وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُونَ مَا عَلَيْهِمْ فَلَوْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الِابْتِدَاءِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا فِي الْمَسْبُوقِ فَقَطْ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْفَرْقُ السَّابِقُ.
(وَالْفَرْضُ فِيهَا) أَيْ: صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (بِمُمَيِّزٍ سَقَطْ) فَيَكْفِي صَلَاةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَغَيْرِهَا لَكِنَّهَا تُسَنُّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا وَلِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَوْجَبَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَمَعْنَى " أَوْجَبَ " غَفَرَ لَهُ، كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ كَذَلِكَ أَيْضًا وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَادًا، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ أَيْضًا؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِصَلَاةِ الْوَاحِدِ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ
ــ
[حاشية العبادي]
لِلتَّكْبِيرَتَيْنِ الْمُتَخَلِّفُ بِهِمَا وَهِيَ الرَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّكْبِيرَةِ الَّتِي قَرَأَ بَعْدَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَكِنْ وَرَاءَهُ شَيْءٌ آخَرُ فَلَا يَخْفَى أَنَّ قِيَاسَ مَا تَقَرَّرَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا سُبِقَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَلَغَا مَا تَقَدَّمَ وَتَدَارَكَ بَعْدَ سَلَامٍ أَنَّهُ هُنَا إذَا سُبِقَ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَافَقَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَلَغَا مَا تَقَدَّمَ وَتَدَارَكَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَكِنْ إذَا وَافَقَهُ فِي الثَّالِثَةُ أَوْ الرَّابِعَةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ هَلْ يَسْتَأْنِفُ الْفَاتِحَةَ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ قِرَاءَتِهِ بِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِي التَّكْبِيرِ أَوْ يَبْنِي، فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي الْبِنَاءُ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ فِي التَّكْبِيرِ كَمُوَافَقَتِهِ فِي التَّأْمِينِ وَكَفَتْحِهِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَطْلُوبٌ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ وَذَلِكَ لَا يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ فَكَذَا هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ،.
وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ قَامَ الْإِمَامُ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ بَطِيء الْقِرَاءَةُ الْمُتَخَلِّفُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْفَاتِحَةَ فَإِنْ قُلْنَا: يَبْنِي هُنَاكَ بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ فَكَذَا هُنَا إنْ لَمْ يَجْعَلْ التَّكْبِيرَ قَاطِعًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَرْفَعَ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يُمْشَى بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ بِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَافِقِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى الْجَوَابَيْنِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا وَقَدْ كَانَ الْوَلِيُّ مَوْجُودًا كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَابِ الثَّانِي بِأَنَّ عَادَةَ السَّلَفِ جَرَتْ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَى الْوَلِيِّ، فَجَرَوْا عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحْتَاجُوا إلَى التَّأْخِيرِ إلَى تَعَيُّنِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: قَدْ تَعَيَّنَ) وَلَعَلَّ وَلِيَّهُ كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ إنَّمَا لَمْ يَؤُمَّ بِهِمْ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ خَوْفًا أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إمَامٌ فَرُبَّمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ.
[حاشية الشربيني]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute