للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّفَاوُتِ بِضَعْفِ الشَّهْوَةِ (فَعَصَبٌ) لَيْسَ بِمَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ وَمُعْتَقٍ بِتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ (فَذُو رَحِمْ) غَيْرُ الْمَحْرَمِ كَابْنِ الْخَالِ وَابْنِ الْعَمَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَيْسَ حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ كَهُوَ فِي وُجُوبِ الِاجْتِنَابِ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ حَتْمًا فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ لِيُوَافِقَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ (فَالْأَجْنَبِيُّ) مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ السَّابِقِ إذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَحْرَمٌ غَيْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّهُ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي نُزُولِ قَبْرِهَا، وَكَذَا زَوْجُهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

(مُضْجِعًا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنْ مَفْعُولِ يُدْخِلُ، أَوْ فَاعِلِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الرَّجُلَ يُدْخِلُ الْمَيِّتَ قَبْرَهُ ثُمَّ يُضْجِعُهُ نَدْبًا (لِلْأَيْمَنِ) أَيْ: لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، كَمَا فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَمَا فِي الِاضْطِجَاعِ عِنْدَ النَّوْمِ وَيُكْرَهُ وَضْعُهُ لِيَسَارِهِ وَيَجِبُ أَنْ يُوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ حَتَّى يُنْبَشَ لِتَرْكِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَكَأَنَّهُمْ نَزَّلُوهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَلْيَكُنْ اضْطِجَاعُهُ بِحَيْثُ لَا يَنْكَبُّ وَلَا يُسْتَلْقَى بِأَنْ يُدْنَى مِنْ جِدَارِ اللَّحْدِ فَيُسْنَدُ إلَيْهِ وَجْهُهُ وَرِجْلَاهُ وَيُقَوَّسُ؛ لِيَكُونَ كَهَيْئَةِ الرَّكْعَتَيْنِ وَيُسْنَدُ ظَهْرُهُ إلَى نَحْوِ لَبِنَةٍ فَهَذَا يَمْنَعُهُ الِاسْتِلْقَاءُ، وَذَاكَ الِانْكِبَابُ.

(إنْ يَعْجِزْ الْوَاحِدُ وَتْرًا يُعَنْ) أَيْ: وَإِنْ عَجَزَ الْوَاحِدُ عَنْ إدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ أَعَانَهُ غَيْرُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْجَمِيعُ وَتْرًا ثَلَاثَةً أَوْ خَمْسَةً، أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِدُونِ الْعَبَّاسِ وَزِيَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأُسَامَةَ وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَأُسَامَةُ وَفِي أُخْرَى لَهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالْوَتْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِثَلَاثَةٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ مُدْخِلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ، أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ اللَّهُمَّ أَسْلَمَهُ إلَيْكَ الْأَشِحَّاءُ مِنْ وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَفَارَقَهُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيَا، وَالْحَيَاةِ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ إنْ عَاقَبْتَهُ فَبِذَنْبِهِ وَإِنْ عَفَوْت عَنْهُ فَأَهْلُ الْعَفْوِ أَنْتَ، أَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ إلَى رَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَتَهُ وَاغْفِرْ سَيِّئَتَهُ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَاجْمَعْ لَهُ - بِرَحْمَتِكَ - الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ وَاكْفِهِ كُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ اللَّهُمَّ وَاخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَارْفَعْهُ فِي عِلِّيِّينَ وَعُدَّ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.

(وَوَجْهُهُ) مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ (إلَى تُرَابٍ وُسِّدَا أَوْ) إلَى حَجَرٍ أَوْ (لِبْنَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ لُغَةً فِي لَبِنَةٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ: جَعَلَ ذَلِكَ - بَعْدَ تَنْحِيَةِ الْكَفَنِ عَنْ خَدِّهِ - وِسَادَةً لَهُ مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِكَانَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوضَعَ تَحْتَهُ مِخَدَّةٌ، أَوْ فِرَاشٌ قَالُوا: لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَأَجَابُوا عَمَّا فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ «أَنَّهُ جَعَلَ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطِيفَةً حَمْرَاءَ» بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِرِضَا جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ وَلَا عِلْمِهِمْ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ مَوْلَى النَّبِيِّ كَرَاهَةَ أَنْ تُلْبَسَ بَعْدَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ وَضْعَ ثَوْبٍ تَحْتَ الْمَيِّتِ بِقَبْرِهِ مَعَ أَنَّ الْقَطِيفَةَ أُخْرِجَتْ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الِاسْتِيعَابِ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تُخْرَجْ فَفِي الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ وَكِيعٌ: هَذَا خَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ جَعْلُ الْمَيِّتِ فِي تَابُوتٍ إلَّا بِأَرْضٍ رَخْوَةٍ أَوْ نَدِيَّةٍ وَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

(وَفَتْحُ لَحْدٍ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِمَّا مَرَّ (نُضِّدَا) يَعْنِي نُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ قَائِمَةً لِخَبَرِ «انْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا» وَنُقِلَ أَنَّ اللَّبِنَاتِ الَّتِي وُضِعَتْ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعٌ

(وَسُدِّدَتْ فُرْجَاتُهُ وَطُيِّنَا) أَيْ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَعَصَبٌ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ ثُمَّ الْعَصَبَةُ ثُمَّ ذَوُو الرَّحِمِ الَّذِينَ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُمْ، ثُمَّ صَالِحُ الْأَجَانِبِ، وَبَعْدَ ذِكْرِهِ هُوَ أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِينَ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُمْ صِفَةٌ لِلْعَصَبَةِ أَوْ لِذَوِي الرَّحِمِ وَإِنَّ ذِكْرَ الْعَصَبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا أَرَى تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَحْتُومًا بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ عَنْهُمْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ إلَخْ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي الدَّفْنِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهَلْ يَكُونُ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ قَطْعًا. اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ التَّقْدِيمِ فِي الصَّلَاةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَمِنْهُ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ فِي تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى أَقَارِبِ الرَّقِيقِ الْأَحْرَارِ نَظَرًا. (قَوْلُهُ: فَالْأَجْنَبِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: ثُمَّ النِّسَاءُ بِتَرْتِيبِهِنَّ السَّابِقِ فِي الْغُسْلِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْخَنَاثَى عَلَى النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ وَالذُّكُورُ يُقَدَّمُونَ عَلَى النِّسَاءِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَفْعُولِ) رَاجِعٌ لِفَتْحِ الْجِيمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَاعِلِهَا) رَاجِعٌ لِكَسْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) فَالْمُقَارَنَةُ الدَّالُّ عَلَيْهَا الْحَالِيَّةُ غَيْرُ مُرَادَةٍ، بَلْ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ

(قَوْلُهُ: قَالُوا؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةٌ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا التَّبَرِّي؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ الْحُرْمَةُ.

(قَوْلُهُ: وَسُدِّدَتْ فُرُجَاتُهُ إلَخْ) الْوَجْهُ وُجُوبُ أَصْلِ السَّدِّ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ التُّرَابِ عِنْدَ عَدَمِ السَّدِّ أَنْ يَدْخُلَ إلَيْهِ وَقَدْ يُصِيبُهُ، وَالْإِزْرَاءُ بِهِ حَرَامٌ، وَمَنْ صَرَّحَ بِنَدْبِ السَّدِّ فَمُرَادُهُ نَدْبُ الْكَيْفِيَّةِ كَبِنَائِهِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>