أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ فِيمَا تَبِعَهُ فِيهِ، بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا، كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيُمْكِنُ تَضْمِينُ " يُتِمُّ الْحَمْدَ " مَعْنَى يَشْتَغِلُ بِهَا فَيَعُمُّ مَا إذَا قَرَأَ بَعْضَهَا وَمَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ مِنْهَا شَيْئًا (نَعَمْ تَبْطُلُ بِالتَّخَلُّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ بِلَا عُذْرٍ بِأَنْ لَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الْمُسْتَقْبَلَةَ إذْ الِاقْتِدَاءُ هُنَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَهُوَ تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ يُشْبِهُ التَّخَلُّفَ بِرَكْعَةٍ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَالتَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ حَتَّى لَا تَبْطُلَ إلَّا بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ فَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) دَفْعٌ لِإِرَادَةِ هَذَا وَتُكَمِّلُهُ فَلَوْ لَمْ يُكَبِّرْ الرَّابِعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الْبُطْلَانُ لَكِنْ تَقْيِيدُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنْ لَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ يُشْعِرُ - كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ - بِعَدَمِهِ قَالَ: وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا ذِكْرٌ. فَلَيْسَتْ كَالرَّكْعَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ " إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ " مَنْ عُذِرَ بِبُطْءِ قِرَاءَةٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ عَدَمِ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ فَلَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ، بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ مَا فَاتَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَطْعًا. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ فِي صُورَتِنَا كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّ إلَخْ) لَوْ شَرَعَ الْمَسْبُوقُ فِي الْقِرَاءَةِ فَهَلْ لَهُ الْإِعْرَاضُ وَالتَّأْخِيرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا إلَخْ) قِيلَ: هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ الْأُولَى وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ يَأْتِي عَلَى أَجْزَائِهَا بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأُولَى مَحَلُّهَا الْأَصْلِيُّ وَهِيَ مُنْصَرِفَةٌ إلَيْهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَهَا عَنْهَا لَسَقَطَتْ عَنْهُ فِيمَا ذُكِرَ نَظَرًا لِذَلِكَ وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ عَقِبَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ زَمَنًا يَسَعُ شَيْئًا مِنْ الْفَاتِحَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَإِنْ قَصَدَ عِنْدَ إحْرَامِهِ تَأْخِيرَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْقَصْدِ إذْ لَمْ يُدْرِكْهَا فِي مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ زَمَنًا يَسَعُ نِصْفَ الْفَاتِحَةِ فَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا إلَى الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ يَكْفِيهِ قِرَاءَةُ نِصْفِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَمِيعِهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ، فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَهُ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا عَنْ الْجَوْجَرِيِّ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجُهُ.
(قَوْلُهُ: بِالتَّخَلُّفِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ الرَّكْعَةِ وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ خَامِسَةٍ وَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْبُطْلَانُ بِالتَّقَدُّمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ سم. (قَوْلُهُ: كَبَّرَ الْإِمَامُ الْمُسْتَقْبَلَةَ) لَوْ كَانَتْ خَامِسَةً، فَلَا أَثَرَ لَهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِعَدَمِهِ) لَكِنْ قَالَ الْبَارِزِيُّ: تَبْطُلُ أَيْضًا وَأَقَرَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْيَانٍ) مَا ذَكَرَهُ فِي النِّسْيَانِ مِنْ الْبُطْلَانِ بِالتَّخَلُّفِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا مَا دَامَ نَاسِيًا كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، بَلْ قَدْ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: أَوْ عَدَمُ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ إذَا اسْتَمَرَّ ظَانًّا عَدَمَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ تَكْبِيرَتَيْنِ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ بِبُطْءِ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ. فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ الْفَاتِحَةَ وَيُتَابِعَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ وَرَاءَهُ شَيْءٌ آخَرُ يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ نَقُولَ بِتَعَيُّنِهَا فِي الْأُولَى أَمْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ هَلْ نَقُولُ يُتَابِعُهُ وَلَا تُحْسَبُ التَّكْبِيرَةُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ تَقْطَعُ الْوَلَاءَ أَوْ نَقُولُ: يَبْنِي عَلَى قِرَاءَتِهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَلَا تَكُونُ التَّكْبِيرَةُ قَاطِعَةً؟ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ بِالشُّرُوعِ فِي الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْبُطْلَانَ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الثَّالِثَةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ إتْمَامِ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ - مَثَلًا - الْفَاتِحَةَ فَإِنْ قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَوَافَقَهُ فَذَاكَ وَإِنْ مَشَى عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ هُنَا بِتَكْبِيرَتَيْنِ نَظِيرُ التَّخَلُّفِ فِي بَاقِي الصَّلَوَاتِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، وَمُجَرَّدُ التَّخَلُّفِ بِالْأَكْثَرِ هُنَاكَ لَا يُبْطِلُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْبُطْلَانُ هُنَاكَ إذَا مَشَى عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ التَّخَلُّفِ بِالْأَكْثَرِ، فَكَذَا هُنَا يَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.
بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ كَوْنِ الْمُتَخَلِّفِ بِتَكْبِيرَةٍ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّ التَّخَلُّفَ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّابِعَةِ فَفِي قَوْلِ شَيْخِنَا اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ لِبُطْءِ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَقُولَ: حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الثَّالِثَةُ بِالنِّسْبَةِ
[حاشية الشربيني]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute