احْتِمَالًا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا يُنَحَّى لِلرَّجُلِ، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِفُ مَعَهُ فِي الصَّفِّ بِخِلَافِ الْأُنْثَى، وَالْمُشْكِلِ، وَالْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَلِيُّ السَّابِقَةِ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ أَقْرَعَ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: لِمَ لَمْ يُقَدِّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ، كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِصَلَاةِ غَيْرِهِ صَلَّى عَلَى مَيِّتِهِ.
(وَرُكْنُهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا (النِّيَّةُ) كَغَيْرِهَا، وَالْخَبَرُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَيُغْنِي مُطْلَقُ الْفَرْضِ عَنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ، بَلْ لَوْ نَوَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ جَازَ وَلَوْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ إلَّا مَعَ الْإِشَارَةِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ نَوَى أَحَدُهُمَا غَائِبًا، وَالْآخَرُ حَاضِرًا صَحَّ؛ إذْ تَوَافُقُ النِّيَّاتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَمَا مَرَّ ثَمَّةَ.
(وَ) ثَانِيهَا (التَّكْبِيرُ) الْمُتَّصِفُ (بِأَرْبَعٍ) مِنْهَا تَكْبِيرَةُ التَّحَرُّمِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَالْخَمْسُ) مِنْهَا (لَا تَضِيرُ) أَيْ: لَا تَضُرُّ الصَّلَاةَ لِثُبُوتِهَا فِي مُسْلِمٍ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالصَّلَاةِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ، وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْخَمْسِ لَا يَضُرُّ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْأَرْبَعَ أَوْلَى؛ لِتَقَرُّرِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ تَشْبِيهِ التَّكْبِيرَةِ بِرَكْعَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الزَّائِدَ مُطْلَقًا يَضُرُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّشْبِيهُ مَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ حِفْظًا لَهَا لِتَأَكُّدِهَا (قُلْتُ وَلَا يُتَابِعُ) الْمَأْمُومُ أَيْ: لَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُتَابِعَ (الْإِمَامَا فِي زَائِدٍ) عَلَى الْأَرْبَعِ لِعَدَمِ سَنِّهِ لِلْإِمَامِ (وَانْتَظَرَ السَّلَامَا فِيهِ) أَيْ: الزَّائِدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ وَفِي الِانْتِظَارِ وَمُقَابِلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ؛ لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُهُ بَلْ يُسَلِّمُ فِي الْحَالِ قَالَ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَمْ لَمْ يُقَدِّمُوا بِالصِّفَاتِ) هَلْ الْمُرَادُ صِفَاتُ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ: وَيُغْنِي مُطْلَقُ الْفَرْضِ إلَخْ) يَنْبَغِي كِفَايَةُ نِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ عَرَضَ تَعَيُّنَهَا؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ م ر.
(قَوْلُهُ: بِأَرْبَعٍ) يُمْكِنُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُتَّصِفَ بِأَنَّهُ أَرْبَعٌ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالصَّلَاةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ رُكْنًا قَوْلِيًّا وَتَكْرِيرُهُ لَا يَضُرُّ فِي الصَّلَاةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِتَأَكُّدِهَا) ، نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا لِلْبُطْلَانِ بَطَلَتْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَابِعُ الْمَأْمُومَ) شَامِلٌ لِلْمَسْبُوقِ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) اُنْظُرْ بِمَ يَتَعَلَّقُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ مُتَعَلِّقٌ بِانْتَظَرَ أَيْ: انْتَظَرَ فِي وَقْتِ فِعْلِ الزَّائِدِ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا حَضَرَتْ دُفْعَةً
(قَوْلُهُ: بِالصِّفَاتِ) فَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا وِلَايَةٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إلَّا الْإِقْرَاعُ بِخِلَافِهِ فِي نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ أَيْ: الْقُرْبِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ فَضِيلَةِ الْقُرْبِ إلَى الْإِمَامِ، فَأَثَّرَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْفَاضِلَةُ وَقَدْ يُشْكِلُ بِتَقْدِيمِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى بَعْضٍ بِالصِّفَاتِ مَعَ أَنَّهُ وِلَايَةٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِيهِ وِلَايَةٌ عَلَى مَيِّتِ الْغَيْرِ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا يُفَوِّتُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَاقِينَ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْكُلِّ وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ الْقُرْبَ مِنْ الْإِمَامِ فَقَطْ فَسُومِحَ بِهِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صِفَاتُ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي طُلِبَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَهَا تَدَبَّرْ، وَحَرِّرْ
(قَوْلُهُ: النِّيَّةُ) أَيْ: نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ جَرَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ هُنَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ وَفِي ق ل وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي صَبِيًّا مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ هُنَا أَيْضًا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَيُغْنِي إلَخْ) كَمَا لَا تَجِبُ نِيَّةُ فَرْضِ الْعَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) أَيْ: الْحَاضِرِ، أَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ اتِّفَاقًا؛ لِعَدَمِ قَرِينَةِ الْحُضُورِ فِيهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَائِبَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَخْصُوصًا بِأَنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ بِخُصُوصِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ بِقَلْبِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَخْصُوصٍ بِأَنْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَتَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. اهـ.
وَاعْتَمَدَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْيِينِ وَذَكَرَ فِي الْإِمْدَادِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخُلْفَ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ كَفَى عَنْ التَّعْيِينِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ صَلَّى عَلَى بَعْضٍ جَمْعٌ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّعْيِينِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ عِنْدَهُمَا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ لَا خُلْفَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا إذَا صَلَّى عَلَى غَائِبٍ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَحْضُرَ الشَّخْصُ فِي ذِهْنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَالرَّشِيدِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى عَلَى حَاضِرٍ بِخُصُوصِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَهُ إلَخْ) أَيْ: عَيَّنَهُ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ أَيْ: إشَارَةً قَلْبِيَّةً قَالَ سم: وَانْظُرْ كَيْفَ يُعْقَلُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ بِاسْمِهِ وَقَصْدَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ الشَّخْصِ الْحَاضِرِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْإِشَارَةِ الْقَلْبِيَّةِ. اهـ. أَقُولُ: لَا اسْتِحَالَةَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَصَدَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسَمَّى بِزَيْدٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحِظَ بِقَلْبِهِ الشَّخْصَ الْحَاضِرَ قَرِيبٌ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ) أَيْ: بِقَلْبِهِ بِأَنْ يُلَاحِظَ بِقَلْبِهِ خُصُوصَ الشَّخْصِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إشَارَةٌ حِسِّيَّةٌ. اهـ. شَوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ