للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ وَمَا وَجَدَهُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بِمِلْكٍ لَهُ تَلَقَّاهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لِلْمَالِكِ فِي الْأُولَى وَلِمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَيَاهُ كَأَمْتِعَةِ الدَّارِ وَإِلَّا فَلِمَنْ فَوْقَهُمَا وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي فَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ؛ لِأَنَّهُ بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ مَلَكَ مَا فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَتَقْيِيدُ الْمِلْكِ لِمَنْ ذُكِرَ بِدَعْوَاهُ لَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَتَرَكَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ بَلْ شَرَطَا أَنْ لَا يَنْفِيَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الصَّوَابُ كَسَائِرِ مَا بِيَدِهِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ مَا وَجَدَهُ فِي مَوْقُوفٍ بِيَدِهِ، فَهُوَ رِكَازٌ لَهُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي قَوْلِهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِشْكَالِهِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ وَالِدُ الْجَارْبُرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ أَقْوَى مِنْ الْمَوْجُودِ فِي الْمِلْكِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ وَأَظُنُّ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ عَلَيْهِ عَرْضَهُ عَلَى وَاقِفِهِ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي.

ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ زَكَاةِ الْقُوتِ، فَقَالَ (وَفِي جِنْسٍ مِنْ الْمُقْتَاتِ) الْمَوْصُوفُ بِمَا يَأْتِي عُشْرُهُ إنْ سُقِيَ بِلَا مُؤْنَةٍ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوْ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ.

وَالْعَثَرِيُّ بِالتَّحْرِيكِ وَقِيلَ بِالْإِسْكَانِ مَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ الْجَارِي إلَيْهِ فِي حُفَرٍ وَتُسَمَّى الْحُفَرُ عَاثُورًا لِتَعَثُّرِ الْمَارِّ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْكٍ لَهُ تَلَقَّاهُ مِنْ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ فِي هَذِهِ لِمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ مَا لَمْ يَدَّعِهِ هُوَ وَأَمْكَنَ دَفْنُهُ فِي زَمَنِ يَدِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ لَمْ يُنَازِعْهُ الْمُنْتَقِلُ عَنْهُ وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لِلْمَالِكِ) أَيْ أَوْ وَرَثَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ تَلَقَّاهُ) أَيْ أَوْ وَرَثَتُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) فَإِنْ نَفَاهُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لُقَطَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَيُسَلَّمُ إلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمُسُ الَّذِي لَزِمَهُ يَوْمَ مَلَكَهُ وَإِذَا أَخَذْنَاهُ أَلْزَمْنَاهُ زَكَاةَ الْبَاقِي لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ بِيَدِهِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا اعْتِبَارَ بِيَدِ نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَهَذَا حَقٌّ لِلْمُسْتَحِقِّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ وَالِدُ الْجَارْبُرْدِيِّ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا وُرُودَ لِهَذَا الْإِشْكَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمَوْجُودِ الْمَذْكُورِ لِمَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْهُ إلَى الْوَاجِدِ مَا لَمْ يَدَّعِهِ الْوَاجِدُ، أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ وَقَدْ أَمْكَنَ دَفْنُهُ فِي زَمَنِ يَدِهِ فَهُوَ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ لَمْ يُنَازِعْهُ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمِلْكُ مِنْهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ هَذَا الْوَاجِدَ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِهِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمِلْكُ مِنْهُ كَأَصْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَلَقَّى عَنْهُ وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَاهُ أَيْ: وَلَمْ يُنَازِعْهُ مَنْ تَلَقَّى عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ فَوْقَهُ إنْ ادَّعَاهُ.

وَهَكَذَا فَإِذَا حَكَمَ بِهِ لِمَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْهُ إلَى الْوَاجِدِ إذَا ادَّعَاهُ مَعَ تَلَقِّيهِ الْمِلْكَ مِنْ غَيْرِهِ فَلْيُحْكَمْ بِهِ لِلْوَاجِدِ إذَا ادَّعَاهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، أَمَّا إذَا نَازَعَهُ مَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْهُ إلَيْهِ فَهُوَ لَهُ أَيْضًا لَكِنْ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَنَازُعِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاقِفِ كَالْوَاجِدِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْهُ الْمِلْكُ فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَمْكَنَ دَفْنُهُ فِي مُدَّةِ يَدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ يُنَازِعْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْمُخْتَلِسِ وَيَتَأَيَّدُ هَذَا الْإِشْكَالُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَئِمَّةِ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ. اهـ. وَقَالَ فِي الْعُبَابِ: أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُطْلَقًا قَالَ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرَاهُ مِنْ اخْتِصَاصِ الْأَخْذِ بِهِمَا بِأَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ وَيُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اخْتِصَاصُ الْأَخْذِ بِمَا عَدَا الْخُمُسَ. اهـ.

وَجَرَى فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ أَوَّلًا كَمَا هُنَا وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِلَا رِضًى مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ إلَّا السَّلَبُ خُمُسُهَا لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لِلْآخِذِ تَنْزِيلًا لِدُخُولِهِ دَارَهُمْ وَتَغْرِيرِهِ بِنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الْقَاتِلِ. اهـ. فَلَعَلَّ مَا فِي الشَّرْحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَخَذَ بِرِضًى تَدَبَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي صَوَّرَهُ بِمَا إذَا جَلَوْا عَنْ دَارِهِمْ فَدَخَلَهَا وَأَخَذَ ذَلِكَ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا تَغْرِيرَ حِينَئِذٍ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ) لَا بِقِتَالٍ وَلَا بِغَيْرِهِ كَمَا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَخُونُوهُمْ فِي أَمْتِعَةِ بُيُوتِهِمْ وَعَلَيْهِ الرَّدُّ إنْ أَخَذَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) بَلْ وَإِنْ نَفَاهُ كَمَا قَالَهُ ز ي. اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْأَحْيَاءِ قَطْعِيًّا وَحِينَئِذٍ فَإِنْ نَفَاهُ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ حُفِظَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ فَلِبَيْتِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: كَسَائِرِ مَا بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إذْ يَدُهُ ثَمَّ ظَاهِرَةٌ مَعْلُومَةٌ لَهُ غَالِبًا بِخِلَافِهِ فَاعْتُبِرَ دَعْوَاهُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُ دَفَنَهُ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ إلَى اسْتِشْكَالِهِ) لَعَلَّهُ وَجْهُ الْإِشْكَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ لِوُجُودِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ تَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ: بِلَا مُؤْنَةٍ) أَيْ: كَثِيرَةٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْنَةٌ أَصْلًا أَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً. اهـ. ش ر. (قَوْلُهُ: وَالْعُيُونُ) أَوْ سُقِيَ بِقَنَاةٍ أَوْ سَاقِيَةٍ حُفِرَتْ مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِمُؤْنَةٍ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ لِتَكَرُّرِ انْهِيَارِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَاءِ نَفْسِهِ بَلْ فِي عِمَارَةِ مَحَلِّهِ أَوْ مَجْرَاهُ بِخِلَافِ الْمَسْقِيِّ بِالنَّاضِحِ كَذَا فِي شَرْحِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ وَحَوَاشِي الْمَدَنِيِّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بَعْلًا) أَيْ: يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ مَاءِ نَضْحٍ لِأَجْلِ شُرْبِهِ مِنْهُ بِعُرُوقِهِ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ حَجَرٍ أَوْ شَرِبَ بِعُرُوقِهِ بِهِ أَيْ: بِنَحْوِ الْمَطَرِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَخِفَّتُهَا) أَيْ: شَأْنُهَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَكُونُ مُؤْنَةٌ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: فِي حُفْرَةٍ) فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ. (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>