وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ وَفِي الْبَابِ أَخْبَارٌ أُخَرُ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ طِفْلًا قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ وَسَلَفًا وَذُخْرًا وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ وَيَقُولُ فِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ الدُّعَاءِ فِي الرَّابِعَةِ لِثُبُوتِهِ فِي الْخَبَرِ.
(وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ حَيْثُ أَدْرَكَا) أَيْ: وَلَا يَنْتَظِرُ التَّكْبِيرَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» وَكَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْأُولَى، فَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرَةٍ كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ، كَمَا لَوْ رَكَعَ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَتِهِ قَطَعَهَا وَتَابَعَ، كَمَا قَالَ (وَلَا يُتِمُّ الْحَمْدَ لَكِنْ تَرَكَا) أَيْ: بَلْ يَتْرُكُ إتْمَامَهَا (إنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ) قَبْلَ إتْمَامِهَا، كَمَا لَوْ رَكَعَ فِي أَثْنَائِهَا (وَلْيَتْبَعْهُ فِي ذَاكَ) أَيْ: فِي تَكْبِيرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ
ــ
[حاشية العبادي]
الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ دُعَاءٌ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَخُصُّهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّهُ هُوَ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ فِي الْكَبِيرِ بِنَظِيرِ الثَّانِي نَحْوُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَفِيعًا لِأَهْلِهِ أَوْ فَرَطًا لَهُمْ وَلَا يَخْلُو عَنْ بَعْدٍ، وَقَدْ يَخُصُّ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ وَنَحْوَهُ بِالصَّغِيرِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ أَمْرَهُ أَخَفُّ؛ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَسُومِحَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إلَخْ وَزَادَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَزَادَ قَالَ فِي شَرْحِهِ: نَدْبًا. اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إلَخْ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ إذْ لَا دُعَاءَ فِيهِ لِلْمَيِّتِ بِالْخُصُوصِ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ لَهُ بِالْخُصُوصِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ إلَخْ) وَحَدُّ هَذَا التَّطْوِيلِ أَنْ يَكُونَ كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ) وَعَلَى عَدَمِ التَّعَيُّنِ أَيْضًا لَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ فَهَلْ نَقُولُ: إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ سَقَطَتْ قِرَاءَتُهَا عَنْ الْمَأْمُومِ أَوْ لَا لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: أَيْضًا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَفْصِلَ فِي الْمَأْمُومِ فَإِنْ كَانَ يَرَاهَا بَعْدَ الْأُولَى أَوْ قَصَدَ أَنْ يَقْرَأَهَا بَعْدَهَا فَكَبَّرَ الْإِمَامُ سَقَطَتْ، وَإِلَّا قَرَأَهَا، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ إلَخْ يَنْبَغِي وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ صَرْفَهَا عَنْ الْأُولَى هَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يُحْرِمْ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ، أَمَّا هُوَ فَفِي سُقُوطِهَا عَنْهُ إذَا تَرَكَهَا الْإِمَامُ عَقِبَ الْأُولَى وَكَبَّرَ الثَّانِيَةَ فَوْرًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُوَافِقٌ فَكَيْفَ تَسْقُطُ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: إنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ) . (فَرْعٌ) لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَاصِدًا قِرَاءَتَهَا بَعْدَ غَيْرِهَا، وَكَبَّرَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ تَمَكُّنِ الْمَأْمُومِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا فَهَلْ تَسْقُطُ الْفَاتِحَةُ أَوْ بَقِيَّتُهَا عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ زَمَنًا يَسَعُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ السُّقُوطُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَسْبُوقِ سم.
(قَوْلُهُ: فَلْيَتْبَعْهُ) فَلَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ كَانَ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ اسْتَمَرَّ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ بَطَلَتْ ذَكَرَهُ الْجَوْجَرِيُّ عَنْ حِكَايَتِهِ لَهُ فِي الْقُوتِ عَنْ بَعْضِ مُعَاصِرِيهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي ذَاكَ) فَلَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ فَسَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لِانْتِهَاءِ الْمُتَابَعَةِ وَبَقَاءِ الْوَقْتِ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ إتْمَامِهَا، فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي بَاقِي الصَّلَوَاتِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ الْفَاتِحَةَ وَمِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ أَنْ يُقَالَ: يَرْكَعُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَوَاتِ فِي شَرْحٍ وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ
[حاشية الشربيني]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute