الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهَا تُجْزِئُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَنْقُلُهُ عَنْ نَصٍّ صَرِيحٍ، كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي التِّبْيَانِ وِفَاقًا لِلنَّصَّيْنِ، وَالْجُمْهُورِ وَلِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ السَّابِقِ، وَالْمُدْرَكُ هُنَا الِاتِّبَاعُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ تَعَيُّنَهَا فِي الْأُولَى أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَكْثَرِينَ تَعَيُّنُهَا فِي الْأُولَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ، نَعَمْ لَوْ نَسِيَهَا فِيهَا فَهَلْ يَكْفِي تَدَارُكُهَا فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ تَلْغُو الثَّانِيَةُ فَيَقْرَؤُهَا، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ، وَالْقِيَاسُ الثَّانِي.
(وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يُصَلِّيَ فِي عَقِيبِ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَهْ عَلَى الرَّسُولِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَبَرِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إلَّا بِطُهُورٍ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفُوهُ، لَكِنْ لَهُ مَا يُعَضِّدُهُ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَدَّمْت فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُقَالُ: الرَّسُولِ، بَلْ يُقَالُ: رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ نَبِيُّ اللَّهِ
(وَ) سَادِسُهَا (عَقِيبَ التَّالِيَهْ) لِلثَّانِيَةِ أَيْ: عَقِبَ الثَّالِثَةِ (دُعَاؤُهُ لِلْمَيْتِ) بِالْخُصُوصِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ نَحْوُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَالْبَيْهَقِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالدُّعَاءُ وَاجِبٌ فِي الثَّالِثَةِ بِلَا خِلَافٍ وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ بِهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَلَا يَجِبُ عَقِبَ الرَّابِعَةِ ذِكْرٌ
(وَ) سَابِعُهَا وَهُوَ (الْخِتَامُ) أَيْ: خَاتِمَةُ أَرْكَانِهَا (فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَاجِزِ) عَنْ الْقِيَامِ (الْقِيَامُ) فِيهَا كَغَيْرِهَا أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهُ فَيَأْتِي بِبَدَلِهِ، كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِهَا
(وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُهُ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ كُلًّا) أَيْ: فِي التَّكْبِيرَاتِ كُلِّهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَيَضَعُهُمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ تَحْتَ صَدْرِهِ، كَمَا فِي غَيْرِهَا (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقْرَأْ) بِالْجَزْمِ بِأَنْ فِي لُغَةٍ (خَفِيْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: سِرًّا (وَلَوْ بِلَيْلٍ) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ السَّابِقِ وَكَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ بِجَامِعِ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ وَيُسِرُّ بِالدُّعَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا التَّكْبِيرَاتُ وَالسَّلَامُ فَيَجْهَرُ بِهَا (وَمِنْ الشَّيْطَانِ عَاذَ) أَيْ: اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ نَدْبًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِهَا كَالتَّأْمِينِ وَلَا تَطْوِيلَ فِيهِ بِخِلَافِ الِافْتِتَاحِ.
(وَيَدْعُو) نَدْبًا (لِأُولِي الْإِيمَانِ) بَعْدَ الثَّالِثَةِ مَعَ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْمَدُ اللَّهَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ، كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّهُ أَوْلَى وَيُنْدَبُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ حَتَّى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» وَهَذَا الدُّعَاءُ الْتَقَطَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَجْمُوعِ أَحَادِيثَ وَفِي الْمَرْأَةِ يَقُولُ: هَذِهِ أَمَتُكَ وَبِنْتُ عَبْدَيْكَ وَيُؤَنِّثُ الضَّمَائِرَ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا بِقَصْدِ الشَّخْصِ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ» وَهَذَا أَصَحُّ دُعَاءِ الْجِنَازَةِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْحُفَّاظِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَوْلَى) لِتَعَرُّضِ الْأَدِلَّةِ لِكَوْنِهَا فِي الْأُولَى وَعَدَمِ تَعَرُّضِهَا لِمَحَلِّ الدُّعَاءِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُصَلِّي فِي عَقِبِ الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّسُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا السَّلَامَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْوَارِدُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بِنَاؤُهَا عَلَى التَّخْفِيفِ بَلْ قَدْ يَقْضِي ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّلَاةُ أَفْضَلُ م ر. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ " لَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَخْ) حُجَّةٌ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ دُونَ مَحَلِّهَا، وَأَمَّا حُجَّةُ الْمَحَلِّ فَفِعْلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
(قَوْلُهُ: دَلِيلٌ وَاضِحٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ كَمَا بَيَّنَّا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: كَانَ يَفْعَلُهُ) وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجْهَرُ بِهَا) أَيْ: الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَلِّغُ لَا غَيْرُهُمَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ.
. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ التَّأْنِيثِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا بِقَصْدِ نَحْوِ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَزَوْجًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى بِرّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ طِفْلًا قَالَ: اللَّهُمَّ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .