وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَيُزَكِّي عَنْهُ وَلَا يَكْفِي فَرْضُ الْكُلِّ مِنْ أَحَدِهِمَا إذْ لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ (أَوْ امْتِحَانِ الْمَاءِ فِيهِ) أَيْ: فِي التَّحْرِيرِ (اعْتَمَدَا) بِأَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمُخْتَلِطِ مِنْ الذَّهَبِ وَيُعَلِّمَ عَلَى مَا يَرْتَفِعُ إلَيْهِ الْمَاءُ، ثُمَّ يُخْرِجَهُ وَيَضَعَ مِثْلَهُ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْبَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ، ثُمَّ يُخْرِجَهُ وَيَضَعَ الْمُخْتَلِطَ، فَمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ إلَيْهِ أَقْرَبَ، فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ وَأَضْبَطُ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمُخْتَلِطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي إحْدَاهُمَا الْأَكْثَرَ ذَهَبًا، وَالْأَقَلَّ فِضَّةً، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ وَيُعَلِّمَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً، ثُمَّ يَضَعَ الْمُخْتَلِطَ، فَيُلْحَقُ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ قَالَ: وَنُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ طَرِيقًا آخَرَ يَأْتِي أَيْضًا مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الْمُخْتَلِطَ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ وَيُعَلِّمَ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ يُخْرِجَهُ، ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ، ثُمَّ يُخْرِجَهُ، ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ حَتَّى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ (أَيْ فِي التَّحْرِير) الْمَفْهُومِ مَنْ حَرَّرَهُ
[حاشية الشربيني]
لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهِ الْغَيْرِ الْمُحَرَّمَةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا بِهَيْئَتِهَا الْمَوْجُودَةِ حِينَئِذٍ
. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ إلَخْ) هَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا تَأْتِي سَوَاءٌ عَلِمَ التَّفَاوُتَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ أَوْ مُتَفَاوِتَانِ لَكِنْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْجُمْلَةَ أَلْفٌ حَتَّى يُتَّجَهَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ مِنْ خَالِصِ كُلِّ أَلْفٍ وَإِلَّا لَمْ تُعْلَمْ مُنَاسَبَتُهُ لِقَدْرِ الْإِنَاءِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَكْبَرُ حَجْمًا) لِثِقَلِهِ عَنْهَا بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا كَمَا مَرَّ فَلَا بُدَّ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُمَا وَاحِدًا حَتَّى يَكُونَ حَجْمُهَا أَكْبَرَ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُخْرِجَهُ وَيَضَعَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ الْمَوْضُوعَ فِيهِ ثَانِيًا هُوَ الْمَوْضُوعُ فِيهِ أَوَّلًا وَحِينَئِذٍ لَا تُفِيدُ هَذِهِ الطَّرِيقُ الْيَقِينَ ضَرُورَةَ أَنَّ مَا يُوضَعُ وَيَخْرُجُ يَأْخُذُ بَعْضًا مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ فَلْيُوضَعْ فِي مَاءٍ آخَرَ بِقَدْرِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ إلَيْهِ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ) قَالَ حَجَرٌ وَيَأْتِي هَذَا فِيمَا جُهِلَ وَزْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ عَلَامَتَهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ فَإِنْ اسْتَوَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا فَهُوَ نِصْفَانِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثُهُ ذَهَبٌ. اهـ. وَ. قَوْلُهُ: فِيمَا جُهِلَ وَزْنُهُ أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُتَسَاوِيَانِ أَوْ مُتَفَاوِتَانِ. وَقَوْلُهُ: فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ إلَخْ أَوْ بِالْعَكْسِ فَبِالْعَكْسِ. اهـ. سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَأَسْهَلُ) اُنْظُرْ وَجْهَ السُّهُولَةِ فَإِنَّ عِدَّةَ الْوَضْعَاتِ فِيهِ كَاَلَّذِي ذَكَرُوهُ وَيَزِيدُ هَذَا بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَهْيِئَةِ قِطْعَتَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَزْنُ وَاحِدَةٍ سِتُّمِائَةٍ، وَالْأُخْرَى أَرْبَعُمِائَةٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَّا إلَى قِطْعَتَيْنِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَأَضْبَطُ) لِاعْتِبَارِ الْوُصُولِ هُنَا لَا الْأَقْرَبِيَّةِ بِبَيِّنَةٍ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَضْعِ سِتِّمِائَةٍ فِضَّةً وَأَرْبَعِمِائَةٍ ذَهَبًا وَعَلِمَ، ثُمَّ وَضَعَ الْمُشْتَبَهَ فَإِنْ وَصَلَ إلَى عَلَامَةِ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ الْفِضَّةُ وَإِلَّا عَلِمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ الذَّهَبُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَجْزَاءَ تَتَضَمَّرُ مَعَ الصَّوْغِ وَيَمْتَزِجُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ بِدُونِ الصَّوْغِ فَقَدْ يَزِيدُ مَحَلُّهَا فَإِذَا لَمْ يَعْكِسْهُ وَلَمْ يَصِلْ الْمُخْتَلِطُ لِعَلَامَةِ مَا وُضِعَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَصِلَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعَلَامَتَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا عَلَامَتُهُ أَقْرَبُ إلَى عَلَامَتِهِ فَيَكُونُ أَكْثَرُهُ هُوَ الْأَكْثَرُ مِمَّا قَرُبَ لِعَلَامَتِهِ وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ مَا أَخَذَهُ الْمَوْضُوعُ أَوَّلًا مِنْ الْمَاءِ سَبَبًا لِعَدَمِ وُصُولِهِ لِعَلَامَةِ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ النَّظَرِ لِمَا هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ.
فَمُجَرَّدُ عَدَمِ وُصُولِهِ لِعَلَامَةِ الْأَوَّلِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِلُ لِعَلَامَةِ الْآخَرِ وَأَنَّ أَكْثَرَهُ مِنْ جِنْسِ أَكْثَرِ الْآخَرِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَبِهِ يُرَدُّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ أَنْ يُوضَعَ الْمُخْتَلِطُ فِي مَاءٍ فِي إنَاءٍ، ثُمَّ يُعَلِّمُ ارْتِفَاعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعَ مَكَانَهُ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً فَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ مَحَلَّ الْعَلَامَةِ فَقَطْ عَلِمْنَا أَنَّ الْأَكْثَرَ ذَهَبٌ، وَإِلَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْأَكْثَرَ فِضَّةٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا) يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ سِتُّمِائَةٍ وَالْآخَرُ أَرْبَعُمِائَةٍ حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُزَكِّي الْأَكْثَرَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْقُرْبِ مِنْ أَيِّهِمَا وَأَمَّا هَذِهِ فَلَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ كُلٍّ وَلِذَا قَالَ، ثُمَّ يَضَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَخْ تَدَبَّرْ وَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ أَنَّ الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ مُمْكِنٌ فِيمَا إذَا جَهِلَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَحَدَهُمَا سِتُّمِائَةٍ بَلْ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ عَلَى احْتِمَالِهَا فَهُوَ وَإِنْ أَمْكَنَ لَكِنْ لَا يُفِيدُ فِي تَعْيِينِ الْقَدْرِ الَّذِي يُزَكِّيهِ مِنْ الزَّائِدِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute