للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَرْضِ، وَهُوَ الْغَالِبُ) أَيْ يَجِبُ كَوْنُ الْمَدِّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَرْضِ وُجُوبِهِ، وَجِنْسُهُ جِنْسُ الْفِطْرَةِ فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ، وَالسَّوِيقُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (لِصَاحِبَيْ مَسْكَنَةٍ وَفَقْرٍ) أَيْ صَرْفُ الْمُدِّ وَاجِبٌ لِلْمِسْكِينِ، وَالْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ، وَالْخَبَرِ، وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ، أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ صَرْفِهِ لِاثْنَيْنِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبَا التَّعْلِيقَةِ وَالتَّمِيمِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ امْتِنَاعُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ، وَمُدُّ الْكَفَّارَةِ لَا يُعْطَى لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَهُ إعْطَاءُ وَاحِدٍ أَمْدَادًا؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ (قُلْت وَمَا مَجْرَى الزَّكَاةِ يَجْرِي) أَيْ الْمُدُّ أَيْ لَا يَجْرِي مَجْرَاهَا فِي وُجُوبِ الصَّرْفِ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ، أَوْ سَبْعَةٍ وَوُجُوبُ اسْتِيعَابِ الْمُسْتَحِقِّ إنْ انْحَصَرَ، وَالصَّرْفُ لِثَلَاثَةٍ مِنْهُ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ بَلْ يَجِبُ صَرْفُهُ لِفَقِيرٍ، أَوْ مِسْكِينٍ فَقَطْ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ: (مِنْ إرْثِ مَنْ أَمْكَنَهُ الْقَضَا وَمَا قَضَى) صِلَةُ صَرَفَ كَمَا تَقَرَّرَ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ مَاتَ عَقِبَ رَمَضَانَ، أَوْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْعُذْرُ إلَى مَوْتِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا عَدَمُ الْعُذْرِ فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ

. (وَفِي) صَوْمِ (تَكْفِيرِ قَتْلٍ) ، أَوْ نَذْرٍ (لَزِمَا) صَرْفُ مُدٍّ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ أَمْكَنَهُ الصَّوْمُ وَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ لِإِطْلَاقِ خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَفَّارَةُ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِأَنَّهُ: هُنَا بَدَلٌ عَمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ جَزَمَ بِهِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْوَارِثَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إخْرَاجِ الْفِدْيَةِ، وَالصَّوْمِ، وَالِاسْتِئْجَارِ، وَالْوَلِيُّ غَيْرُ الْوَارِثِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ وَلَوْ قَالَ: بَعْضُ الْوَرَثَةِ نُطْعِمُ وَبَعْضُهُمْ نَصُومُ أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ؛ لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ حَجَرٌ أَقُولُ: وَمَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِينَ لَوْ سَبَقَ الْآخَرُونَ إلَى الصَّوْمِ قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ وَامْتِنَاعُ الْإِطْعَامِ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةِ الْمُطْعِمِينَ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّوْمِ الْجَائِزِ لِلْآخَرِينَ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ مَأْذُونُهُ) أَيْ فَيَجُوزُ صَوْمُهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونِهَا وَفِي النَّاشِرِيِّ وَإِذَا جَوَّزْنَا الِاسْتِئْجَارَ دُفِعَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْفِدْيَةِ اُعْتُبِرَ رِضَا الْوَرَثَةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الصَّوْمِ اهـ.

وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِمْ، أَوْ حِصَّتِهِمْ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْضًا آخَرَ مِنْهُمْ؟ فِيهِ تَأَمُّلٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ سم (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ مَأْذُونُهُ) أَمَّا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ قَرِيبٌ وَلَا مَيِّتٌ فَيَمْتَنِعُ صَوْمُهُ وَكَذَا إطْعَامُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِقَوْلِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَارِثَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِطْعَامِ، وَالصَّوْمِ، وَالِاسْتِئْجَارِ أَيْ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مِنْ رَأْسِ التَّرِكَةِ، وَالْقَرِيبُ غَيْرُ مُخَيَّرٍ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ اهـ.

وَمَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُ أَنَّ الْقَرِيبَ غَيْرُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ يَرُدُّهُ تَصْرِيحُ النَّوَوِيِّ بِجَوَازِهِ لَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ: أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ لَمْ يَرْتَضِ مَا فِيهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا أَنَّهُ انْفَرَدَ بِذَلِكَ شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ إلَخْ) فَلَا يَجُوزُ اسْتِقْلَالُ الْأَجْنَبِيِّ بِالصَّوْمِ قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ مِنْ الْحَجِّ بِأَنَّ: لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ: لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضُيِّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ، وَالصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ اهـ.

كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ قِيلَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِذْنِ، وَالْمَأْذُونِ الْبُلُوغُ لَا الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ حُرِّيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَالصَّبِيِّ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.

إلَّا أَنَّ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْذَنُ بَلْ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ غَلَبَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَجِنْسُهُ جِنْسُ الْفِطْرَةِ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: الْقَفَّالُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى مِائَةِ مِسْكِينٍ مَثَلًا اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَ هَذَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ إذَا فَرَّقَ الطَّعَامَ جَوَازُ إعْطَاءِ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِأَنَّ: الْمُدَّ هُنَا يَدُلُّ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَكَذَا بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ وَبِأَنَّ: الْمَغْرُورَ ثَمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: إنْ انْحَصَرَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) إنْ فَاتَهُ بِعُذْرٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: مَنْ أَمْكَنَهُ الصَّوْمُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

وَيَسْتَوِيَانِ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَرْضِ وُجُوبِهِ) فِي التُّحْفَةِ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَلَدِ الَّذِي يُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ عِنْدَ أَوَّلِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِاعْتِبَارِ مَحَلِّ وُجُوبِ الْمُدِّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ إذْ قَدْ يَمُوتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَوَّلَ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ الصَّغِيرِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ فِي مَحَلِّ الْمُكَفِّرِ حَالَ الْأَدَاءِ خِلَافًا لِمَنْ عَبَّرَ بِحَالِ الْوُجُوبِ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ اهـ.

تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ لَا يَتَقَيَّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>