للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْفَائِتِ بِالْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْإِغْمَاءِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ وَلِهَذَا جَوَّزَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ لِتَكَرُّرِهَا (وَالْكُفْرِ) أَيْ وَلَا بِالْكُفْرِ (أَصْلِيًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَ) لَا يَجِبُ قَضَاءُ فَائِتٍ (يَوْمَ الْفَقْدِ لَهَا) أَيْ لَلصِّبَا، وَالْجُنُونِ، وَالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ لِعَدَمِ الْتِزَامِ أَرْبَابِهَا الصَّوْمَ وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» ؛ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ إتْمَامُهَا خَارِجَ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ (وَلَا) يَجِبُ (إمْسَاكُ) بَقِيَّةِ (يَوْمٍ زَالَتْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ الصَّوْمَ وَلِعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ.

وَالْإِمْسَاكُ تَبَعٌ لِلصَّوْمِ؛ وَلِأَنَّهُمْ أَفْطَرُوا بِعُذْرٍ كَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرِيضِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا لَزِمَهُ إتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ (وَسُنَّ فِي الْقَضَاءِ) لِفَائِتِ رَمَضَانَ (إنْ تَوَالَتْ) أَيَّامُهُ أَيْ مُوَالَاتُهَا تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَجِبْ لِإِطْلَاقٍ قَوْله تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ لَكِنْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِسُنِّيَّتِهَا زَادَهُ النَّاظِمُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ تَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ، ضِيقِ الْوَقْتِ وَتَعَمُّدِ التَّرْكِ وَرُدَّ بِمَنْعِ تَسْمِيَةِ هَذَا مُوَالَاةً إذْ لَوْ وَجَبَتْ لَزِمَ كَوْنُهَا شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هَذَا وَاجِبًا مُضَيَّقًا وَلِصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُلَازَمَةَ وَيُسْنَدُ الْمَنْعُ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ قَدْ تَجِبُ وَلَا تَكُونُ شَرْطًا كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ مُوَالَاةً تَسْمِيَتُهُ وَاجِبًا مُضَيَّقًا

. (وَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ) عَنْ الْفِطْرِ (فِي ذَا الشَّهْرِ) أَيْ شَهْرِ رَمَضَانَ (لِمَنْ حَقِيقَةُ حَرَامِ الْفِطْرِ) أَيْ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ حَقِيقَةً بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (أَعْنِي مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِ الْيَوْمِ) وَإِنْ أُبِيحَ ظَاهِرًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالٍ (كَيَوْمِ شَكٍّ مَعَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ) فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إمْسَاكُهُ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ وَتَشْبِيهًا بِالصَّائِمِينَ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ وَإِنْ كَانَ الْمُمْسِكُ مُخْطِئًا لِانْتِسَابِهِ لِتَرْكِ التَّحَفُّظِ؛ وَلِذَلِكَ يُحْرَمُ الْقَاتِلُ خَطَأً مِنْ الْإِرْثِ وَلَيْسَ الْمُمْسِكُ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ فِي عِبَادَةٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ إذَا فَسَدَ إحْرَامُهُ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ الْمُمْسِكِ هُنَا لَيْسَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

إذَا تَعَدَّى بِهِ فِيمَا يَنْبَغِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ) أَيْ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالسُّكْرِ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ أَمَّا الْفَائِتُ فِي زَمَنِ السُّكْرِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الْجُنُونُ الْمَذْكُورُ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ تَعَدَّى بِالسُّكْرِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْإِغْمَاءِ الَّذِي يَأْتِي آنِفًا وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِهِ أَيْ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِهِ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْجُنُونُ الْوَاقِعُ فِي زَمَنِ السُّكْرِ فَيَقْضِي مَا فَاتَ فِيهِ إنْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ: فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ أَمَّا مَا فَاتَ بِهِ أَيْ بِالْجُنُونِ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ، أَوْ السُّكْرِ فَيَقْضِيهِ اهـ.

وَمُرَادُهُ السُّكْرُ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا عَلَّلَ غَيْرُهُ الْقَضَاءَ بِأَنَّ: سُقُوطَ الْقَضَاءِ بِعُذْرِ الْجُنُونِ تَخْفِيفٌ فَلَا يُنَاسِبُ حَالَ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ اهـ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِسُكْرِهِ فَلَا يَقْضِي زَمَنَ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِيهِ لِسُقُوطِ الْقَضَاءِ عَنْ الْمَجْنُونِ وَلَا تَعَدِّي، وَعُرُوضُ الْجُنُونِ عَلَى السُّكْرِ الْمَعْذُورِ فِيهِ لَا يَزِيدُ عَلَى عُرُوضِهِ عَلَى الصَّحْوِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُتَعَدِّي قَوْلُ الرَّوْضِ مُبَالَغَةً عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَوْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ قَالَ: فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَ هَذَا إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ السُّكْرِ الَّذِي تَخَلَّلَهُ جُنُونٌ اهـ.

وَقَوْلُ الْإِرْشَادِ وَلَا لِجُنُونٍ إلَّا زَمَنَ رِدَّةٍ وَسُكْرٍ اهـ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ شُرَّاحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا إمْسَاكُ يَوْمٍ زَالَتْ) أَيْ وَلَكِنْ يُسَنُّ كَالْقَضَاءِ قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مُفْطِرًا، أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمْسَاكُ وَلَا الْقَضَاءُ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ اهـ.

وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِاسْتِحْبَابِ إمْسَاكِ وَقَضَاءِ يَوْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ قَضَاءِ الْكَافِرِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَ فِي الْكُفْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إتْمَامُهُ) أَيْ فَإِنْ أَفْطَرَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَوْ بَلَغَ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَالْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِي الْقَضَاءِ إنْ تَوَالَتْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْقَضَاءِ نِسْيَانَ النِّيَّةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ كَانَ النَّاسِي مَنْسُوبًا بِالتَّقْصِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْفَوْرُ فِي قَضَائِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَمُّدِ التَّرْكِ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ غَيْرُهُ: وَالنَّذْرِ

(قَوْلُهُ: حَرَامٌ) يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالِابْتِدَاءِ وَتَقْدِيرُ خَبَرِهِ أَيْ صَادِرٌ مِنْهُ، وَالْمَعْنَى لِمَنْ الْفِطْرُ الْحَرَامُ صَادِرٌ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُسْكِرًا يَسْتَغْرِقُ إسْكَارُ مِثْلِهِ النَّهَارَ ثُمَّ يُجَنُّ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ بَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا انْتَهَى إلَيْهِ السُّكْرُ مَعَ زَمَنِ الْجُنُونِ الْمَذْكُورِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ اهـ.

زِيَادِيٌّ بِزِيَادَةٍ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ) أَيْ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ) فَمَا هُنَا شَبِيهٌ بِمَنْ أَدْرَكَ زَمَنًا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَانِعُ اهـ.

حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ قَدْ تَجِبُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ كَوْنُ وُجُوبِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الْمُوَالَاةِ

(قَوْلُهُ: كَيَوْمِ شَكٍّ) الْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَكٌّ (قَوْلُهُ: لِتَرْكِ التَّحَفُّظِ) أَيْ فِي إدْرَاكِ الْهَلَاكِ مَعَ أَنَّ لَهُ حِيلَةً فِي دَفْعِهِ غَالِبًا وَلِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا بِخِلَافِ النَّاسِي لِلنِّيَّةِ لَيْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>