للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ يَكُنْ عِيدٌ يَمْسِكُ تَكْمِلَهْ) أَيْ تَكْمِلَةَ الْيَوْمِ أَيْ بَقِيَّتَهُ لِمَا مَرَّ وَمَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَتِهِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهَا وَأَخْفَى فِطْرَهُ لِئَلَّا يُتَّهَمَ وَلَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ بَعْدُ لِتُهْمَةِ دَفْعِ التَّعْزِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَكَلَ لَا يُعَزَّرُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حَالَ الشَّهَادَةِ

(وَالرَّأْيُ) لِلْهِلَالِ أَيْ رُؤْيَتُهُ (بِالنَّهَارِ) يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِلْمُسْتَقْبِلَهْ) أَيْ لِلَّيْلَةِ الْآتِيَةِ فَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينَ أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ مَا قِيلَ أَنَّ رُؤْيَتَهُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ تَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ يَوْمَ التَّاسِعِ، وَالْعِشْرِينَ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهَا لِلْمَاضِيَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ

. (وَصِحَّةُ الصَّوْمِ) كَائِنَةٌ (بِقَصْدِ الصَّوْمِ) بِالْقَلْبِ كَالصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، ثُمَّ إنْ كَانَ نَفْلًا كَفَى قَصْدُهُ (قَبْلَ زَوَالِهَا) أَيْ الشَّمْسِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ يَوْمًا هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ قَالَتْ لَا قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ أَصُومُ قَالَتْ: وَقَالَ لِي يَوْمًا آخَرَ: أَعْنَدَكُمْ شَيْءٌ قُلْت نَعَمْ قَالَ: إذَنْ أُفْطِرَ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَاخْتَصَّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْخَبَرِ إذْ الْغَدَاءُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ بَيِّنٌ وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِمَّنْ يُرِيدُ صَوْمَ النَّفْلِ وَإِلَّا فَلَوْ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَضَى مُعْظَمُ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَوْمَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى جَمِيعِهِ إذْ صَوْمُ الْيَوْمِ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ أَوَّلَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ قَدْ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ وَسَبَقَهُ الْمَاءُ صَحَّتْ النِّيَّةُ بَعْدَهُ وَيُعْتَبَرُ قَصْدُهَا (لِكُلِّ يَوْمٍ) إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ مَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاتَيْنِ يَتَخَلَّلُهُمَا السَّلَامُ.

(وَإِنْ يَكُنْ) صَوْمُهُ (فَرْضًا) رَمَضَانَ، أَوْ غَيْرَهُ (شَرَطْنَا نِيَّتَهْ) أَيْ الْفَرْضَ حَالَةَ كَوْنِهَا (قَدْ عُيِّنَتْ) كَقَوْلِهِ: مِنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ أَطْلَقَهَا كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ صَوْمِ الْغَدِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ فِي التَّعْيِينِ فَنَوَى فِي رَمَضَانَ قَضَاءً، أَوْ كَفَّارَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْيِيدُ رَمَضَانَ بِالسَّنَةِ، أَوْ الشَّهْرِ لِإِغْنَاءِ التَّبْيِيتِ عَنْهُ بَلْ لَوْ أَخْطَأَ فِي صِفَةِ الْمُعَيَّنِ فَنَوَى الْغَدَ، وَهُوَ الْأَحَدُ بِظَنِّ الِاثْنَيْنِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَتَهُ وَهِيَ سَنَةٌ اثْنَتَيْنِ بِظَنِّ سَنَةِ ثَلَاثٍ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْأَحَدَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَقْتَ

ــ

[حاشية العبادي]

هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَكُنْ عِيدٌ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُعَيِّدُ بَعْدَ صَوْمِ ثَلَاثِينَ، أَوْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ تَكْمِلَةَ الْيَوْمِ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ سَوَاءٌ أَمْسَكَ لِبَقِيَّتِهِ، أَوْ لَا وَهُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ انْفَرَدَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: إنْ جَوَّزْنَا لَهُ اعْتِمَادَهُ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ إخْفَاءُ فِطْرِهِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَخْفَى فِطْرَهُ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَخْفَى فِطْرَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقْتَضَاهَا فَيَكُونُ الْإِخْفَاءُ لَازِمًا لَكِنْ لَمَّا قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَحَقُّهُ أَنْ يُخْفِيَهُ قَالَ: فِي شَرْحِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَأَخْفَى فِعْلًا مَاضِيًا، وَالْفِطْرَ مَفْعُولَهُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْفِطْرِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهَا لِلْمَاضِيَةِ) أَيْ وَلَا يَثْبُتُ صَوْمُ الْغَدِ أَوْ فِطْرُهُ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُؤْيَتِهِ فِيهَا بَلْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِالْفِعْلِ فِيهَا سم

(قَوْلُهُ: قَبْلَ زَوَالِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِلزَّوَالِ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ) حَيْثُ أُدْرِكَتْ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ لِإِدْرَاكِ مُعْظَمِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ) حَيْثُ حَصَلَ جَمِيعُهَا بِإِدْرَاكِهِ وَلَمْ يَتَبَعَّضْ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ: مِنْ رَمَضَانَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ صَوْمِ الْغَدِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ رَمَضَانَ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ طَلَبَةُ الْعِلْمِ م ر (قَوْلُهُ: يَظُنُّ الِاثْنَيْنِ) ، أَوْ يَظُنُّ السَّبْتَ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى الْأَحَدَ) يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْأَحَدَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْغَدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي سَنَة ثَلَاثٍ) أَيْ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الْغَدُ فِي الْأُولَى وَلَا السَّنَةُ الْحَاضِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ إنَّهَا قَبْلَهُ لِلْمَاضِيَةِ وَبَعْدَهُ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ: بِخَانِقِينَ) بَلْدَةٌ بِقُرْبِ بَغْدَادَ (قَوْلُهُ: تَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ) فَيَكُونُ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ نَفْلًا كَفَى إلَخْ) وَتُجْزِئُ النِّيَّةُ أَوَّلَ النَّهَارِ مَنْ نَسِيَهَا فِي رَمَضَانَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ مُحَشِّي شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَالِغْ) تَوَقَّفَ فِيهِ ع ش؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَكْرُوهٍ بِخِلَافِ هُنَا فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي صَوْمٍ وَعَلَّلَهُ ق ل بِأَنَّهُ يَضُرُّ لَوْ كَانَ صَائِمًا (قَوْلُهُ: صَحَّتْ النِّيَّةُ) أَيْ اتِّفَاقًا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا بِضَرَرِ هَذَا السَّبْقِ فِي غَيْرِ مَا هُنَا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِإِغْنَاءِ التَّبْيِيتِ عَنْهُ) وَلَا يُقَالُ: التَّبَيُّتُ يُبَيِّنُ الْيَوْمَ الَّذِي صَامَهُ وَلَا بَيَانَ فِيهِ لِلْيَوْمِ الَّذِي صَامَ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةً أُخْرَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يُقْبِلْ رَمَضَانُ غَيْرُهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ هَذِهِ السَّنَةَ سم عَلَى الْغَايَةِ اهـ فَإِنْ قُلْت إذَا اُعْتُبِرَ اللُّزُومُ كَانَ يَكْفِي الْغَدُ عَنْ رَمَضَانَ قُلْت ذَاكَ أَصْلُ الْمَنْوِيِّ بِخِلَافِ كَوْنِهِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا لَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ فِي الصَّلَاةِ وَأَخْطَأَ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِأَنَّ ارْتِبَاطَ الصَّوْمِ بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ الْيَوْمَ أَشَدُّ مِنْ ارْتِبَاطِ الصَّلَاةِ بِالْيَوْمِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>