(يُجْزِئُ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ الصَّوْمِ) وَلَوْ عَقِبَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِرَمَضَانَ، وَالْفِطْرِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا هَذَا كُلُّهُ (إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِجْزَاءِ لَدَى وُجُوبِهِ) أَيْ عِنْدَ وُجُوبِ الْمُعَجَّلِ بِأَنْ يَبْقَى مَالُ الزَّكَاةِ إلَى تَمَامِ الْحَوْلِ، وَالْمُزَكَّى عَنْهُ فِي الْفِطْرِ إلَى دُخُولِ شَوَّالٍ، وَالْمَالِكُ عِنْدَهُمَا بِصِفَةِ الْوُجُوبِ، وَالْمُسْتَحِقُّ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ.
فَلَوْ انْتَفَتْ عِنْدَ وُجُوبِهِ بِرِدَّةِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ، أَوْ مَوْتِهِ، أَوْ تَلَفِ الْمَالِ، أَوْ زَوَالِهِ عَنْ مِلْكِ الْمَالِكِ، أَوْ غِنَى الْمُسْتَحِقِّ بِمَحْضِ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ قَالَ الْفَارِقِيُّ: كَزَكَاةٍ أُخْرَى وَاجِبَةٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ إلَخْ) إنْ قِيلَ قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ الصَّوْمِ مَعَ قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِرَمَضَانَ يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ فِي شَرْحِ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ الْفِطْرِ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ لِلْوُجُوبِ: إدْرَاكُ رَمَضَانَ وَمَا يَأْتِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إدْرَاكُ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ بِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ: السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الْآخَرِ فَقَطْ وَإِدْرَاكِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، أَوْ بَعْضِهَا وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ إشَارَةً إلَى كِفَايَتِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ كِفَايَتِهِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ الْفِطْرَةَ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ عَنْ عَبْدِهِ مَثَلًا، ثُمَّ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ ثُمَّ مَلَكَهُ فِي آخِرِ جَزْءٍ لَمْ يَجْزِ مَا عَجَّلَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إجْزَائِهِ لِانْقِطَاعِ سَبَبِهِ الْأَوَّلِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْتَفَتْ) أَيْ صِفَةُ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: بِرِدَّةِ أَحَدٍ إلَى آخِرِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَيْ الْمَالِكِ، وَالْمُسْتَحِقُّ مَيِّتًا، وَالْمُسْتَحِقُّ مُرْتَدًّا إلَخْ اهـ
فَأُخْرِجَ ارْتِدَادُ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الْوُجُوبِ وَلِهَذَا قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَمَّا رِدَّتُهُ أَيْ الْمَالِكِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ كَمَا مَرَّ اهـ
بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَحْمَلُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: بِمَحْضٍ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ) قَضِيَّتُهُ فِيمَا لَوْ أَغْنَتْ إحْدَى الْمُعَجَّلَتَيْنِ فَقَطْ أَنَّ الْمُجْزِئَةَ مَا أَغْنَتْ تَقَدَّمَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ دُونَ الْأُخْرَى وَيَنْبَغِي إذَا أَغْنَى كُلٌّ مِنْهُمَا إجْزَاءَ السَّابِقَةِ دُونَ الْمَسْبُوقَةِ وَفِيمَا لَوْ لَمْ تُغْنِ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُعَجَّلَتَيْنِ لَكِنْ أَغْنَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ بَعْضِ الْأُخْرَى إجْزَاؤُهُمَا إذَا لَمْ يَسْتَغْنِ بِمَحْضٍ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَقَوْلُ الْفَارِقِيِّ كَزَكَاةٍ أُخْرَى وَاجِبَةٍ، أَوْ مُعَجَّلَةٍ إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ اسْتَغْنَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِالْمُعَجَّلَةِ الْأُولَى أَمَّا لَوْ اسْتَغْنَى بِالْمُعَجَّلَةِ الْأُولَى فَيَنْبَغِي إجْزَاؤُهَا دُونَ الْوَاجِبَةِ لِثُبُوتِ وُجُوبِهَا قَبْلَ الْوَاجِبَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ الْحَوْلِ يَثْبُتُ وُجُوبُهَا بِخِلَافِ الْوَاجِبَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا دُفِعَتْ بَعْدَ تَمَامِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: بِرَمَضَانَ) أَيْ دُخُولِهِ اهـ.
حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَالِكُ عِنْدَهُمَا) أَيْ وَبَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحِقُّ إلَخْ أَيْ عِنْدَهُمَا وَإِنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا اهـ.
شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ غِنَى الْمُسْتَحِقِّ إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الِاسْتِغْنَاءِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَا مُعَجَّلَتَيْنِ، أَوْ وَاجِبَةً وَمُعَجَّلَةً وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبَضَهُمَا مَعًا، أَوْ مُرَتِّبًا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُغْنِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى أَوْ الْمَجْمُوعَ، أَوْ كُلًّا مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الْمُغْنِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَهِيَ الْمُجْزِئَةُ وَتُسْتَرَدُّ الْأُخْرَى مُطْلَقًا مُعَجَّلَتَيْنِ، أَوْ مُعَجَّلَةً وَوَاجِبَةً كَانَتَا مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا وَإِنْ كَانَ الْمُغْنِي الْمَجْمُوعَ لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْبَعَةِ وَلَوْ زَادَ الْمَجْمُوعُ عَنْ حَاجَتِهِ وَإِنْ أَغْنَى كُلٌّ فَإِنْ أَخَذَهُمَا مَعًا فَفِي الْمُعَجَّلَتَيْنِ يَخْتَارُ وَاحِدَةً وَيَرُدُّ الْأُخْرَى وَفِي الْمُعَجَّلَةِ، وَالْوَاجِبَةِ تَتَعَيَّنُ الْوَاجِبَةُ وَإِنْ أَخَذَهُمَا مُرَتِّبًا فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى عِنْدَ أَخْذِ الثَّانِيَةِ بَاقِيَةً وَكُلٌّ يُغْنِي فَقَبْضُ الثَّانِيَةِ فَاسِدٌ وَاجِبَةً أَوْ مُعَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ عِنْدَ قَبْضِهَا مُحْتَاجًا لِكُلٍّ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْمُعَجَّلَةِ تَكْفِيهِ إحْدَاهُمَا رُدَّتْ الثَّانِيَةُ فِي الْمُعَجَّلَتَيْنِ لِقُوَّةِ الْأُولَى بِسَبَقِهَا وَرُدَّتْ الْأُولَى الْمُعَجَّلَةُ فِي الْمُعَجَّلَةِ، وَالْوَاجِبَةِ لِوُقُوعِ الْوَاجِبَةِ مَوْقِعَهَا وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بَعْدُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى عِنْدَ أَخْذِ الثَّانِيَةِ تَالِفَةً فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ تَكْفِيهِ بَدَلًا وَاسْتِغْنَاءً رَدَّ بَدَلَ الْأُولَى وَأَبْقَى الثَّانِيَةَ وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ كَذَلِكَ لَمْ تُسْتَرَدَّ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لِصَيْرُورَتِهِ حِينَئِذٍ مُحْتَاجًا لِلْمَجْمُوعِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَجَّلَتَيْنِ، وَالْوَاجِبَةِ، وَالْمُعَجَّلَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحَشِّي أَمَّا لَوْ اسْتَغْنَى بِالْمُعَجَّلَةِ إلَخْ فَصُورَتُهُ أَنَّهُ قَبَضَ وَاجِبَةً عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ مُعَجَّلَةٍ وَمَآلُ ذَلِكَ إلَى تَعَارُضِ وَاجِبَتَيْنِ وَتَفُوتُ الْأُولَى بِالسَّبْقِ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُحَشِّي اهـ.
مِنْ هَامِشِ بَعْضِ تَلَامِذَةِ شَيْخِنَا ذ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتِّبًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَقَدَّمَتْ الْوَاجِبَةُ غَيْرُ الْمُغْنِيَةِ لَكِنَّ الْوَجْهَ إجْزَاءُ الْوَاجِبَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أُخِذَتْ فِي وَقْتِهَا كَمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: بِمَحْضِ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعَجَّلُ يُغْنِي، أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرْدُودَ الْأُولَى حَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ يُغْنِي لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَرْدُودَ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ لَا يُغْنِي وَاَلَّذِي يُغْنِي مَا بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا، أَوْ مُعَجَّلًا فَإِنَّ الْمَرْدُودَ الْأُولَى لِمَجِيءِ حَوْلِهَا