للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ

. (فَإِنْ تَكَرَّرَ الْفَسَادُ) بِأَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ وَلَوْ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ (كُرِّرَتْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَالْحَجَّتَيْنِ إذَا جَامَعَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَرَّرَ فِي يَوْمٍ لِعَدَمِ تَكَرُّرِ الْفَسَادِ

(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (بِمَوْتٍ وَجُنُونٍ) أَيْ بِعُرُوضِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ بِالْجِمَاعِ (هُدِرَتْ) أَيْ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِعُرُوضِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عُرُوضَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَفْطَرَتْ بِالْجِمَاعِ لَا يَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ (لَا مَرَضٍ وَسَفَرٍ) أَيْ لَا تَسْقُطُ بِهِمَا الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُنَافِيَانِ الصَّوْمَ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ حُرْمَتِهِ قَالَ: فِي التَّعْلِيقَةِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ السَّفَرِ بَعْدَ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسْقِطُ الْمَرَضُ الْكَفَّارَةَ مَعَ أَنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ كَانَ عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالسَّفَرِ الطَّارِئِ الَّذِي لَا يُبِيحُهُ مَعْلُومًا بِالْأَوْلَى

. (وَتَسْتَقِرُّ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (فِي ذِمَّةِ الْعَاجِزِ) عَنْ خِصَالِهَا الْمُرَتَّبَةِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَتْ لَا بِسَبَبٍ مِنْ الْعَبْدِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ أَمْ لَا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ، وَالْيَمِينِ، وَالْجِمَاعِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ لَا يُقَالُ: لَوْ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ لَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُوَاقِعَ بِإِخْرَاجِهَا بَعْدُ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَقَعْ كَفَّارَةً وَلَوْ سُلِّمَ فَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَهُوَ وَقْتُ الْقُدْرَةِ

(وَالصَّرْفُ خَطَرٌ) أَيْ وَصَرْفُ الْمُكَفِّرِ كَفَّارَتَهُ (لِأَهْلِهِ) مُنِعَ كَالزَّكَوَاتِ وَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَطْعِمْهُ أَهْلَك» فَفِي الْأُمِّ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ صَرَفَهُ لَهُ صَدَقَةً، أَوْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا لَهُمْ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ، أَوْ أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَسَوَّغَ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

دَاخِلَةٌ فِي عِبَارَةِ التَّهْذِيبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ: وَفَاءً بِالضَّابِطِ) لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْإِفْطَارُ بِالظَّنِّ بَلْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِخِلَافِ الْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَبِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ شَكِّهِ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ وَخُرُوجِهِ وَعَلَّلَ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالشُّبْهَةِ عَدَمَ تَحَقُّقِ بَقَاءِ النَّهَارِ وَاحْتِمَالُ اللَّيْلِ

(قَوْلُهُ: وَجُنُونٍ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ حُدُوثَ الْجُنُونِ حَيْثُ لَمْ يُسْقِطْ الْقَضَاءَ لِتَعَدِّيهِ بِهِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ م ر (قَوْلُهُ: لَا مَرَضٍ وَسَفَرٍ) لَوْ حَدَث وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ مَحَلِّهِ فَوَجَدَ أَهْلَهُ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ اهـ.

فَلَوْ عَادَ لِمَحَلِّهِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَقَطَتْ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَقَدْ لَغَا ذَلِكَ بِعَوْدِهِ فِي يَوْمِهِ إلَى مَحَلِّهِ إذْ قَدْ تَبَيَّنَ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِهِ، وَمُجَرَّدُ الْوُصُولِ إلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ اسْتِكْمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِيهِ لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ مَعَ تَعَدِّيهِ بِالْإِفْسَادِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَثَبَتَ شَوَّالٌ نَهَارًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَطْلَعِ أَهْلُهُ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ صَارَ وَاجِبُهُ الصَّوْمَ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَثُبُوتُ شَوَّالٍ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لَا يُفْسِدُ نِيَّتَهُ وَصَوْمَهُ لِزَوَالِ أَثَرِ الثُّبُوتِ فِي حَقِّهِ بِانْتِقَالِهِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرَ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَا مَرَضٍ وَسَفَرٍ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُمَا طُرُوُّ الرِّدَّةِ اهـ.

أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْجُنُونُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ طَرَأَ وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ مَحَلِّهِ فَوَجَدَ أَهْلَهُ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ إلَخْ) بَلْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ: لَهُ تَصَدَّقْ بِهَذَا بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِاسْتِقْرَارِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الشَّيْخُ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ وَالشَّيْخَانِ نَقْلًا مَا حَكَمَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ إلَى مَسْأَلَةِ الظَّنِّ أَيْ بِالِاجْتِهَادِ إذْ هُوَ الَّذِي جَوَّزَ الْإِفْطَارَ بِهِ فَلَا إثْمَ وَإِلَّا فَيَأْثَمُ بِهِ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ لَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِفْطَارُ بِاجْتِهَادٍ، أَوْ مُجَرَّدِ ظَنٍّ بِلَا أَمَارَةٍ، أَوْ شَكٍّ لِلشُّبْهَةِ إذْ الْكَفَّارَةُ تَسْقُطُ بِهَا وَإِنْ كَانَ آثِمًا بِهِ كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَحَوَاشِيهِ وَأَوْرَدَ عَلَى السُّقُوطِ بِالشُّبْهَةِ وُجُوبَهَا عَلَى الصَّبِيِّ إذَا جَامَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ نَهَارًا، وَالْمُسَافِرِ إذَا جَامَعَ بَعْدَ عُرُوضِ سَفَرِهِ نَهَارًا اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ

(قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ الْعَاجِزِ) هَلْ يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ هُنَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ مُمَوَّنِهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ الثَّانِي

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْكِفَايَةِ) أَيْ الْعُمُرِ الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ تَطَوُّعٌ إلَخْ) كَتَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>