للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي ذَلِكَ إلَّا الْإِثْمُ وَخَرَجَ بِذَا الشَّهْرِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (فَمَا) أَيْ فَلَيْسَ (عَلَى مَنْ اعْتَدَى بِالْفِطْرِ إمْسَاكُهُ فِيمَا قَضَى) أَيْ فِي قَضَاءٍ (أَوْ نَذْرٍ) كَمَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِفِطْرِهِمَا وَبِقَوْلِهِ: لِمَنْ حَقِيقَةُ إلَى آخِرِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: (وَلَا) إمْسَاكَ (عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُرْتَحِلِ) أَيْ الْمُسَافِرِ (إنْ أَفْطَرَا فَزَالَ) عُذْرُهُمَا (، أَوْ لَمْ يَزُلْ، أَوْ) عَلَى (حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ مُفْطِرٍ بِالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ) لِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمْ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِ الْيَوْمِ وَزَوَالِ الْعُذْرِ بَعْدَ التَّرَخُّصِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْقَصْرِ وَبِقَوْلِهِ: مَعَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ الْمُصَرَّحِ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ.

وَقَوْلُهُ: فِيمَا قَضَى، أَوْ نَذَرَ تَنَازُعُهُ اعْتَدَى وَإِمْسَاكُهُ

(وَلْيُكَفِّرْ عَلَى) وَجْهِ (الْوُجُوبِ مُفْسِدٌ صَوْمًا مَا) لَهُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا بِالرُّؤْيَةِ (مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ) وَلَوْ بِلِوَاطٍ وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ وَبِلَا إنْزَالٍ (تَمَّا) أَيْ تَامٌّ (أَثَّمَهُ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ جَعَلَهُ آثِمًا (لِلصَّوْمِ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَلَكْت فَقَالَ: وَمَا أَهْلَكَك قَالَ: وَاقَعْت امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ: لَا، ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَالْعَرْقُ بِالْفَتْحِ مِكْتَلٌ يُنْسَجُ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْمِعْهُ أَهْلَك» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ» بِالْأَمْرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فَأَتَى بِعَرْقِ تَمْرٍ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةٍ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا

، وَالْكَلَامُ عَلَى صِفَةِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الظِّهَارِ وَخَرَجَ بِالْمُفْسِدِ غَيْرُهُ كَالْمُجَامِعِ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ جَاهِلًا وَبِالصَّوْمِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَبِرَمَضَانَ غَيْرُهُ كَقَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَتَطَوُّعٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِفَضَائِلَ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ وَبِالْجِمَاعِ غَيْرُهُ كَاسْتِمْنَاءٍ وَأَكْلٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْجِمَاعِ وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِ وَبِالتَّامِّ جِمَاعُ الْمَرْأَةِ لِفَسَادِ صَوْمِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْجِمَاعِ بِوُصُولِ أَوَّلِ جَزْءٍ مِنْ الذَّكَرِ بَاطِنَهَا وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ الْمُوهِمِ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَالْمُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: (لَا الْأُنْثَى) الْغَزَالِيُّ وَزَيَّفُوهُ بِخُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْجِمَاعِ إذْ الْفَسَادُ فِيهَا بِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فَسَادُ صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ يُولِجَ فِيهَا نَائِمَةً، أَوْ نَاسِيَةً، أَوْ مُكْرَهَةً، ثُمَّ تَسْتَيْقِظُ، أَوْ تَتَذَكَّرُ أَوْ تَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ وَتَسْتَدِيمُ فَفَسَادُهُ فِيهَا بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: لَا الْأُنْثَى إذْ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُرْتَحِلِ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا إخْفَاؤُهُ أَيْ الْإِفْطَارِ قَالَ: فِي شَرْحِهِ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَا لِلتُّهْمَةِ، وَالْعُقُوبَةِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَهَرَ عُذْرُهُمَا لَمْ يُسْتَحَبَّ الْإِخْفَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُرْتَحِلِ) أَيْ وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهُمَا الْإِمْسَاكُ وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ بَعْدَ فِطْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ كَذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: لِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِعَطَشٍ، أَوْ جُوعٍ خَشِيَ مِنْهُ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ فَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ وَصَوَّبَهُ عَنْ بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: بِجِمَاعٍ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ قَارَنَ الْجِمَاعَ مُفْطِرٌ آخَرُ كَأَكْلٍ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْجِمَاعُ لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ رَمَضَانَ يَقِينًا) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ صَامَ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ جَامَعَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ قَبْلَ الْجِمَاعِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: كَالْمُجَامِعِ نَاسِيًا) وَكَمُجَامِعٍ نَسِيَ النِّيَّةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَاكِيًا الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُوهِمِ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُوهِمُ الْوُجُوبَ عَلَى الْأُنْثَى إذَا وُجِدَ الْجِمَاعُ الْمُتَأَخِّرُ وَيُتَصَوَّرُ بِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُوهِمُ اعْتِبَارَ تَمَامِ الْجِمَاعِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ بِنَحْوِ إدْخَالِ جَمِيعِ الذَّكَرِ، أَوْ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثَمَّ وَاسْتِدَامَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

إذْ لَا حِيلَةَ لَهُ فِي دَفْعِ النِّسْيَانِ غَالِبًا فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْفَوْرُ وَإِنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِتَرْكِ التَّحَفُّظِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ تَرْكِ التَّحَفُّظِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: مُفْسِدٌ صَوْمًا) لَيْسَ الْإِفْسَادُ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَنْعُ انْعِقَادِهِ كَمَا مَرَّ فِي اسْتِدَامَةِ مُجَامِعٍ أَصْبَحَ بِتَفْصِيلِهِ اهـ.

حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَخَرَجَ بِإِضَافَةِ الْإِفْسَادِ إلَيْهِ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ أَنْزَلَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَسَدَ صَوْمُهُ لَكِنْ لَا بِإِفْسَادِهِ اهـ.

ق ل وَشَيْخُنَا ذ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهَا وَلَمْ يَدْفَعْهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا اهـ.

مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مُفْسِدٌ صَوْمًا) مَا لَمْ يَكُنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ بِاجْتِهَادٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا إثْمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: صَوْمًا مَا) أَيْ صَوْمَ يَوْمٍ فَإِذَا جَامَعَ ثُمَّ جُنَّ فَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلِوَاطٍ وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ) خِلَافًا لِوَجْهٍ فِيهِمَا عِنْدَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ) لَا فَرْجٍ مَبَانٍ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>