُ التَّبْيِيتُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَقِيَاسُ وُجُوبِهِ حُصُولُ الْإِثْمِ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى حِينَئِذٍ نَهَارًا صَحَّ الصَّوْمُ وَوَقَعَ نَفْلًا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: امْتِثَالًا) قَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْإِمَامِ قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَالْقِيَاسُ التَّعَدِّي. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّعَدِّيَ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ أَيْ: يَأْمُرُ بِحَرَامٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَخْرُجُوا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْخِصَالِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَاتِّسَاعِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ. اهـ. وَعَلَى قِيَاسِهِ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ، ثُمَّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدَيْنِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا لِلِاتِّبَاعِ وَالتَّعْلِيلِ السَّابِقَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَخْرُجُوا) إلَّا فِي مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَفَّافُ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ اقْتِدَاءً بِالْخَلَفِ وَالسَّلَفِ لِشَرَفِ الْمَحَلِّ وَسَعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَلَا يُنَافِيهِ إحْضَارُ نَحْوِ الصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ بِأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، وَإِلَّا إنْ قَلَّ الْمُسْتَسْقُونَ فَالْمَسْجِدُ مُطْلَقًا لَهُمْ أَفْضَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِزِيَادَةٍ يَأْتِي) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ كَالصَّوْمِ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ يَتَضَمَّنُ الْإِتْيَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمِ) وَلَا يَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ السَّبَبِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْقُوَيْسِنِيُّ مُسْتَبْعِدًا لِمَا اعْتَمَدَهُ ح ف مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَذَا بِخَطِّ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ الْمَرْصَفِيُّ عَنْ الشَّيْخِ الْقُوَيْسَنِيِّ أَيْضًا مُعَلِّلًا بِأَنَّ الصَّوْمَ لَا تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَكَذَا النَّذْرُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِي النَّذْرِ ذِكْرُ أَنَّهُ عَنْ النَّذْرِ. اهـ. فَالصَّوْمُ هُنَا بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهِ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَرَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ) لَعَلَّهُ بَدَلٌ مِمَّا تَضَمَّنَهُ ثَلَاثَةً إلَخْ وَهُوَ ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ. (قَوْلُهُ: لَازِمٌ إلَخْ) وَإِذَا فَاتَ لَا يَقْضِي إذْ وُجُوبُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ، وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَعَدَّى إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر التَّعَدِّيَ. (قَوْلُهُ: إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>