للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِانْعِقَادِ فَإِنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِوُجُودِ الْمُحْوِجِ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى الْعِلَّةِ صُورَةُ التَّعَدِّي وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا خَافَ حُدُوثَ الْمَرَضِ بِالصَّوْمِ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ

(وَ) يُبِيحُهُ (سَفَرُ الْقَصْرِ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ (وَإِنْ نَوَى) أَيْ الْمُسَافِرُ الصَّوْمَ لَيْلًا فَإِنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِدَوَامِ الْعُذْرِ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ «أَفْطَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْعَصْرِ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ بِقَدَحِ مَاءٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَهُ تَتِمَّةٌ سَتَأْتِي (لَا إنْ بَعْدَ صُبْحِهِ طَرَا) أَيْ السَّفَرُ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ (أَوْ زَالَا) أَيْ وَلَا إنْ زَالَ الْمَرَضُ، وَالسَّفَرُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُبِيحَانِ الْفِطْرَ لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ نِيَّةُ التَّرَخُّصِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَصَوْمُهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ (أَوْلَى) مِنْ فِطْرِهِ (بِلَا تَضَرُّرٍ) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤] وَلِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَفَضِيلَةِ الْوَقْتِ نَعَمْ إنْ شَكَّ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ، أَوْ كَرِهَ الْأَخْذَ بِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَالْفِطْرُ أَوْلَى كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ أَمَّا إذَا تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ فَالْفِطْرُ أَوْلَى وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَرَّ بِرَجُلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: صَائِمٌ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» وَلَا يَحْرُمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: «بَعْدَ أَنْ أَفْطَرَ فِي كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» فَلِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِالْفِطْرِ لِيَتَقَوَّوْا لِعَدُوِّهِمْ

، ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُهُ الْإِفْطَارُ، وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَالْإِمْسَاكُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالْفِدْيَةُ فَقَالَ: (وَيَجِبُ الْقَضَاءُ) لِلْفَائِتِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَوْ بِعُذْرٍ لِلْآيَةِ (لَا) لِلْفَائِتِ (بِالصِّغَرِ، أَوْ بِجُنُونٍ مِنْ سِوَى الْمُرْتَدِّ) وَإِنْ لَمْ يُطْبِقْ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْأَدَاءُ وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا أَمَّا الْفَائِتُ بِجُنُونِ الْمُرْتَدِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَسَفَرُ الْقَصْرِ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ بِمَنْعِ فِطْرِ الْمُسَافِرِ فِي قَضَاءٍ لَزِمَهُ فَوْرًا لَكِنَّ الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ م ر (قَوْلُهُ: نِيَّةُ التَّرَخُّصِ) كَالْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ) أَيْ الصَّوْمُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ إذَا أَدَّى الضَّرَرُ إلَى تَلَفِ نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ) وَكَذَا بِجُنُونِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ وَإِذَا صَامَ زَادَ ذَلِكَ الْمَرَضُ، أَوْ حَصَلَ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمُحْوِجِ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ) أَيْ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي سَبَبِهِ وَعِبَارَةُ م ر وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ لِانْتِهَاءِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُتَعَدِّي بِالْجُنُونِ حَيْثُ يَجِبُ الْقَضَاءُ هُنَاكَ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِمَا قِيلَ بِهِ هُنَا لَفَاتَ أَصْلُ الصَّوْمِ كَغَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِالْجُنُونِ، وَالْفَائِتُ هُنَا الْأَدَاءُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَرِدُ عَلَى الْعِلَّةِ صُورَةُ التَّعَدِّي) يُرَدُّ بِأَنَّ شَأْنَ الْمَرَضِ أَنْ لَا يَكُونَ بِالِاخْتِيَارِ اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) هَلْ يُقَيَّدُ هُنَا أَيْضًا بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ عَلَى طَرِيقَةِ م ر وَيُعَمَّمُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِهِ الظَّاهِرُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَيُبِيحُهُ سَفَرٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْعُمْرَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ كَيْ يُبَاحَ لَهُ الْفِطْرُ اهـ.

عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَيُبِيحُهُ سَفَرُ الْقَصْرِ) قَالَ شَيْخُنَا ز ي وَالرَّمْلِيُّ وَإِنْ دَامَ السَّفَرُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَسَوَاءٌ رَمَضَانُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالْمَنْذُورُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي نَذْرِ صَوْمٍ وَلَوْ لِلدَّهْرِ، وَالْقَضَاءِ وَلَوْ لِلْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ، أَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ وَإِنْ خَالَفَ السُّبْكِيُّ فِي مُدِيمِ السَّفَرِ وَفِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُوَافَقَتُهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ مَا مَرَّ وَخَالَفَ حَجَرٌ فِي الْمُضَيِّقِ، وَالْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ وَالطَّبَلَاوِيُّ فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ، وَالْعُبَابُ فِيمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ بِالسَّفَرِ اهـ.

ق ل لَكِنْ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُ حَيْثُ سُنَّ الصَّوْمُ أَوْ الْفِطْرُ، أَوْ الْإِتْمَامُ فَنَذَرَهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إلَّا إنْ تَضَرَّرَ وَفَارَقَ جَوَازُ الْخُرُوجِ مِنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً بِأَنَّهُ ثَمَّ رُخْصَةٌ وَهُنَا قَدْ أَتَى بِمَا يُنَافِيهَا وَهُوَ الْتِزَامُ الْإِتْمَامِ الْمَنْدُوبِ لَهُ اهـ.

حَجَرٌ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَحَمَلَ عَلَيْهِ الْكَلَامَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إلَخْ) وَكَذَا يَنْبَغِي فِي حِلِّ تَرْكِ النِّيَّةِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ لِنَحْوِ الْمَرِيضِ فَإِنْ تَرَكَهَا بِدُونِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ التَّرَخُّصَ لِيَجُوزَ لَهُ تَرْكُ الْإِمْسَاكِ اهـ.

م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ اهـ.

ق ل وَغَيْرُهُ فَلَوْ لَمْ يَنْوِيَا أَثِمَا وَوَجَبَ الْإِمْسَاكُ وَنَظَرَ فِيهِ الْأُجْهُورِيُّ اهـ.

شَيْخُنَا ذ وَتَنْظِيرُ الْأُجْهُورِيِّ مُوَافِقٌ لِلْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ نِيَّةُ التَّرَخُّصِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ التَّرَخُّصِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفِطْرَ وَهُوَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَصْدٍ كَمَا يَصِيرُ مُفْطِرًا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ اهـ.

وَفِي قَوْلِهِ كَمَا يَصِيرُ إلَخْ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغُرُوبَ يَخْرُجُ بِهِ وَقْتُ الصَّوْمِ وَلَا كَذَلِكَ السَّفَرُ، وَالْمَرَضُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ) أَيْ مَعَ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَبِهِ قَالَ م ر فَيَجُوزُ عِنْدَهُ الصَّوْمُ هُنَا وَلَا يَجِبُ الْفِطْرُ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ وَقَالَ حَجَرٌ وَز ي بِالْوُجُوبِ هُنَا قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ: يَلْزَمُ الْفِطْرُ مَنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ؛ لِأَنَّ الْإِضْرَارَ بِالنَّفْسِ حَرَامٌ

(قَوْلُهُ: بِجُنُونِ الْمُرْتَدِّ) بِأَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ وَمِثْلُهُ الْفَائِتُ بِجُنُونِ السَّكْرَانِ بِأَنْ تَنَاوَلَ عَمْدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>