كَالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ لِلزِّينَةِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَصَدَ بِعَرَضِ التِّجَارَةِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِ النَّقْدِ (وَلَوْ) كَانَ اتِّخَاذُ الْحُلِيِّ (بِقَصْدِ الْأَجْرِ) مِنْ أَجَرَهُ بِالْقَصْرِ بِمَعْنَى آجَرَهُ بِالْمَدِّ أَيْ: بِقَصْدِ الْإِجَارَةِ لَهُ (مِنْ مُسْتَعْمَلِ) يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُجْرَةِ كَأُجْرَةِ الْعَامِلَةِ. وَالْقَصْدُ الطَّارِئُ كَالْمُقَارِنِ (أَوْ لَمْ يُرِدْ تَحْرِيمًا أَوْ إبَاحَة) أَيْ: أَوْ لَمْ يُرِدْ (بِهِ) اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا وَلَا مُبَاحًا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ وَإِنَّمَا الْتَحَقَ بِالنَّامِي لِتَهَيُّئِهِ لِلْإِخْرَاجِ وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ وَيُخَالِفُ نِيَّةَ كَنْزِهِ لِصَرْفِهَا هَيْئَةَ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ، فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ حُلِيٌّ مُبَاحٌ مَاتَ عَنْهُ مَالِكُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَارِثُهُ حَتَّى مَضَى عَلَيْهِ عَامٌ، فَتَجِبُ زَكَاتُهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ حَكَى عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَ وَجْهٍ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُوَرَّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَيُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ وَالِاتِّخَاذُ مُقَرِّبٌ لِلِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ (كَمَكْسُورٍ) أَيْ: كَحُلِيٍّ مُبَاحٍ انْكَسَرَ وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ لَكِنْ لَمْ يُحْوِجُ انْكِسَارُهُ إلَى صَوْغٍ بَلْ إلَى إصْلَاحٍ بِاللِّحَامِ وَقَدْ (نَوَى) عِنْدَ انْكِسَارِهِ (إصْلَاحَهْ) ، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ دَارَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ، فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ.
قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَوْقَ الْعَامِ كَالْعَامِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إصْلَاحَهُ بَلْ نَوَى جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنْزَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى صَوْغٍ وَإِنْ نَوَى صَوْغَهُ، فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا إذْ الظَّاهِرُ الِاسْتِصْحَابُ وَفِي الْبَيَانِ أَنَّهُ الْجَدِيدُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَاهَا فِي الْحُلِيِّ لَوْ اخْتَلَفَ وَزْنُهُ وَقِيمَتُهُ بِأَنْ كَانَ وَزْنُهُ نِصَابًا وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَمِائَةٍ، فَالِاعْتِبَارُ بِالْقِيمَةِ إذْ الصَّنْعَةُ صِفَةٌ فِي الْعَيْنِ، فَيَجِبُ بِالصِّفَةِ، فَيُخْرِجُ رُبُعَ عُشْرِهِ مُشَاعًا، ثُمَّ يَبِيعُهُ السَّاعِي وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهُ أَوْ يُخْرِجُ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ لِضَرَرِ الْجَانِبَيْنِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ زِنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا زَكَاةُ عَيْنٍ كَالْمَوَاشِي وَلِهَذَا لَا يَكْمُلُ نِصَابُهُ بِقِيمَتِهِ.
(وَلِاخْتِلَاطٍ وَاشْتِبَاهٍ) لِذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَأَحَدُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ (حَرَّرَا) أَيْ: مَيَّزَ الْمُزَكِّي أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ (بِالنَّارِ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ (أَوْ يَفْرِضُ كُلًّا) مِنْهُمَا (أَكْثَرَا)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا) أَيْ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ حَوْلَ التِّجَارَةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَصَدَهُ مُحَرَّمٌ فَلَيْسَ كَالْمَعْدُومِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الْأَجْرِ) أَيْ: الْإِيجَارِ. (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَاحًا) أَيْ: وَلَا مَكْرُوهًا أَوْ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ الْجَائِزُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَكُلَّمَا قَصَدَ الْمَالِكُ بِالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الِاسْتِعْمَالَ الْمُوجِبَ لِلزَّكَاةِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا اُبْتُدِئَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ قَصَدَهُ وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ لَهَا كَأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا، ثُمَّ غَيَّرَ قَصْدَهُ إلَى مُبَاحٍ انْقَطَعَ الْحَوْلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ نِيَّةَ كَنْزِهِ) حَيْثُ تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَهَا وَهَلْ نِيَّةُ جَعْلِهِ تِبْرًا كَنِيَّةِ كَنْزِهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَكْسُورِ. (قَوْلُهُ: بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِي تِلْكَ) أَيْ الْحُلِيِّ الَّذِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ) يَنْبَغِي إسْقَاطُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّفْصِيلِ الْآتِي عِنْدَ عَدَمِ تَعَذُّرِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الِاسْتِعْمَالَ لَا أَثَرَ لَهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُجَابُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إصْلَاحًا لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْ الِانْكِسَارُ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَعَلَّ الْمُرَادَ لَيْسَ كَذَلِكَ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَمِنْ التَّفْصِيلِ نَحْوُ قَصْدِ كَنْزِهِ وَهُوَ جَارٍ عِنْدَ عَدَمِ تَعَذُّرِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) يُمْكِنُ إدْخَالُ هَذِهِ أَيْضًا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مُرْصَدًا لَهُ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَإِنْ قَصَدَ بَعْدَ إصْلَاحِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي حُلِيٍّ اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدٍ كَمَا تَقَرَّرَ قَرِيبًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَسْرَ هُنَا الْمُنَافِي لِلِاسْتِعْمَالِ، قُرْبُهُ مِنْ التِّبْرِ وَإِعْطَاؤُهُ حُكْمَهُ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَاهَا فِي الْحُلِيِّ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا حَرُمَ بِعَيْنِهِ كَالْأَوَانِي فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ كَإِنَاءٍ وَزْنُهُ نِصَابٌ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا بِوَزْنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لِحُرْمَةِ صَنْعَتِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَبِيعُهُ السَّاعِي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ. اهـ. وَوَجْهُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِجِنْسِهِ وَجَبَتْ الْمُمَاثَلَةُ وَزْنًا وَامْتَنَعَتْ الْمُفَاضَلَةُ فَتَفُوتُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ الْحَاصِلَةِ بِوَاسِطَةِ الصَّنْعَةِ فَتَأَمَّلْهُ
. (قَوْلُهُ: إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْخَلِيطُ مُتَسَاوِيًا فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ
[حاشية الشربيني]
الْمَنْهَجِ وَالْمُرَادُ بِالْحَبَّةِ حَبَّةُ الشَّعِيرِ. (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الْأَجْرِ) وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَّخَذُ لِلْإِجَارَةِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ. اهـ. وَعِبَارَتُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ وَإِنْ قَصَدَ إجَارَتَهُ لِلتِّجَارَةِ فَيُشْكِلُ بِمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا بِقَصْدِ إيجَارِهَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التِّجَارَةَ فِي النَّقْدِ ضَعِيفَةٌ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَا صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ اتَّخَذَ ذَلِكَ مِنْ سَبِيكَةٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ قَصْدُ التِّجَارَةِ وَهُوَ اقْتِرَانُ نِيَّتِهَا بِمِلْكِ ذَلِكَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْحُلِيَّ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِلتِّجَارَةِ فَقَدْ يُلْتَزَمُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فَلَا فَرْقَ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ قَرَّبَهُ مِنْ التِّبْرِ؛ لِأَنَّهُ يُعَارِضُ الِاسْتِعْمَالَ وَيُنَافِيهِ بِخِلَافِ السِّوَارِ الْمُتَّخَذِ بِلَا قَصْدٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَاهَا فِي الْحُلِيِّ إلَخْ) أَيْ: الْمُبَاحِ صَنْعَتُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ الصَّنْعَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute