للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَرْتَفِعَ لِلْعَلَامَةِ وَيُعْتَبَرُ وَزْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَالْفِضَّةُ، ثَمَانَمِائَةٍ عَلِمْنَا أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلِطِ ذَهَبٌ، وَنِصْفَهُ فِضَّةٌ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ.

ا. هـ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا نِصْفَانِ فِي الْحَجْمِ لَا فِي الزِّنَةِ، فَتَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ، وَزِنَةُ الْفِضَّةِ أَرْبَعَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يَكُونُ أَلْفًا بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَا كَذَلِكَ وَبَيَانُهُ بِهَا أَنَّك إذَا جَعَلْت كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَزِدْت عَلَى الذَّهَبِ مِنْهُ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِضَّةِ وَهُوَ مِائَتَانِ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَلْفًا وَلَا يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ قَطْعِ أَئِمَّتِنَا. وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

. (وَمَا بِضَرْبِ جَاهِلِيٍّ وَجَدَا) أَيْ: وَفِيمَا وَجَدَهُ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ بِضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْهُمْ أَوْ صُورَةٌ (فِي مَوْضِعٍ أَحْيَاهُ) أَوْ أَقْطَعَهُ (أَوْ) فِي (مَوَاتِ) بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ وَإِنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ نِصَابًا وَلَوْ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهِ (خُمْسٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَهُوَ الْمَالُ الْمَدْفُونُ فِي الْأَرْضِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ، فَإِنَّهُ الْمَخْلُوقُ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ دَفْنُهَا لِجَوَازِ أَنْ يَظْفَرَ مُسْلِمٌ بِكَنْزٍ جَاهِلِيٍّ وَيَكْنِزَهُ ثَانِيًا بِهَيْئَتِهِ، فَمَدَارُ الْحُكْمِ عَلَى دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا ضَرْبِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ بِدَفْنِهَا، فَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ وُجُودُ عَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: مَتَى كَانَ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَرِكَازٌ بِلَا خِلَافٍ.

قَالَ فِيهِ نَقْلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلَيْسَ دَفِينُ كَافِرٍ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازًا بَلْ، فَيْءٌ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَبَقِيَّتُهُ لِوَاجِدِهِ؛ لِأَنَّ الرِّكَازَ إنَّمَا هُوَ أَمْوَالُ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُ هَلْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةٌ أَمْ لَا وَهَذَا قَدْ يُفْهِمُهُ التَّعْبِيرُ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ دَفِينَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازٌ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ، وَقَوْلُهُ: وَبَقِيَّتُهُ لِوَاجِدِهِ الْقِيَاسُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ، فَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنًى عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ لَمَّا نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فَيْءٌ وَخَرَجَ بِضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا وَجَدَهُ بِضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الضَّرْبَيْنِ هُوَ فَإِنَّهُ لُقَطَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ وَبِالْمَوْضِعِ الْمُحْيَا وَمَا بَعْدَهُ مَا وَجَدَهُ بِشَارِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ، فَإِنَّهُ لُقَطَةٌ أَيْضًا أَوْ بِمِلْكِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ فَيْءٌ أَوْ غَنِيمَةٌ إلَّا إذَا دَخَلَهُ بِأَمَانٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ) أَيْ وَهِيَ زِيَادَةُ الذَّهَبِ عَلَى الْفِضَّةِ بِمِقْدَارِ نِصْفِهَا. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ حَجْمَ الْوَاحِدِ مِنْ الْفِضَّةِ كَحَجْمِ وَاحِدٍ وَنِصْفٍ مِنْ الذَّهَبِ فَحَجْمُ جُمْلَةِ الْفِضَّةِ كَحَجْمِ قَدْرِهَا وَنِصْفِ قَدْرِهَا مِنْ الذَّهَبِ فَإِذَا كَانَ الْإِنَاءُ أَلْفًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ مِقْدَارُ الْفِضَّةِ وَمِقْدَارُ نِصْفِهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْجُمْلَةِ أَلْفًا إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً

. (قَوْلُهُ: أَوْ صُورَةٌ) أَيْ لَا يَكُونُ إلَّا لَهُمْ (قَوْلُهُ كَافِرٍ) بَلَغَتْهُ دَعْوَةٌ لِيَشْمَلَ الذِّمِّيَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنَهُ فَيْئًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَالْحَرْبِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَيُؤْخَذُ قَهْرًا أَوْ لِنَحْوِ سَرِقَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ غَنِيمَةٌ لَكِنْ لَوْ كَانَ مَالِكُهُ مَيِّتًا وَلَا وَارِثَ لَهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَأُخِذَ عَلَى وَجْهِ نَحْوِ الْقَهْرِ فَهَلْ هُوَ غَنِيمَةٌ أَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ إنْ ذَبُّوا عَنْ مِثْلِهِ فَغَنِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لَا يَتَحَقَّقُ قَهْرٌ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُقَالُ هُوَ فَيْءٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ فَلَا أَثَرَ لِلذَّبِّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَنَّهُ مَالُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَدَمِ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ بَلْ الشَّكُّ فِيهِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَلَامُهُ السَّابِقُ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَيْسَ دَفِينُ كَافِرٍ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازًا فَقَيَّدَ بِبُلُوغِ الدَّعْوَةِ. (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْكِ أَهْلِ الْحَرْبِ) وَكَذَا بِغَيْرِ مِلْكِهِمْ فِي دَارِهِمْ إذَا كَانَ دَفِينَهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فَيْءٌ أَوْ غَنِيمَةٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَمْنَعُ عَنْهُ كَأَنْ جَلَوْا عَنْ مِلْكِهِمْ، وَغَنِيمَةٌ إنْ كَانَ مَنْ يَمْنَعُ لَكِنَّهُ أَخَذَهُ قَهْرًا أَوْ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَشَرْحَهُ وَهِيَ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَهُ حُكْمُ الْفَيْءِ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ قَهْرٍ وَإِنْ أَخَذَهُ قَهْرًا فَهُوَ غَنِيمَةٌ. اهـ. الْمَقْصُودُ نَقْلُهُ مِنْهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْفِضَّةَ الْمُوَازِنَةَ لِلذَّهَبِ يَكُونُ حَجْمُهَا مِقْدَارَ حَجْمِهِ مَرَّةً وَنِصْفًا وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْهَائِمِ أَنَّ جَوْهَرَ الذَّهَبِ كَجَوْهَرِ الْفِضَّةِ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمِثْقَالُ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعٍ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الذَّهَبِيِّ. (قَوْلُهُ: عَلِمْنَا أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلِطِ ذَهَبٌ إلَخْ) وَجْهُ اعْتِبَارِ النِّصْفِ أَنَّ الزَّائِدَ مِنْ الذَّهَبِ فِي الْوَزْنِ نِسْبَتُهُ إلَى الصَّنْعَةِ النِّصْفُ

. (قَوْلُهُ: بِضَرْبٍ جَاهِلِيٍّ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْمِنْهَاجِ الْمَوْجُودُ الْجَاهِلِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ أَوْ لَا، أَمَّا الَّذِي لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ فَهُوَ كَمَوَاتِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الَّذِي يَذُبُّونَ عَنْهُ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ كَمَوَاتِهِمْ الَّذِي لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هُوَ كَعِمْرَانِهِمْ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْ: فَإِنْ أُخِذَ بِقَهْرٍ وَقِتَالٍ فَغَنِيمَةٌ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِمَنْ وَجَدَهُ، وَإِنْ أُخِذَ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا قَهْرٍ فَهُوَ فَيْءٌ وَمُسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْفَيْءِ.

(قَوْلُهُ: بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ تُعْقَدْ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَهُ وَارِثٌ وَإِلَّا فَلِوَارِثِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَمَا لَمْ يُؤْخَذْ قَهْرًا عَنْهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَإِلَّا فَغَنِيمَةٌ سم. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا إلَخْ) شَامِلٌ لِلْمُؤْمِنِينَ حِينَئِذٍ وَلِمَنْ قَبْلَ عِيسَى وَغَيْرِهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر وَاسْتَبْعَدَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ كَوْنَ مَالِ الْأَوَّلِ رِكَازًا قَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَأَنَّهُ لِوَرَثَتِهِمْ أَيْ: إنْ عَلِمُوا وَإِلَّا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فَيْءٌ) أَيْ: إنْ أُخِذَ بِغَيْرِ قَهْرٍ أَوْ غَنِيمَةٌ إنْ أُخِذَ بِقَهْرٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِي كَوْنِهِ فَيْئًا إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمَانٍ وَأَخَذَ مَالَهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ خِفْيَةً فَيَكُونَ سَارِقًا وَإِمَّا جِهَارًا فَيَكُونَ مُخْتَلِسًا وَهُمَا خَاصُّ مِلْكِ السَّارِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>