بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ.
(لَا لِلْوَارِثِ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَالِكِ وَفَارَقَ الْغَرِيمُ بِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ فَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كُفِّنَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقْيَسُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ فَيُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَآخَرُونَ، وَقَدْ يُشَكِّكُ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِمَّتَهُ تَبْقَى مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ. اهـ.
(أَوْلَاهُ فِي ثَلَاثَةٍ) أَيْ: وَأَوْلَى الْكَفَنِ لِلذَّكَرِ وَلَوْ طِفْلًا أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ذَاتِ (بَيَاضِ لَفَائِفٍ) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ أَيْ: يُلَفُّ بِهَا كُلُّ بَدَنِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا تَكْفِينُ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فِي ثَوْبَيْنِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ النَّظْمِ (طَوِيلَةٍ عِرَاضِ) أَيْ: سَوَابِغُ طُولًا وَعَرْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا إنْ يَكُنْ) كَفَنُهُ (مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ) ؛ لِفَقْدِ مَالِهِ وَمَنْ يُمَوِّنُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى ثَوْبٍ لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ، وَكَذَا إنْ كُفِّنَ مِمَّا وَقَفَ لِلتَّكْفِينِ، كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنْ كَفَّنَهُ مَنْ يُمَوِّنُهُ فَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ
(وَجَازَ أَنْ يُزَادَ لِلرِّجَالِ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ إلَخْ) فَرْعٌ حَاصِلُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ التَّكْفِينِ فِي اللَّفَائِفِ الثَّلَاثِ حَيْثُ وَقْتُ التَّرِكَةِ، وَلَا إيصَاءَ بِتَرْكِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَا مَنْعَ مِنْ الْغَرِيمِ لَكِنْ هَلْ يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ لِتَكْفِينِ الذِّمِّيِّ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثُّبُوتُ
(قَوْلُهُ: أَوْلَاهُ فِي ثَلَاثَةٍ) لَا يُقَالُ أَوْلَوِيَّةُ الثَّلَاثَةِ تُنَافِي وُجُوبَهَا حَيْثُ لَا إيصَاءَ بِتَرْكِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَلَا مَنْعَ غَرِيمٍ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا مُنَافَاةَ إمَّا؛ لِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ بِاعْتِبَارِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا أَيْ: الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ إلَخْ وَإِمَّا؛ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ وَصْفِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ: بَيَاضٌ إلَخْ وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْمَيِّتِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا بِشَرْطِهِ وَاعِلْم أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِ الثَّلَاثِ اُشْتُرِطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ فَلَا يَكْفِي عَنْهَا إزَارٌ، وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ سم. (قَوْلُهُ: أَيْ: سَوَابِغُ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَهَا قَدْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: يَبْسُطُ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا، بَلْ مِنْ لَازِمِ طَلَبِ سُبُوغِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِلْمَيِّتِ تُفَارِقُهَا، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ سُبُوغُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ بَعْدَ الْأَوَّلَيْنِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ) بَلْ قِيَاسُ كَوْنِ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَلِيِّ امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ
لِمَصْلَحَةِ
الْمَيِّتِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ بَيْنَ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ لِلرِّجَالِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ الرَّوْضِ مِثْلُ مَا فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَتْ زِيَادَتُهُمَا مَكْرُوهَةً لَكِنَّهَا خِلَافُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِظُهُورِهِ وَإِنْ كَانَ الِاتِّفَاقُ مِنْهُمَا جَمِيعًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسْقِطْهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ لِحَقِّ اللَّهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ) ظَاهِرُهُ بِلَا خِلَافٍ إلْغَاءٌ لِقَوْلِ الْوَارِثِ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ. (قَوْلُهُ: كُفِّنَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْوَاحِدَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشَكِّكُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: رِضَا الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى رَجَاءِ إبْرَائِهِمْ لَهُ أَوْ عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تَكُونُ ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً فَتَأَمَّلْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: لِأَنَّهُ خَلَفَ وَفَاءً فَلَمْ يُقَصِّرْ
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُ) بِالنِّسْبَةِ لِلزِّيَادَةِ الْآتِيَةِ أَوْ مَنْعُ الْمَيِّتِ وَالْغَرِيمِ وَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَنْعِ وَاجِبَةً. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَوْلَاهُ ثَلَاثَةٌ) وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ قَاصِرٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. اهـ. م ر وَجَمَلٌ.
(قَوْلُهُ: لَفَائِفٍ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: نَدْبًا وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: وُجُوبًا وَلَا يُجَابُ الْوَرَثَةُ لَوْ طَلَبُوا غَيْرَهَا أَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَهَذَا عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّ الثَّلَاثَ لَفَائِفَ وَاجِبَةٌ فِي الرَّجُل سَوَاءٌ زِيدَ عَلَيْهَا أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ) فِي شَرْحِ م ر بَعْدَ لَفْظِ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ زَادَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ مِنْ كُرْسُفٍ قَالَ وَالسَّحُولِيَّةُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَكْثَرِ مَنْسُوبَةٌ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقَصَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُسْحِلُهَا أَيْ: يَغْسِلُهَا أَوْ إلَى سَحُولَ قَرْيَةٍ بِالْيُمْنِ وَبِالضَّمِّ جَمْعُ سُحُلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ وَفِيهِ شُذُوذٌ؛ لِأَنَّهُ نَسَبٌ إلَى الْجَمْعِ وَقِيلَ: اسْمُ الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ أَيْضًا وَالْكُرْسُفُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ الْقُطْنُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) أَيْ: أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي كَفَنِهِ أَصْلًا وَقَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ أَيْ: أَنَّهُمَا لَمْ يَعُدَّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُمَا مَوْجُودَانِ فِي الْكَفَنِ. اهـ. شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ إلَخْ) وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُتَبَرِّعُ بِالْأَكْفَانِ كَمَا يَقَعُ فِي مَوْتِ