للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَرْصُ سُنَّةٌ وَقِيلَ: شَرْطٌ فَإِنَّ تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى أُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَحْقِيقِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَنْقِيحِهِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ.

فَفِي الْبَحْرِ إذَا بَقِيَ لَوْنٌ لَا يُخْرِجُهُ الْمَاءُ يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِعَانَةَ بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنْ صَابُونٍ وَأُشْنَانٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ قَالَ: وَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِلدَّلِيلِ إذْ لَمْ يُذْكَرْ فِي خَبَرِ أَسْمَاءَ غَيْرُ الْمَاءِ. وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا فِي التَّحْقِيقِ لَعَلَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى بَقَاءِ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا أَوْ الطَّعْمِ أَيْ: فَيَجِبُ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَعَ بَقَاءِ ذَلِكَ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ لِقُوَّةِ دَلَالَةِ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ وَلِسُهُولَةِ إزَالَةِ الطَّعْمِ غَالِبًا فَأُلْحِقَ بِهِ نَادِرُهَا وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ وَيُفْهِمُ كَلَامُهُ أَيْضًا كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَسِرَ مِنْ لَوْنِ الْمُغَلَّظَةِ أَوْ رِيحِهَا لَا يَضُرُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَلِهَذَا لَا يَلْتَحِقُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ بِجِلْدِ مَيْتَةِ مَا سِوَاهُمَا فِي جَوَازِ تَجْلِيلِ الدَّابَّةِ. وَمَا قَالَهُ قَدْ يُؤَيَّدُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْكَلْبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّمَ يَسْهُلُ إزَالَةُ جِرْمِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. وَتَقْدِيمُ النَّظْمِ الْعَسِرَ عَلَى الرِّيحِ وَاللَّوْنِ أَوْلَى مِنْ تَوْسِيطِ أَصْلِهِ لَهُ بَيْنَهُمَا.

(وَغَسْلَتَيْنِ اُنْدُبْ) لِطُهْرِ النَّجَاسَةِ (إذَا الطُّهْرُ) مِنْهَا (يَتِمْ) اسْتِظْهَارًا كَطُهْرِ الْحَدَثِ وَلِأَمْرِ الْمُسْتَيْقِظِ بِالتَّثْلِيثِ مَعَ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ فَمَعَ تَيَقُّنِهَا أَوْلَى وَنَبَّهَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي عَلَى أَنَّ الْغَسَلَاتِ الْمُحَصِّلَةَ لِلطُّهْرِ كَوَاحِدَةٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُغَلَّظَةَ فَيُنْدَبُ مَرَّتَانِ بَعْدَ طُهْرِهَا وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَقَالَ الْجَيْلَوِيُّ فِي بَحْرِ الْفَتَاوَى فِي نَشْرِ الْحَاوِي: لَا يُنْدَبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَالْمُصَغَّرِ لَا يُصَغَّرُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ

وَإِنْ تَنَجَّسَ الْجَامِدُ بِمُخَفَّفَةٍ اُكْتُفِيَ بِالرَّشِّ كَمَا قَالَ (وَرُشَّ) بِالْأَمْرِ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ بَوْلِ غُلَامٍ مَا طَعِمْ) بِأَنْ يَرُشَّ عَلَيْهِ مَاءً يَعُمُّهُ وَيَغْلِبُهُ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ: فَتَتَوَقَّفُ الطَّهَارَةُ عَلَيْهِ وَالْقِيَاسُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ فَقَدَهُمَا لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ كَمَا لَوْ فَقَدْ التُّرَابَ فِي الْمُغَلَّظَةِ م ر. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَحْقِيقِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ بِوُجُوبِ هَذَا يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ بِالْأَوْلَى فَكَيْفَ يَقُولُ النَّوَوِيُّ بِسُنِّيَّتِهِمَا بِوُجُوبِ هَذَا وَلِذَا حَاوَلَ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ بِسُنِّيَّةِ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَوَقَّفْ الْإِزَالَةُ عَلَيْهِمَا إذَا لَا عُسْرَ إذَا كَانَ يَزُولُ بِهِمَا وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ شَرْطٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِمَا الْإِزَالَةُ م ر. (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يُذْكَرْ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ غَيْرُ الْمَاءِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ كِفَايَةُ الْمَاءِ فِي الْإِزَالَةِ. (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ دَلَالَةِ الرِّيحِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُفْهِمُ كَلَامُهُ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَمَّا الْعُسْرُ مِنْ لَوْنِ الْمُغَلَّظَةِ أَوْ رِيحِهَا فَالْعَفْوُ عَنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً وَإِنْ قُلْنَا نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْعَفْوِ إذْ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يُنْدَبُ ذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: وَرُشَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالرَّشِّ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ بَيْنَ أَنْ يُصِيبَ بَدَنًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ أَرْضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمِنْهُ الْإِنَاءُ وَزُعِمَ عَدَمُ تَصْوِيرِ الرَّشِّ فِيهِ وَأَنَّهُ مَتَى وُضِعَ فِيهِ سَالَ وَكَانَ غَسْلًا مَمْنُوعًا مَنْعًا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقَوْلُ بِالطَّهَارَةِ قَوْلَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِوُجُوبِ إزَالَتِهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا اهـ. وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ مَثَلًا بِالْأَوَّلِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُزِيلِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَيُعِيدُ كَمَا فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَرْصُ) بِقَافٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ حَكُّ نَحْوِ الثَّوْبِ بِالظُّفْرِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ: مَعَ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ قَالَ حَجَرٌ: وَفِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَجَبَ) فَلَوْ زَالَ الرِّيحُ أَوْ اللَّوْنُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدُونِ شَيْءٍ فَالْمَحَلُّ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ ذَلِكَ بَعْدَ الْغَسْلِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ النَّجَاسَةِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ صَابُونٍ وَأُشْنَانٍ) لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ رَائِحَةِ الصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ زَالَ رِيحُ النَّجَاسَةِ أَوْ لَا وَإِلَّا فَرَائِحَةُ نَحْوِ الصَّابُونِ تَسْتُرُ رِيحَ النَّجَاسَةِ وَقَدْ تَحَقَّقْنَاهَا وَشَكَّكْنَا فِي زَوَالِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: حِينَ سَأَلَتْهُ) عَنْ دَمِ الْحَيْضِ تَغْسِلُهُ فَيَبْقَى أَثَرُهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفِيك وَلَا يَضُرُّك أَثَرُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: بَقَاءِ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا) أَيْ: مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَكَالِانْفِرَادِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَ بِهِ نَادِرُهَا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَزُلْ إلَّا بِالْقَطْعِ عُفِيَ عَنْهُ اهـ

(قَوْلُهُ: اُنْدُبْ) أَيْ: اُحْكُمْ بِنَدْبِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُغَلَّظَةَ) أَيْ: حَيْثُ أَخَّرَ هَذَا الْحُكْمَ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: فَتُنْدَبُ مَرَّتَانِ أَيْ: لَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَرُشُّ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ: لَا يُرَادُ الْمَاءُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ الْأُولَى النَّضْحُ الْمُجَرَّدُ. الثَّانِيَةُ مَعَ الْغَلَبَةِ وَالْمُكَاثَرَةِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَنْضَمَّ لِذَلِكَ السَّيَلَانُ، فَلَا تَجِبُ الثَّالِثَةُ قَطْعًا وَتَجِبُ الثَّانِيَةُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي تَكْفِي الْأُولَى اهـ. وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: إنَّ الثَّالِثَةَ تَرْجِعُ لِلثَّانِيَةِ لِلُزُومِهَا لَهَا لَا مَحَالَةَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ السَّيَلَانِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>