للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشَدُّ عَلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ ثَوْبٌ؛ لِئَلَّا يَضْطَرِبَ ثَدْيَاهَا عِنْدَ الْحَمْلِ فَتَنْتَشِرُ الْأَكْفَانُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا ثَوْبٌ سَادِسٌ لَيْسَ مِنْ الْأَكْفَانِ يُشَدُّ فَوْقَهَا وَيُحَلُّ عَنْهَا فِي الْقَبْرِ (وَلِلْأُنْثَى الْحَرِيرُ يُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ لَا يَلِيقُ بِالْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَيَاةِ وَهَذَا قَدَّمْتُهُ مَعَ زِيَادَةٍ.

(ثُمَّ لِيَبْسُطَ) أَيْ: الْمُكَفِّنُ أَحْسَنَ الْأَكْفَانِ وَأَوْسَعَهَا، كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَأَوْسَعَهَا، ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الَّذِي يَلِي الْمَيِّتَ (وَالْحَنُوطَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيُقَالُ لَهُ: الْحِنَاطُ بِكَسْرِهَا أَنْوَاعٌ مِنْ طِيبٍ يُجْمَعُ لِلْمَيِّتِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ (ذَرَّهُ) بِالْمُعْجَمَةِ عَلَى كُلِّ مِنْ الْأَكْفَانِ الثَّلَاثَةِ؛ لِئَلَّا يُسْرِعَ بَلَاؤُهَا مِنْ بَلَلٍ يُصِيبُهَا وَيُزَادُ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ كَافُورٌ؛ لِدَفْعِ الْهَوَامِّ.

(ثُمَّ لِيَضَعهُ) أَيْ: الْمَيِّتَ (رَافِقًا) أَيْ: بِرِفْقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْكَفَنِ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى قَفَاهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ كَالْحَيِّ وَلِخَبَرِ مُصْعَبٍ السَّابِقِ وَذِكْرُ الرِّفْقِ وَالِاسْتِلْقَاءِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَدُسَّ فِي أَلْيَيْهِ) قُطْنٌ حَلِيجٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْحَلْقَةِ؛ لِيَرُدَّ مَا يَخْرُجُ بِتَحْرِيكِهِ وَلَا يُدْخِلُهُ بَاطِنَهُ كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدُسَّ إلَى دَاخِلِ الْحَلْقَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي الْمَنَافِذِ، ثُمَّ يَشُدُّ أَلْيَيْهِ بِأَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً وَيَشُقُّ رَأْسَهَا وَيَجْعَلُ وَسَطَهَا عِنْدَ أَلْيَيْهِ وَعَانَتِهِ وَيَشُدُّهَا فَوْقَ السُّرَّةِ بِأَنْ يَرُدَّ مَا يَلِي ظَهْرَهُ إلَى سُرَّتِهِ وَيَعْطِفُ الشِّقَّيْنِ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِ وَلَوْ شَدَّ شِقًّا مِنْ كُلِّ رَأْسٍ عَلَى فَخِذٍ وَمِثْلُهُ عَلَى الْآخَرِ جَازَ، وَلَمَّا كَانَ الدُّبُرُ أَكْثَرَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِ الْخَارِجِ الْأَفْحَشِ صَرَّحَ بِحُكْمِهِ وَإِنْ شَمَلَهُ قَوْلُهُ.

(ثُمَّ لِيُلْصَقْ بِمَنَافِذِ الْبَدَنْ) وَمَسَاجِدِهِ (قُطْنٌ) حَلِيجٌ (بِكَافُورٍ) أَيْ: مَعَ كَافُورٍ وَحَنُوطٍ دَفْعًا لِلْهَوَامِّ وَتَكْرِمَةً لِمَسَاجِدِهِ فَقَوْلُهُ: قُطْنٌ بِكَافُورٍ تُنَازِعُهُ دُسَّ وَيُلْصَقُ وَيُكْرَهُ حَشْوُ الْمَنَافِذِ بِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يُحَنِّطَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْكَافُورِ وَلَوْ حَنَّطَهُ بِالْمِسْكِ فَلَا بَأْسَ.

(وَبُخِّرَ الْكَفَنْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ بِعُودٍ) وَنَحْوِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْكَفَنَ عَلَى أَعْوَادٍ، ثُمَّ يُبَخَّرُ كَمَا يُبَخَّرُ ثِيَابُ الْحَيِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعُ: وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْعُودِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ وَأَنْ يُبَخَّرَ ثَلَاثًا لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جَمَّرْتُمْ الْمَيِّتَ فَجَمِّرُوهُ ثَلَاثًا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمُحْرِمِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي هُنَا الْمُحْرِمُ فَلَا يُبَخَّرُ وَلَا يُطَيَّبُ لِمَا مَرَّ وَلَوْ قَدَّمَ تَبْخِيرَ الْكَفَنِ عَلَى بَسْطِهِ وَذَرِّ الْحَنُوطِ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمَا فِي الْوُجُودِ

(وَيُلَفُّ) أَيْ: الْكَفَنُ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَنْحَلَّ بِأَنْ يُثْنَى مِنْ الْكَفَنِ الَّذِي يَلِيهِ طَرَفُهُ الَّذِي يَلِي شِقَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ، ثُمَّ يَلُفُّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ كَذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْفَاضِلَ عِنْدَ رَأْسِهِ جَمْعَ الْعِمَامَةِ وَيَرُدُّ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ إلَى حَيْثُ يَبْلُغُ وَمَا فَضَلَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ يُجْعَلُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ (وَشُدَّ) كَفَنُهُ بِشِدَادٍ لِئَلَّا يَنْتَشِرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُصْعَبٍ) حَيْثُ أَمَرَ فِيهِ بِسَتْرِ رَأْسِهِ بِالنَّمِرَةِ وَوَضْعِ الْإِذْخِرِ عَلَى رِجْلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ الْكَافُورِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ) كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعُودَ أَوْلَى فَطَلَبَ تَمَحُّضَهُ

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ) فَقَوْلُهُ: جَمْعَ الْعِمَامَةِ كَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُجْمَعُ فِي مَوْضِعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا ثَوْبٌ سَادِسٌ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: لِئَلَّا تَضْطَرِبَ الْأَكْفَانُ: أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الثَّدْيَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ الْبَدَنَ وَلَا مُعْظَمَهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نَحْوَ عِصَابَةٍ قَلِيلَةِ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ إزْرَاءً وَأَنَّهُ يُسَنُّ كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ صَدْرِ الْمَرْأَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا ثَدْيَ لَهَا يَنْتَشِرُ لَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَوْسَعَهَا) أَيْ: وَأَطْوَلَهَا وَقَوْلُهُمْ: يُسَنُّ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً أَيْ: فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ لَا أَنَّ الْأَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ وَالثَّانِي مِنْ عُنُقِهِ إلَى كَعْبِهِ وَالثَّالِثُ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ. اهـ. م ر وَكَوْنُ ذَلِكَ سُنَّةً لَا يُنَافِي وُجُوبَ فِعْلِهِ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ فِي تَثْلِيثِ الْكَفَنِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهِ السَّابِقِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَأَصَحُّهُمَا تَكُونُ مُتَسَاوِيَةً فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جَمِيعَ بَدَنِهِ وَلَا فَرْقَ فِي التَّكْفِينِ فِي الثَّلَاثِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْخَمْسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) قَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَّا أَنْ تَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ يَخَافُ أَنْ يُحْرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِهَا عِنْدَ تَحْرِيكِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ مِمَّا أَدْخَلَ حِينَئِذٍ شَيْءٌ وَقَالَ شَيْخُنَا: تَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَمَسَاجِدِهِ) أَيْ: مَوَاضِعِ سُجُودِهِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُحْرِمٍ) وَلَوْ لِمُحِدَّةٍ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَ) أَيْ: الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ: وَيُشَدُّ إلَخْ) أَيْ: فِي غَيْرِ مُحْرِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ. اهـ. وَانْظُرْ شَدَّ الْأَلْيَيْنِ السَّابِقَ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْ: إنْ كَانَ الشَّدُّ بِنَحْوِ عَقْدٍ مِمَّا يَحْرُمُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>