للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْمُوعِ: كَمَا لَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ قَالَ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجِبُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْأَفْعَالِ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْخَامِسَةِ، وَالْأَذْكَارُ الَّتِي لَا تُحْسَبُ لِلْمَأْمُومِ لَا يَلْزَمُهُ الْمُتَابَعَةُ فِيهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتِظَارُهُ إذَا قَامَ إلَى خَامِسَةٍ تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ، ثُمَّ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ لَا فِي الْجَوَازِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا خُيِّرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَقَالَ: وَلَوْ خَمَّسَ إمَامُهُ لَمْ يُتَابِعُهُ فِي الْأَصَحِّ، بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ.

(وَ) ثَالِثُهَا (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) كَغَيْرِهَا وَزَادَ قَوْلُهُ (بِمِيمِهِ التَّمَامُ) أَيْ: تَمَامُ السَّلَامِ دَفْعًا لِإِرَادَةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ هُنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ.

(وَ) رَابِعُهَا (سُورَةُ الْحَمْدِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (عَقِيبَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأَوَّلَهْ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْآخِرَةِ» (قُلْتُ وَلَيْسَتْ) سُورَةُ الْحَمْدِ (بَعْدَ غَيْرٍ) أَيْ: غَيْرِ الْأُولَى (مُبْطِلَهْ) لِلصَّلَاةِ أَيْ: فَتُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَالْمَجْمُوعِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي التِّبْيَانِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الْأُولَى وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْفُورَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصَّيْنِ فِي الْأُمِّ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ: فِيهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ: وَأُحِبُّ إذَا كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ: وَأُحِبُّ إلَى آخِرِهِ سُنَّةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ تَتِمَّتُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يَخْلُصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ " فَأُحِبُّ " مُتَعَلِّقٌ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ الَّذِي مِنْهُ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ وَهُوَ مَسْنُونٌ وَمِنْ هَذَا فِيمَا أَظُنُّ نَقَلَ

ــ

[حاشية العبادي]

السَّلَامَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ) أَقُولُ: هَذَا لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ إلَخْ إذْ كَيْفَ يَكُونُ الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، ثُمَّ يَجْعَلُ قَضِيَّةَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَدَمَ جَوَازِ الِانْتِظَارِ إذَا قَامَ إلَى خَامِسَةٍ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا خُيِّرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: تَخْيِيرُ الْمِنْهَاجِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالِانْتِظَارِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ الِانْتِظَارُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، أَمَّا خِلَافُ الْمُتَابَعَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِيهَا أَيْضًا إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ امْتِنَاعِ الْمُتَابَعَةِ وَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالِانْتِظَارِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ قِيَامِ الْإِمَامِ لِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ تَمْتَنِعُ الْمُتَابَعَةُ وَيَجُوزُ السَّلَامُ وَالِانْتِظَارُ سم. (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَلِّمُ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَامٌ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ فَيَبْطُلُ كَالسَّلَامِ قَبْلَ تَمَامُ الصَّلَاةِ م ر

(قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا السَّلَامُ) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَسُورَةُ الْحَمْدِ) . (فَرْعٌ) لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا يَنْبَغِي تَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ وَلَا قِرَاءَةُ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا يَنْبَغِي اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ، وَكَذَا تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِقَبُولِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وِفَاقًا لمر. (قَوْلُهُ: قُلْتُ: وَلَيْسَتْ إلَخْ) إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمَهَا عَلَى ذِكْرِ تِلْكَ التَّكْبِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ مَطْلُوبَةُ التَّقْدِيمِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ غَيْرَ الْأُولَى لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مَحَلٌّ لَهَا أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فِيهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا أَصْلِيًّا وَلَوْ أَرَادَ تَأْخِيرَ الْفَاتِحَةِ لِلثَّانِيَةِ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ لَا بِذِكْرٍ وَلَا سُكُوتٍ بَلْ لَهُ مُوَالَاتُهُمَا كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَ. (فَرْعٌ) لَوْ أَخَّرَ الْفَاتِحَةَ عَنْ الْأُولَى وَلَمْ يَأْتِ بِهَا إلَّا بَعْدَ زِيَادَتِهِ عَلَى الْأَرْبَعِ فَالْوَجْهُ الْإِجْزَاءُ م ر؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْكَانِ بِذِكْرٍ آخَرَ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا وَاقِعَةً بَعْدَ بَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْكَانِ فَتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>